Take a fresh look at your lifestyle.

بنغلادش في عهد الشيخة حسينة قصة رقمية لإفلاس الرأسمالية

 

جاءت حكومة الشيخة حسينة، عميلة الولايات المتحدة وبريطانيا والهند إلى السلطة مرة أخرى في عام 2009 مع شعار ” بنغلادش الرقمية “، ومنذ ذلك الحين والتحول السريع في بنغلادش إلى دولة فاشلة وضعيفة أصبح بالفعل أكثر من رقمي! ومع ذلك، فإنّه عندما يتعلق الأمر بتوفير الرفاهية للشعب في البلاد فإنّ القصة تصبح إفلاسا رقميا، فقد عانى الاقتصاد بسبب سوء الإدارة الحكومية، وفي الواقع فإنّه لن يكون من المبالغ فيه أن نقول أنّ شعب بنغلادش اليوم يواجه واحدة من أصعب الفترات الاقتصادية الصعبة التي مرت خلال العقود الأربعة الماضية، وكل شيء بدأ في سوق الأسهم، وهو آلة القمار الرقمية للرأسمالية.

 

في بداية عام 2009 وعندما تولت حكومة الشيخة حسينة السلطة، كان مؤشر سوق الأسهم الرئيسية في بنغلادش، دكا للأوراق المالية (DSE)، يشير إلى 2538.79 نقطة، مع إجمالي رأس المال السوقي 13.86 مليار دولار، ثم في غضون فترة تقل عن عامين، أي في 5 ديسمبر 2010، ازدهر المؤشر العام للسوق ليصبح 58.52 مليار دولار! فما هو السحر الرقمي في الازدهار الاقتصادي الرأسمالي الذي حصل في بنغلادش في خضم الركود الاقتصادي العالمي؟! حسينة ووزراؤها وما يُسمى بالمجتمع المدني هللوا لنجاح سياسة حكومتهم الاقتصادية، وبدؤوا يقولون أنّه مع ازدهار السوق الكبير فإنّ الملايين من الناس قد حصلوا على وظائف، وأعلنت الشيخة حسينة ووزراؤها بأنهم سيفون بوعدهم الانتخابي في توفير وظيفة واحدة لكل عائلة، كما لو أنّ هذا النجاح حقيقيا.

 

واصل صغار المدّخرين والنساء، التقرب إلى السوق كما لو أنّ هذا البالون لن ينفجر، ثم جاء اليوم الكبير في ديسمبر 2010، عندما انهارت السوق بسبب ضغوط بيع كبيرة من الذين عملوا وراء ألأبواب المغلقة للحفاظ على ازدهار الكازينو هذا، واستمر في الانهيار إلى أقل من عام، وفي 15 نوفمبر 2011 انخفض مؤشر الأسهم إلى أدنى مستوياته، برأس مالي سوقي 33.90 مليار دولار، وتبخر حوالي 50 ٪  أي ما يعادل 25 مليار دولار من السوق، وخلّف صغار المستثمرين أو 15 مليون شخص في عوز شديد، هذه هي الطريقة التي قامت بها الشيخة حسينة بتوفير الصندوق المحلي والأجنبي في انتخابات عام 2008 العامة، فقد كان ذلك أكثر ذكاء من اختلاس الأموال المزعومة (0.856 مليار دولار) أو السرقة التي قام بها طارق عبد الرحمن، نجل رئيس الوزراء السابق وزعيمة المعارضة الحالية خالدة ضياء، فنجل الشيخة حسينة، مهندس الكمبيوتر ومساعدوه كانوا أكثر إبداعا في السرقة!

 

حاولت الحكومة التغطية على الفضيحة على مدار العام الماضي، وواصلت حسينة سياسة ” دع المركب يسير” أو “الوقت هو المداوي الكبير” بحيث فقدت الاحتجاجات اليومية الغاضبة من قبل أولئك الذين تم إغرائهم للاستثمار في الكازينو وخسروا ​​كل شيء في نهاية المطاف، فقدوا تدريجيا حماسهم ومقدرتهم على مواصلة احتجاجاتهم و تمكن اللصوص من النجاة بفعلتهم، وهي الآن تتطلع إلى جولة أخرى من كسب جمع التبرعات لها، فقد ترأست الشيخة حسينة هذا الأسبوع شخصيا لجنة للإشراف على سوق الأسهم سيئة السمعة مرة أخرى، وهي الآن تطلب من قطاعي المصارف والتأمين الاستثمار في هذا السوق، وهو مقدمة لكارثة أخرى كما يتضح من تحطم أسواق الولايات المتحدة الأمريكية للأسهم وآثارها الدورية.

 

وبالنسبة لحسينة فإنّ ذلك لم يكن كافيا، فسياسة حكومتها الاقتصادية لم تفشل فقط بين الطبقة الوسطى البالغة 3.3 مليون شخص والذين جعلتهم معسرين، بل رصدت بي بي سي جنوب آسيا في الثالث من نوفمبر 2011  تقارير تفيد بأنّه وللمرة الأولى في تاريخ بنغلادش، فإنّه من أجل تلبية الطلب على النقد فقد اتخذت الحكومة مبادرات لتأمين مليار دولار من الديون السيادية من البلدان الأجنبية، وإصدار سندات خزينة لما بين 5 إلى 10 سنوات، وللجميع أن يفهموا خطورة تأثير ذلك على الاقتصاد، يكفي التذكير بأنّ الدول المتقدمة قد أخفقت في إدارة اقتصادياتها من خلال تبني إستراتيجية من هذا القبيل، والركود في مختلف أنحاء أوروبا هو مثال صارخ على ذلك، وفي السنة المالية الحالية (2011-2012) حددت الحكومة هدف استدانة 4.28 مليار دولار من البنوك التجارية المحلية لتمويل العجز في ميزانيتها، ومع ذلك، ففي غضون 5 أشهر فقط من العام المالي الحالي، استدانت الحكومة كل يوم 14.28 مليون دولار من البنوك التجارية المحلية، وبهذا تكون حكومة الشيخة حسينة قد اقترضت 3.85 مليار دولار أي 90 ٪ من مجموع سقف الاقتراض الذي حددته لنفسها، وأصبحت أكبر أربعة بنوك تجارية وطنية على وشك الإفلاس، بل وحتى البنك المركزي لبنغلاديش أوضح أنّ “المصارف المحلية لن تكون قادرة على توفير المال بعد الآن، لأنّ القطاع الخاص لن يحصل على أي قروض من البنوك إذا استمرت الحكومة في مواصلة الاقتراض”.

 

بالنظر في أداء هذه الحكومة الكئيبة على الصعيد الاقتصادي، لا بد من طرح سؤال، لماذا تقترض هذه الحكومة كثيرا؟ وليس هناك من جواب حقيقي من الحكومة، وفي الواقع فقد كان النمو في عائدات الضرائب في الربع الأول من يوليو إلى سبتمبر من العام المالي الحالي 15٪، ما يعادل 2.58 مليار دولار، في حين أنّ النمو في المجموع كان 25٪. ومن ناحية أخرى فقد تم تنفيذ 11٪ فقط من برنامج التنمية السنوي في الربع الأول من العام المالي الحالي وكان مجموع النفقات 0.70 مليار دولار فقط. وبالتالي يبقى السؤال أين ذهب المال؟ بعض التفسير جاء من الحكومة وهو أنّ سعر النفط في السوق الدولية قد ارتفع، وبالتالي فإنّ على الحكومة زيادة التمويل، وإلا فان استمرار الدعم لن يكون ممكنا، وما هذه إلا كذبة كبيرة، فبادئ ذي بدء، فقد زادت الحكومة أسعار البنزين أكثر من 100٪ في الأشهر الثلاثة الماضية لتمويل الدعم. وعلاوة على ذلك فقد تم زيادة سعر النفط في هذا الشهر لأكثر من 10 ٪ في حين يتوقع ارتفاع سعر البنزين بنسبة 90 ٪ أخرى في الأشهر المقبلة. وعلاوة على ذلك، فإنّه إذا نقص البنزين أو النفط فهي مشكلتنا، وهي بالتأكيد ليست كذلك، فلماذا تزيد الحكومة هذا العبء على الشعب من خلال منح النفط والغاز إلى الشركات الأمريكية متعددة الجنسيات والشركات الأجنبية مثل كونوكو فيليبس، وتوافق على عقود تشتري فيها الحكومة غازنا أو نفطنا من هذه الشركات المتعددة الجنسيات وبالأسعار الدولية؟ّ! والذي سيستهلك 80٪ من الإنتاج اليومي. بالإضافة إلى ذلك فإنّه بما أنّ حكومة الشيخة حسينة هي التي أبرمت مثل هذه العقود لإثبات ولائها لأسيادها الأمريكان، فلماذا يجب على المائة والستين مسلما دفع ثمن ذلك؟ وهذه الزيادة في أسعار زيت الوقود والديزل وغيرها قبل موسم الحصاد “الأرز” سيؤدي بالتأكيد إلى زيادة تكلفة الإنتاج، وبعد ذلك سيعاني كل مواطن من زيادة تكاليف المعيشة في بلد يبلغ فيه معدل التضخم أكثر من 50 ٪ سنويا.

 

من خلال استمرار الشيخة حسينة في تطبيق النظام الرأسمالي الاقتصادي، مثل أسلافها، تحولت بنغلادش إلى أمة مفلسة، لذا فقد حان الوقت للمائة والستين مليون مسلم في بنغلادش أن يعلموا بأنّه لا يمكن أن يكون لديهم فرص اقتصادية وتحقيق إمكانات مواردنا الاقتصادية التي أنعم الله سبحانه وتعالى علينا بها في هذا العالم إلا بأن تدار وتستغل هذه الموارد من أجل خير الجميع، من خلال إيجاد الحكومة التي تنبذ السياسات الاقتصادية الرأسمالية ولا تستند إلى نظام السوق الحر، بل الحكومة التي تديرها على أساس النظام الاقتصادي الإسلامي تحت ظل دولة الخلافة، حقا لقد خذلت الرأسمالية وأنصارها الإنسانية، لذا فقد حان الوقت لإدراك كيف سيتحول الكابوس الاقتصادي في ظل هذا النظام إلى نعمة اقتصادية في ظل نظام الإسلام.

 

جعفر محمد أبو عبد الله

دكا ، بنغلادش