باكستان، المفتاح لتحقيق أهداف السياسات الخارجية للولايات المتحدة في آسيا الوسطى والمحيط الهادئ
قالت وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون في الورقة التي نشرتها مجلة “الفورن بولسي” في العدد الذي نشر في نوفمبر: “ولما أوشكت الحرب في العراق وأفغانستان على نهايتها بدأنا بسحب قواتنا من أفغانستان، فإن الولايات المتحدة تقف عند النقطة المحورية… ونحن بحاجة إلى أن نكون أذكياء ومنهجيين في السنوات العشرة المقبلة، حول الأماكن التي نستثمر فيه الوقت والطاقة… واحد أهم المهام أمام الحكام في أمريكا على مدى العقد المقبل هو تأمين الاستثمارات الكبيرة، الدبلوماسية والاقتصادية والإستراتيجية وغيرها في منطقة آسيا والمحيط الهادي”، ولما تحدثت عن الصين قالت “حان الوقت للولايات المتحدة للقيام باستثمارات مماثلة كقوة في المحيط الهادئ”، وقد تمت ملاحظة هذا التحول في التركيز من العراق وأفغانستان إلى الصين من قبل كثير من المحللين السياسيين والمراقبين في جميع أنحاء العالم.
من الواضح تماما أنّه بعد انسداد طرق ممرات الطاقة التجارية الصينية من خلال الوجود العسكري الضخم في أفغانستان، فإنّ الولايات المتحدة تستعد الآن لتعزيز وجودها في جميع أنحاء شرق وجنوب الصين، ويمكن للهند واليابان، الأعداء التقليديين للصين لعب دور حاسم في هذا الصدد، وقد قامت أمريكا بالفعل ببناء شبكة من القواعد العسكرية في جميع أنحاء منطقة المحيط الهادئ، مع قواعد لا تقل عن سبعة في كوريا الجنوبية واليابان والفلبين وتايلاند وسنغافورة وغوام، والآن استراليا. وتريد الولايات المتحدة الآن تخويف الصين من خلال دعم جيرانها، وكان أوباما قد اجتمع مع رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ في اندونيسيا على هامش قمة الآسيان، وقامت هيلاري كلينتون بزيارة غير متوقعة لميانمار، الدولة التي لديها أطول حدود مع الصين بالمقارنة مع حجمها.
ترى الولايات المتحدة في العلاقات بين الهند وباكستان بابا منظورا لاحتواء الصين، لذلك كان هناك ضغط غير عادي نحو تطبيع العلاقات بين الهند وباكستان بعد زيارة هيلاري لباكستان في أكتوبر من هذا العام، وفي هذا السياق قامت الحكومة الباكستانية بمنح الهند ميزة (الأمة الأولى بالرعاية)، وهو ما كانت الهند تطمح له منذ سنوات، وقد كانت هذه مبادرة رئيسية من باكستان بالرغم من أنّ باكستان كانت تلوم الهند في تورطها في المناطق القبلية وبلوشستان، ولكن باكستان تستخدم هذه الذريعة لتحفيز الجنود الباكستانيين لتنفيذ عمليات عسكرية وحشية في المناطق القبلية، والتي شردت الملايين وقتلت الآلاف من المسلمين، وعلاوة على ذلك، فقد انفصلت باكستان تماما عن قضية كشمير، وهو الطلب الهندي القديم، وفقط في غضون أيام قليلة، زار فريق المصارعة الهندي باكستان وذهب فريق الكركت الباكستاني إلى الهند، كما أنّ سلسلة من العاب الكريكيت ستنظم بين الهند وباكستان العام القادم، وتهدف كل هذه الأساليب الدبلوماسية العامة إلى تطبيع العلاقات بين البلدين.
والسؤال هو، كيف يمكن للعلاقات بين الهند وباكستان أن تؤثر في الأهداف الإستراتيجية الأمريكية في آسيا والمحيط الهادئ؟
بالنسبة للصين فإنّ الهند أكبر منافس لها في الكتلة اليابسة الآسيوية، وكانت قد خاضت حربا معها، وحاليا لها أطول حدود متنازع عليها في العالم، والولايات المتحدة تريد بناء الهند كثقل اقتصادي وعسكري موازي للصين، وبحالة وجود حالة العداء بين الهند وباكستان لا يمكن للهند حصر التفكير في تهديد الصين، والولايات المتحدة تعرف أيضا أنّه لا يمكنها حل قضية كشمير وبالتالي فإنّ عليها دفن القضية فقط وتطبيع العلاقات بين باكستان والهند بحيث يمكنهما من العمل ككتلة واحدة في مواجهة الصين. وبالتالي فإنّه من الأهمية بمكان تطبيع العلاقات بين الهند وباكستان لتتمكن الهند من سحب قواتها من كشمير والتركيز على الصين فقط، وقد أجبرت الولايات المتحدة باكستان والمخابرات الباكستانية على وقف عملياتها داخل الهند ومنح الهند الاستقرار السياسي، وفي الوقت نفسه تعمل الولايات المتحدة على بناء الهند اقتصاديا وعسكريا، ضمن منح الهند القدرات النووية المدنية وفتح الأسواق الأميركية للبضائع الهندية وأمور أخرى. وعلاوة على ذلك تعمل الولايات المتحدة على دعم الهند للعب دور إقليمي وصولا إلى أفغانستان وآسيا الوسطى، هذا هو سبب سماح الولايات المتحدة للهند بالحصول على موطئ قدم لها في أفغانستان من خلال بناء سلسلة من القنصليات على طول الحدود الباكستانية الأفغانية، كما لوت الولايات المتحدة ذراع باكستان لتسمح بوصول البضائع الهندية إلى آسيا الوسطى عبر أراضيها، وبالتالي فإنّ باكستان هي المفتاح لتحقيق أهداف الولايات المتحدة في تحقيق الهيمنة في منطقة المحيط الهادئ، والعملاء في القيادة العسكرية والسياسية في باكستان يلعبون دورا قذرا وفقا للمخطط الاستراتيجي للولايات المتحدة بدلا من العمل على تأمين مصالح المسلمين في باكستان وكشمير.
ومن ثم أصبحت باكستان بيدقا رئيسيا في أيدي الولايات المتحدة تعمل من خلالها على تحقيق الاستقرار في أفغانستان وآسيا الوسطى فضلا عن تعزيز مكانة الهند لمواجهة الصين، وللأسف فإن القيادة الحالية لا ترى القوة الإستراتيجية لباكستان، والمشجعون لهذه القيادة يقومون بعملية التضليل على الدوام بإدعاء أنّ باكستان أضعف من أن تدافع عن نفسها! فهم يزعمون بأنّ باكستان ليس لديها خيار سوى أن تكون تابعة للولايات المتحدة.
إلا أنّ القيادة المخلصة تحت الحكم الإسلامي ستتمكن من استغلال هذه القوة الإستراتيجية، ليس فقط لتوسيع حدود الخلافة إلى آسيا الوسطى، بل وستكون قادرة على احتواء الصين.
نفيذ بوت
الناطق الرسمي لحزب التحرير في باكستان