على ضوء نتائج الانتخابات في كل من مصر وتونس والمغرب
أظهرت نتائج الانتخابات في كل من مصر وتونس والمغرب توجه الأمة نحو الإسلام وشديد شوقها لأن تحكم به.
فالمسلمون بانتخابهم لمرشحي الحركات والأحزاب الإسلامية إنما يريدون بذلك الإسلام ولا شيء غير الإسلام.
وهذه النتائج ستضع هذه الأحزاب والحركات الإسلامية التي تستعد لممارسة الحكم بشكله الرأسمالي الديمقراطي أمام حقيقة صادمة وهي أنهم لا يحملون المشروع الإسلامي بل يتبنون النظام الرأسمالي الديمقراطي بعد أن ظنوا أنهم أسلموه بأغلفتهم الزائفة.
وستصدمهم هذه الحقيقة بعد الإخفاق الحتمي في تحقيق طموحات الأمة بإخراجها من حالة الشقاء والمعاناة تماما كما أخفقت الرأسمالية وأنظمتها وحرياتها في عُقر دارها.
وسيكون لهذا الإخفاق الحتمي انعكاسات على الأمة بان تفقد الثقة بمن يتصدر العمل السياسي على أساس الإسلام، وفتنة السطحيين والعوام من أبناء الإسلام عن حقيقة الإسلام وقدرته على حل كل مشاكل الحياة التي يعاني منها البشر.
فهل هذه الحركات والأحزاب قادرة على تحمل هذه الخطيئة أمام الله والأمة؟
وبهذا الإخفاق الحتمي الناتج عن إهدار فرصة ذهبية لتمكين الإسلام من الحكم وبناء الدولة النموذج- والتي إن وجدت ستؤثر حتما بشكل ايجابي في نظرة شعوب العالم إلى الإسلام- ستحمل هذه الحركات والأحزاب خطيئة أخرى في حق الإسلام ونظرة الشعوب الأخرى إليه وستحمل أيضا خطيئة إهدار فرصة تسويق الإسلام كنظام حياة في الوقت الذي أفلست فيه الرأسمالية وتناضل شعوبها من اجل إسقاطها.
ولإدراك المخلصين الواعين لحتمية هذا الإخفاق جرّاء عدم تبني الإسلام كنظام حياة كامل من قبل هذه الحركات التي ستحكم، ولإدراك المخلصين الواعين أيضا للفرق الكبير بين أن يكون الإسلاميون في الحكم وبين أن يكون الإسلام في الحكم، ولإدراكهم أيضا بان هؤلاء لا يمثلون الأمة وحقيقة اختيارها كونها تريد الإسلام وهم يحكمون بغيره، لهذه الإدراكات والحقائق كلها سيكون من واجب هؤلاء المخلصين الواعين تكثيف العمل الدعوي بالصراع الفكري والكفاح السياسي وسيوجب عليهم أن يبذلوا أقصى الجهود في تبيان حقيقة الإسلام للناس وتبديد الضباب الذي أحدثه هؤلاء ليراه الناس كما أُنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، وسيكون من واجبهم الإصرار على ترسيخ المفهوم بان الإسلام دين ومنه الدولة، وسيوجب عليهم هذا الإدراك مواصلة المحاسبة لهؤلاء بوصفهم حكاماً لتعريف الناس بالحقِّ كي يتمكنوا من معرفة أهله، وبالتالي ستدرك هذه الأمة العظيمة حقيقة التزام هذه الحركات بالإسلام وأحكامه من عَدَمِه، وستدرك حرصهم على الحكم والبقاء فيه بعد أن تتيقن الأمة من أن هذه الحركات من أجل الحكم قد تنازلت عن الكثير الكثير من الأحكام الشرعية والكثير الكثير من مفاهيم العقيدة وبعد أن تقابل الصراع الفكري والكفاح السياسي بالقمع والتنكيل وبتسخير الإعلام بالهجوم على فكرة الخلافة والداعين لها.
ممدوح أبو سوا
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية الأردن