خبر وتعليق من سينهض ليسد الفراغ السياسي في باكستان
يواجه شعب باكستان اليوم عددا كبيرا من التحديات التي تهدد وجود البلاد ويشمل ذلك: التهديدات الأمريكية في العمل من جانب واحد خارج المنطقة القبلية، وجهودها من أجل الاستيلاء على أصول البلاد النووية الثمينة، والتمرد المدعوم من قبل الهند في بلوشستان، وزيادة حوادث التفجيرات الانتحارية، وحالة الاقتصاد التي يرثى لها.
ولكن ربما يكون من أكبرالمصائب التي ابتليت الأمة فيها هي الفراغ في القيادة التي تهم جميع شرائح المجتمع، ومن مظاهر هذا الفراغ الرهيب الفشل الذريع لحكومة زرداري وسلوكياتها العميلة الحالية، والتي فتحت فجأة بابا للمتسابقين السياسيين المقربين لمشرف لمساندة أمريكا، في محاولة يائسة لإنجاح “حزب تحريك انصاف” حزب عمران خان، في الانتخابات العامة المقبلة. وإذا كان عمران خان مستعدا للتضحية بمصداقية حزبه الذي لم يُعرف عنه الفساد، فللمرء أن يتخيل كيف سيبدو مستقبل باكستان “خالية من الفساد”.
إن السياسيين ليسوا هم المذنبين فقط، فكبار قادة الجيش والبيروقراطيون الكبار والصناعيون وقادة المجتمع المدني يشتركون هم أيضا في الذنب، وبعبارة أخرى، فإنّ هؤلاء جميعا لا يمكنهم التنصل من المسؤولية أو ببساطة دفن رؤوسهم في الرمال، ولكن الشيء المشترك الوحيد بين قادة الشعب هو توسلهم للقوى الأجنبية.
وبلا حياء يخطب الساسة ود المسئولين الأمريكيين والبريطانيين وذلك بتنفيذ الساسة الخطط بشكل متكرر في رحلاتهم إلى دبي ولندن وواشنطن حتى لأصغر القضايا، وهناك نسبة كبيرة منهم يعلنون الرغبة في العبودية للقوى الغربية، وتعزيز مصالحهم دون خجل، ثم هناك شبه السياسيين الإسلاميون أضافت مساهماتهم مزيدا من الفساد في المشهد السياسي، وإضفاءا للشرعية على ممارسات الحكام البغيضة، وتدميرا لثقة العامة في الإسلام السياسي.
سلوك أعلى الرتب العسكرية سيء هو الآخر، فسلوك كياني مثل سلفه مشرف يحتال ملء السماء والأرض لتأمين المصالح الأمريكية في باكستان، والذبح العشوائي في الباكستانيين على يد المتعطشين للدماء من قبل الطائرات الأمريكية التي تقلع من قواعد جوية باكستانية، وهجوم أبوت أباد مثال على ذلك، وهي إحدى إنجازاته الجديرة بالملاحظة.
إنّ تجمعات رجال الأعمال والصناعيين ليست في مأمن من هذا النقد، فالتاريخ يشهد أنّهم راضون عن أن يكونوا مرافقين مع أي حكومة، مدنية أو عسكرية، طالما يتم الحفاظ على قانون الضرائب، الذي يبقيها إلى أدنى حد ممكن، ويتم منحهم حصانة من التخلف عن سداد القروض، وعندما يتم قياس الانجازات لرجال الأعمال في مجال نقل التكنولوجيا والمساهمة في تحقيق الأمة للاكتفاء الذاتي يظهر أنها وصلت إلى درجة متدنية من الفشل، وباختصار، فإنّ القيادة في باكستان فشلت منذ نشأتها في عام 1947 في تحرير باكستان من القهر الفكري والسياسي والاقتصادي للقوى الاستعمارية.
ويمكن أن يُعزى السبب الرئيس وراء مأزق القيادة الباكستانية إلى عامل واحد، وهو النظام الاقتصادي والسياسي الذي خلفه البريطانيون، وتم تعديله في وقت لاحق من قبل الولايات المتحدة، وقد أثمر هذا النظام عددا كبيرا من القادة المدنيين والعسكريين من المهزومين والفاسدين والمفتونين بالغرب، وفي حرصهم على خدمة القوى الغربية، يتبنون بلا هوادة الحلول الغربية وتطبيقها على جميع مناحي الحياة الباكستانية، فكانت عقلية “القص واللصق” فاشلة، حيث عجزت هذه “الحلول” المعتمدة عن حل مشاكل باكستان لمعارضتها للمعتقدات والقيم الثقافية التي يرنوا إليها الناس، بعد ذلك، شهدت باكستان سنوات من الاضطراب والاستقطاب التي بلغت ذروتها هذه الأيام .
إنّ الخلاص الوحيد لباكستان هو بقيادة إسلامية حيوية جديدة، تأخذ بمقاليد السلطة وتنهض باكستان، ويجب أن تكون هذه القيادة مختلفة جذريا عن القيادات الماضية، ولا يمكن أن تكون قائمة على النظم الفاسدة في البلاد والمؤسسات، ويجب أن يكون لديها إحساس حاد بمشاكل باكستان ورؤية أيديولوجية تعبّر عن معتقدات وقيم الشعب، ويجب أن تتجنب العنف، ويجب أن تكون جريئة بما يكفي لقيادة الجماهير في ثورة شاملة ضد النظام العلماني الحالي وهدم كل ما تبقى من الهيمنة الغربية.
وصف الغرب هذا الاتجاه السياسي للحركة بإعادة إحياء الخلافة، ونهاية أزمة القيادة في باكستان يعتمد على مدى سرعة أهل باكستان في الاستيقاظ من سباتهم واحتضان هذه الظاهرة، قال تعالى ((… إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ…)).
عابد مصطفى