Take a fresh look at your lifestyle.

سلسلة من قلب الثورة السورية ح4 لعنة الشام.. تـُسقط النظام

عندما بدأت الثورات في الوطن العربي ابتداءً بتونس ومن ثم بمصر بدأت العصابة الأسدية بالتجهيز للتصدي لانتقال عدوى الثورات إلى سوريا, فبدأت بالتركيز على حلب الشهباء وعلى حماة أبي الفداء كونهما كانتا معقل الثورة في الثمانينات , فحلب هي المدينة الثانية في سوريا وهي العاصمة الاقتصادية لها , فبالإضافة إلى فروع الأمن الكثيرة الموجودة في حلب, يوجد عصابات الشبيحة وطبقة التجار المؤيدة للنظام والمتورطة معه، وبعض العشائر المسلحة الموالية للعصابة الأسدية مثل عشيرة بري وغيرها. ومما تسرب من داخل النظام أن الخطة الأمنية التي وُضعت لمواجهة أية تظاهرات شبيهة بتظاهرات مصر هي دس الشبيحة المسلحة بين المتظاهرين واتهامها بوجود عصابات مسلحة فيها ليسهل القضاء عليهم. مع التواطؤ مع أنظمة عربية مجاورة مثل لبنان والعراق لتنظيم تهريب “أسلحة” عبر حدودها لسوريا. وتم توزيع الأدوار على أن توأد التحركات في حلب في المهد، وفي حماة تُقمع قمعاً دموياً بمجازر شبيهة بالثمانينات، بحيث يتم خلال أيام القضاء عليها تماماً.

 

ولكن الصفعة الأولى التي أتت للنظام كانت أن المناطق التي تحركت لم تكن بالحسبان، فبدأت بدرعا وتوسعت إلى كل حوران، وتجاوب معها الساحل السوري وخاصة عقر دار النظام، اللاذقية وبانياس.

 

والصفعة الثانية التي لم تتوقعها العصابة الأسدية أن تخرج ثورة من المدينة التي يتمركزون فيها , ألا وهي دمشق الفيحاء، حيث تسرح وتمرح قوى النظام القمعية، وقصر الشعب الذي بناه المقبور حافظ الأسد على شرفة من جبل قاسيون يطل على كل دمشق كي يكون قصراً ملكياً له ولذريته، فيرى رئيس الشبيحة والقتلة بنفسه منه كيف تتفلت العاصمة من بين يديه.

 

وأصبح الجامع الأموي رمزاً للثورة في أحياء دمشق القديمة .وجامع الشيخ عبد الكريم الرفاعي رمزاً للثورة في حي كفر سوسة . وجامع الحسن رمزاً للثورة في حي الميدان . وجامع السلام رمزاً للثورة في حي برزة . وجامع أبو بكر الصديق (الجامع الكبير) رمزاً للثورة في حي القابون . وجامع الحنابلة رمزاً للثورة في حي الصالحية .وجامع سعيد باشا رمزاً للثورة في حي ركن الدين . وجامع زيد بن ثابت رمزاً للثورة في حي الإطفائية وما حولها حتى شارع النصر.

 

ولم يقتصر ثوار الشام وريفها الأبي على ذلك بل إنهم تجرؤا على التظاهر في وسط دمشق مثل ساحة الحجاز وساحة البرامكة وساحة الشهبندر وسوق الحميدية وساحة المرجة بل وصلت التظاهرات إلى المهاجرين وأبو رمانة الأحياء “النوبل” التي يسكن أفراد النظام فيها. ثم جنّ جنون النظام لما تحركت الجموع باتجاه أكبر ساحة دمشقية وهي ساحة العباسيين لاحتلالها والاعتصام فيها. فأوعز لشبيحته ولقواته العسكرية أن ينصبوا أسلحتهم وقناصتهم على محيط الساحة وأن يقتلوا دون هوادة كل من يحاول الاقتراب منها، وهذا ما كان، منذ الشهر الثاني للثورة.

 

لقد أصبحت دمشق تقض مضاجع عائلة السفاح بشار ونظامه, ففي صلاة العيد صلى في جامع أبيه المقبور حافظ المبني داخل ثكنة عسكرية على غير عادته , وفي صلاة عيد الأضحى طار بعيدا فصلى خارج دمشق كلها في جامع النور في محافظة الرقة. واضطر للكشف عن أنيابه في الداخل الدمشقي حيث نصب الحواجز بين أحيائها وقطع أوصالها وصار يظهر عليها أنها تعيش حالة حرب .

 

الصفعة الثالثة أتت لبشار ونظامه من حمص التي كانت تُصنف على أنها ذات نسبة مؤيدة للنظام كبيرة، كما أن أهلها معروف عنهم مسالمتهم وهدوؤهم وخلقهم. فما كان منها إلا أن استلمت شعلة الثورة بعد درعا والساحل فازدادت بها اشتعالا وأشعلت بوهجها جبل الزاوية في الشمال ومنطقة الجزيرة في الشرق مما أنتج انشقاقات كبيرة من أبناء هذه المناطق الذين هم عماد الجيش السوري.

 

ومع كل هذا الزخم والاشتعال للثورة في كل أنحاء سوريا، مما لم يتوقعه أحد لا من الداخل ولا من الخارج، ولكنها حكمة الله التي لا يدركها أحد، فإن الأعين كلها تتطلع لدمشق الشام فهي الوحيدة التي تستطيع حسم القضية وإنهاء الصراع بنجاح الثورة وإزالة بشار وشرذمته وكنسهم ليصبحوا في مزبلة التاريخ.

لذا ضغط النظام بكل ما أوتي من قوة على الداخل الدمشقي، وجلب لذلك عناصر منحطة حاقدة كشبيحة من الذين ذُكروا في الحديث الشريف:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس..) الحديث، رواه مسلم.

وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يوشك إن طالت بك مدة، أوشكت أن ترى قوماً، يغدون في سخط الله، ويروحون في لعنة الله، في أيديهم مثلُ أذناب البقر) رواه مسلم.

حتى وصل الأمر أن يقف لجموع المصلين عقب صلاة الجمعة أضعاف أعدادهم من الشبيحة لضربهم وقتلهم. وفي إحدى الجمع نزل من حافلات الأمن حوالي مائتين من الشبيحة وهجموا على الخارجين من المسجد من بابه الخلفي ولم يصل عدد المصلين لخمسين، وما إن اقتربوا منهم حتى صاح أحد الأبطال فيهم بكل قوة: الله أكبر، فكبر الجميع معه بصوت زلزل الأرض. فارتعد الشبيحة وتراجعوا وركضوا لحافلاتهم يختبئون كالفئران.

إن أملنا بنصر الله، ثم أن ينحاز جيشنا وقواتنا المسلحة كلها لأهلهم ولثورتنا فإنهم المستفيدون معنا من هذا النصر، وهم أولا وأخيرا جزء من هذه الأمة.

“يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله” -صدق الله العظيم.

بإذن الله تعالى وببركة دعاء الرسول المصطفى عليه وآله أفضل الصلاة والسلام ستكون الشام مقبرة النظام.

كتبه للإذاعة: حامد الشامي