Take a fresh look at your lifestyle.

ما هي راية المسلمين؟ ولماذا اختار رسولنا محمد صلى صلى الله عليه وسلم العقاب اسما لرايته؟

 

أ – إن العرب أيها المسلمون تسمي العقاب الكاسر وقيل في الكاحل – العقاب سيد الطيور والنسر عريفها وهو حاد البصر ولذلك قالت العرب (أبصر من عقاب) وهو يأوي إلى الجبال أو الصحارى أو الفياض، وأنثاه تسمى لَِقوة ( بالفتح والكسر)، وتبيض بيضات تحضنها ثلاثين يوماً.

 

والعقاب (بضم العين) من طيور السماء الجارحة وجمعه عقبان، لأنه مؤنثة، والكثير عقبان، وعقابين جمع الجمع.

ومن بعض صفاته أيها الأخوة الأفاضل:-

1- أنه ملك الطيور بلا منازع.

2- سيد الطيور والهواء

3- إذا حلّق بالسماء لم يجرؤ طير أن يطير في السماء أو يتحرك من مكانه في الأرض.

4- أشد الجوارح حرارة وأقواها حركة وأيبسها مزاجاً.

5- خفيف الجناح سريع الطيران.

6- ريشها الذي عليه فروتها في الشتاء وحليتها في الصيف.

7- لا يأكل إلا من صيده.

8- لا يأكل إلا حياً.

9- لا يأكل حتى يجوع.

10-إذا أكل لا يشبع.

11- يأكل الطيور إلا قلوبها.

12-يأكل الحيات إلا رؤوسها.

13-لا يأكل الجيف والحشرات.

14- ان لم يجد صيداً طازجاً شهياً يأكله فإنه لا يأكل، ويظل جائعاً.

 

ب – ما من أمة من الأمم ولا قوم من الأقوام إلا ويتخذون لأنفسهم راية، تكون هذه الراية دليلاً على عزتهم وكبريائهم وعظمتهم إذا ارتفعت، وإذا نكست كانت دليلاً على ذلهم وإهانتهم، فقد جاء في الحديث (أنه كان من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم  أن يسمي دوابه ومتاعه، فقد سمي ناقته التي هاجر عليها من مكة إلى المدينة المنورة (القصواء)، وسمى سيفه الذي يشهد به الحروب (بذي الفقار)، وسيف أخر له سماه (بالرسوب)، وسيف آخر سماه (البتار)، وراية له سماها (بالعقاب) )، أخرجه الطبراني من حديث ابن عباس.

 

ج – فلماذا سمى النبي صلى الله عليه وسلم  رايته (العقاب) وعلى ماذا يدل؟

1- إن العقاب أيها الأخوة هو طير من الطيور الجارحة، بل هو أقوى الطيور الجارحة بلا منازع، هذا الطير من صفاته أنه لا يسمح لطير أن يطير فوقه، بل لا يترك طيراً يطير وعقاب في السماء، هذا إن دل فإنما يدل على أنه يا مسلمون ابقوا هذه الراية مرفوعة ولا تجعلوا راية ترتفع فوقها وأبقوها هي الظاهرة، وهي العليا، لأنها تحمل كلمة الله، وكلمة الله هي العليا، وأبقوا هذا الإسلام ظاهراً، فالإسلام يعلو ولا يعلى عليه، مصداقاً لقوله سبحانه وتعالى (( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون)) الآية 9 من سورة الصف.

 

2- ومن صفات هذا الطائر أيضاً أنه أسرع الطيور، فقد قيل عنه إنه يتغذى في العراق ويتعشى في اليمن من شدة سرعته، والمعنى المراد أيها المسلمون، احملوا هذه الراية مسرعين فاتحين كل بقعة وكل رابية، وكل بلد ناشرين فيه دين الحق، ناشرين العدل بين الناس، ناشرين الرحمة بين الناس بلا تقاعس ولا توانٍ.

 

3- وكذلك من صفات هذا الطائر أنه إذا  اشتكى وجعاً في كبده، أكل أكباد الثعالب والأرانب فيبرأ، والمعنى أيها المسلمون بأن قتال الكفار الخبيثين واغتنام  الغنائم منهم هو علاج شاف لأمراض المسلمين ومشاكلهم، وشفاء لصدورهم لقوله تعالى (( قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزيهم وينصركم عليهم ويشفِ صدور قوم مؤمنين)) الآية 14 من سورة التوبة.

 

4- ومن صفات هذا الطائر أيضاً أنه لا يأكل إلا من صيده فلا يأكل من صيد غيره، ولا يأكل من الجيف، ويبقى جائعاً حتى يصطاد، والمعنى المراد أيها المسلمون أن هذه رايتكم وهي دليل عليكم، فكونوا صابرين على الأذى، لا تتنازلوا، ولا تتهاونوا، ولا تهادنوا، ولا تتنازلوا عن أي حكم شرعي أو فكرة واحدة، بل لا تشركوا مع هذه الراية رايات أخرى فتكون وبالاً عليكم ومتسلطة عليكم، تتنازلون من أجل الاستعانة بهم ومساعدتهم، لذلك النبي صلى الله عليه وسلم  في غزوة أحد عندما رأى كتيبة خشناء مقبلة تحمل رايات غير رايات الإسلام فقال لمن هذه، فقالوا هذه كتيبة عبد الله بن سلام، فقال ردوها، لا نستضيئ بنار المشركين، والنار هنا كناية عن الراية، أي لا يحمل بيننا راية غير راية التوحيد، راية الشهادتين (( لا إله إلا الله محمد رسول الله)) لأن بها وحدها فقط عزنا، بها وحدها فقط فخرنا، فلا تشركوا معها غيرها.

 

د – هذه هي المعاني الجليلة التي يحملها هذا الاسم الذي اختاره الرسول محمد صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، فلا عجب أنه أراد أن يكون لدولة المسلمين من الصفات بين دول العالم ما للعقاب من الصفات مما ليس لغيره من جوارح الطيور لتكون دولة عزيزة منيعة مهيبة ترعب أعداءها وتفتك بمن يتجرأ على دينها.

 

هـ – جاء في السيرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  دفع اللواء الأعظم أبيض إلى مصعب بن عمير رضي الله عنه وكان أمامه رايتان سوداوان إحداهما راية المهاجرين مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقال لها العقاب، والأخرى راية الأنصار مع سعد بن معاذ رضي الله عنه.

 

  • وفي النهاية أن اسم راية الرسول صلى الله عليه وسلم  العقاب، وهي العلم الضخم، وذكر الكتاني رحمه الله تفاصيل هذه الراية في التراتيب الإدارية:- فهي شملة من صوف سوداء مربعة كتب فيها بالأبيض ( لا إله إلا الله محمد رسول الله) وكان اسمها العقاب.

 

  • وجاء في الحاوي للسيوطي:- وقال ابن سعد أنا عتاب بن زياد أنا عبد الله بن المبارك أنا سفيان ممن سمع الحسن رضي الله عنه  يقول (كانت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم  سوداء تسمى العقاب وعمامته سوداء).

 

  • وجنح الترمذي إلى التفرقة فترجم بالألوية وأورد حديث جابر (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  دخل مكة ولواؤه أبيض ثم ترجم للرايات وأورد حديث البراء بن عازب (أن راية رسول الله صلى الله عليه وسلم  كانت سوداء مربعة من نمرة)، وحديث ابن عباس (كانت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم  سوداء ولواؤه أبيض) أخرجه الترمذي وابن ماجه.

 

  • وقال ابن حجر في الفتح:- وقال أبو بكر بن العربي: اللواء غير الراية، فاللواء ما يعقد في طرف الرمح ويلوى عليه، والراية ما يعقد فيه ويترك حتى تصفقه الرياح، وقيل اللواء دون الراية: وقيل اللواء هو العلم الضخم.

 

  • والعلم علامة لمحل الأمير يدور معه حيث دار، والراية يتولاها صاحب الحرب.

 

و – يتبين لنا مما تقدم أن راية رسولكم صلى الله عليه وسلم  كانت سوداء مكتوباً فيها بالأبيض ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) بدلها المسلمون اليوم للأسف بكثير من الرايات التي ما أنزل بها من سلطان ولا معنى لها غير معنى التفرقة، والشرذمة تحت شعار الوطنيات، والقوميات، والمذهبيات وغيرها…، وبعد أن هدم المستعمر دولة الإسلام فرق بلاد المسلمين وأقام فيها كيانات عديدة، جعل لكل كيان ولكل شعب راية يفتخر بها، ويعتز بها، منذ ذلك الحين لم تر الأمة طعماً للعزة والكرامة في ظل هذه الرايات، لكن عندما كان المسلمون يحملون راية رسول الله صلى الله عليه وسلم  راية ( لا إله إلا الله محمد رسول الله) وصلوا الصين شرقاً ووصلوا حدود فرنسا غرباً.

وقد صدق عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما قال ( نحن قوم أعزنا الله بالإسلام ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله).

 

ز – إن الذي يجري في بلاد المسلمين منذ هدمت دولة الخلافة إنما هو نكسة مؤقتة وسوف تنتهي قريباً بإذن الله تعالى لأن سنة التغيير هي من سنن الله تعالى، وقد تحدث بلمح البصر وهي ممكنة مهما كانت قوة تلك الجيوش وولاؤها للحكام ووعد الله قائم للمخلصين للتمكين، قال تعالى (( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير)) آل عمران 26.

 

وقد قال أحد المسلمين:-

أيا أمتي إن فيك رجال عزائمهم تضاهي الجبال
وفيهم من الصبر والاحتمال والحزم ما يفوق الخيال
شباب قد عزموا الامتثال لشرع الله بدون جدال

 

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخوكم هاني البطاينة – أبو أيمن