Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق نشيد كيان يهود يُعزف في القاهرة

 

الخبر :

 

تناقلت وسائل الاعلام اليهودية إن أول سفير لكيان يهود في مصر منذ إسقاط الرئيس حسني مبارك في مطلع العام الماضي بدأ مهام عمله رسميا في خطوة تستهدف استمرار العلاقات بين البلدين. وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إن السلام الوطني الإسرائيلي عزف في مراسم في بالقاهرة التقى فيها سفير كيان يهود مع المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون مصر منذ الإطاحة بمبارك. وفي نقس الصدد ذكرت مصادر في حكومة كيان يهود في اول فبراير/شباط أناسلاميي مصر، يتخذون موقفا براغماتيا بشأن العلاقة مع (إسرائيل)، موضحة أن النية لديهم تتجه نحو الحفاظ على معاهدة السلام مع (إسرائيل) وفي الوقت نفسه رفض تطبيع العلاقات معها.

 

التعليق :

لقد أطاحت الثورات بطغاة كانوا بالنسبة لأميركا وأوروبا بمثابة أدوات تنفيذية لسياساتهما في المنطقة. وان عجز أميركا وأوروبا عن التصدّي لهذه الثورات وإجهاضها الجأهما لتملّق تلك الثورات وإعلان الانفتاح على الحوار مع القوى السياسية الجديدة وفي مقدّمتهم ما يسمى بالاسلاميين. وبعدما شهدت أميركا وأوروبا تهافت القوى الجديدة في الانفتاح على الغرب، اخذتا تتساءلان عن موقف تلك القوى من تطبيق الشريعة الاسلامية وموقفها من المعاهدات الدولية ومن كيان يهود واتفاقية كامب ديفيد وغيرها من الاتفاقيات, وذلك في محاولة لاستدراج التنازلات المسبقة من القوى السياسية الجديدة قبل وصولها الى سدة الحكم. وكرد على التساؤلات الغربية، خرجت أصوات تؤكد احتراَم المعاهدات والاتفاقات وتتحدث عن هدنة طويلة مع كيان يهود، وتطمئن الغرب بانها معتدلة، وتؤيد الدولة المدنية. فلا تريد منع الربا و تداول الخمور ولن تسعى الى تطبيق انظمة الاسلام في الحكم والاقتصاد… كل ذلك بحجة ان المرحلة الجديدة تقتضي هذا الامر، ذلك العذر الذي سبق أن قدّمه الطغاة المخلوعين لتبرير انصياعهم لأوامر الغرب. لقد بدا واضحا الان ان بعض القوى الجديدة تعاني نفس الامراض التي تفشت في عقول القوى القديمة من براغماتية و واقعية، الأمر الذي يدفعهم الى استرضاء الغرب وتقديم التنازلات، اما تجاهلا لحرمة ذلك شرعا او التفافا على النصوص الشرعية لتبرير تنازلاتهم.

 

اما تلك القوى فلا زالت غير مدركة ان هذا الانفتاح على الغرب هو انتحار سياسي على الرغم من ان الطغاة المخلوعين سبقوها اليه ولم ينفعهم في مواجهة ثورات شارع ادرك عمالتهم للغرب. فبدلا من تقديم التنازلات كان الاولى التأكيد على أن حقبة الانظمة السابقة يجب أن يُعاد النظر فيها امتثالا لرغبة الشارع، خاصة بعدما ادرك هذا الشارع ان العداء هو سمة من سمات سياسة أميركا والغرب في العالم الاسلامي، حيث كان المطلوب، ولم يزل، أن تقوم العلاقات على أساس الاستعمار والمستعمرات او السيد والاتباع او العملاء. لقد حان الوقت لتعي القوى السياسية ان القوة الفعلية التي تحميها و تحمي النطام، أي نظام، لا تكمن في الغرب، بل في الشارع والرأي العام، الأمر الذي اثبته هذا الشارع بقدرته على الاطاحة بافظع طغاة هذا العصر، رغم انف اسيادهم في الغرب.

 

ثم ان سياسة الانفتاح على الغرب واستمداد العون منه لا تليق بقوى سياسية تسعى الى تمثّيل الثورات والشارع في المرحلة الراهنة، فهذه السياسة ميزت القوى القديمة التي طالما مثلت على الشارع ـ بل ومثلت به ـ في سبيل ارضاء الغرب. وبالاضافة الى ذلك فإن هذه السياسة تحفظ للغرب نفوذه وتتيح له التدخل في العملية السياسية والشؤون الاقتصادية في حقبة ما بعد الثورة، فتضعف الثورة وتضعف وعي الشارع وموقفه، الذي بات يهدد نفوذ الغرب في بلاد المسلمين.

 

ان القوى الجديدة لم تقرا الثورات قراءة واعية تمكنها من تقدير الموقف بشكل صحيح، بحيث تدرك تغيير موازين القوى وتعي أنه لا حاجة لها لتقديم التنازلات. فالقوى الجديدة بدأت رحلة تنازلات على الرغم من ان ميزان القوى في مصلحتها. فعلى الصعيد الخارجي نجد أميركا وأوروبا تخشيا الصدام مع الثورات وتتجنب الاصطدام مع ارادة الشارع العربي، سيما وانهما تعانيان فترة عصيبة إثر هزيمتهما في العراق وأفغانستان وإثر معضلتهما المالية ومحاولة انزوائهما على ذاتهما لترميم جراحهما. وعلى الصعيد الداخلي نجد المتربصين بالتيار الإسلامي بكل أطيافه في مأزق تاريخي لفقدانهم القدرة على التواصل مع الطموحات الاسلامية للشارع. فيا لأصحاب حُمى الواقعية حين لايحسنون تقدّير الموقف وحساب ميزان القوى، فتراهم يجعلون البراغماتيين، من امثال مبارك وبن علي، اسوة حسنة عند خوضهم العمل السياسي وان كان في ظل حالة ثورية وبعد وصول المشاعر الاسلامية والتعطش للانفلات من قبضة الغرب الى مستوى غير المسبوق!

 

اما حُمى الثقافة الغربية فوقعها انكى، اذ تكاد ان تجعل القوى الجديدة جزءا من الواقع الذي يأمل الشارع تغييره. فبينما نشاهد اجماعا من قبل سياسيي الغرب على ان انظمة بلادهم وثقافتها لابد ان تقوم فقط على اساس ديانتهم المسيحية وعقيدتهم العلمانية، نجد سياسيي القوى الجديدة في العالم الاسلامي يتنكرون لثقافتهم الاسلامية ويكررون ان ديمقراطية الغرب وقيمه هي المبادئ الأساسية لضمان التعايش لشعوب الربيع العربي! متجاهلين ما تعانيه الأقليات والجالية المسلمة في الغرب من التمييز والتهميش في ظل تلك القيم، وضاربين بعرض الحائط قيم الاسلام التي اثبتت عبر التاريخ قدرتها على ضمان التعايش والتقدم والازدهار. حتى ان بعض القوى الجديدة من المحسوبين على التيار الاسلامي اعلن تفهمه لتخوف الغرب وعملائه من وجود الاسلام في الحكم، فاصبحت الدعوة للاطاحة بالصحوة الإسلاميّة وإحباطها وجهة نظر تطرح دون حياء او خجل… واصبح تملق العدو والانصياع له تكتيكا سياسيا…!!!، فصدق فيهم قوله عليه الصلاة والسلام: إذا لَم تَستَحح فَاصْنَع مَا شِئت.

 

وفي ظل ما سبق يصعب تصور انعتاق القوى السياسية الجديدة من قبضة الغرب ويُستبعد خروجها عن اطار الترقيعات الجزئية للواقع الفاسد. ان اعتماد البراغماتية في سياسة هذه القوى يجعل التبعية سجية لها ويجعلها تأبى الا ان تكون جزءا من الواقع، فتفقد القدرة على تمثيل شعوب اندفعت في ثورة تجاوزت المطالب الاقتصادية فكانت ثورة انعتاق من هيمنة الطغاة واسيادهم في الغرب. ورغم عقود طويلة استعبدت فيها الشعوب وسلبت سلطانها وصودرت ثقافتها، ها هي تستفيق لتعيد كرامتها ودورها في الحياة وقد ادركت الثمن الباهظ لثوراتها، فقدمت تضحيات بطولية وانجزت الخطوات الأولى نحو الانعتاق، ومهدت طريق التغيير الجذري. فمن اراد تمثيل شعوب كهذه لا بد ان يستكمل الانعتاق ولا بد ان يرفع سقف اهدافه ويرفض التبعية في ثقافته وخطابه وسياساته.

 

 

 

شادي فريجة
الممثل الإعلامي لحزب التحرير ـ إسكندينافيا