Take a fresh look at your lifestyle.

شجرة الكنانة خلاصها وقايةٌ و سقاية

إن ما نراه في أرض الكنانة من تيهٍ وتخبط وضبابية في تحديد الطريق الآمن لثورة مباركة بإذن الله، ليجعل القلب يعتصر ألماً لِما آلت إليه الأمة في أرض الكنانة حيث لا أسود ولا أبيض ولا طعم ولا رائحة في ثورة قدمت الشهداء (نحسبهم عند الله كذلك) والتضحيات ولكنها لم تصل مبتغاها الحقيقي وكل ذلك لأنهم خرجوا في مليونيات عديدة يطالبون بالشريعة الإسلامية وبتطبيق الإسلام، مما ضاعفَ حَنَقَ عليهم أميركا وحلفائها في الغرب وعملائهم في مصر الكنانة، وجعلهم يسخّرون كل شئ في سبيل الحفاظ على نفوذهم وسيطرتهم على أهلنا الكرام في مصر، فأحدثت السياسات الأميركية لوأد هذه الثورة المباركة بإذن الله، تشويشاً عند أهل مصر وتشكيكاً في كل شيء حتى أصبح الحليم حيراناً فيها فقد شهدتُ هذه الثورة في مصر وعاصرت استفتاء عقد لأجل تعديل بعض مواد الدستور، ففُرض على الناس خيارين إما نعم وإما لا، فخرج الناس يصطفون للمشاركة وكان الواحد منهم يسأل أخاه أين مصلحة مصر؟ أهي في خيار (نعم) أم خيار (لا)؟ فكنت أسألهم فلا أجد عندهم إجابة لأنهم كانوا منبهرين بنجاح الثورة التي فتحت لهم المجال في تعديل بعض مواد الدستور الذي لم يكونوا يحلمون يوماً بأنهم سيعدلون مادة واحدة من مواده ناهيك عن تعديل بضعة مواد، ومن التخبط والحيرة دعمهم لمن لم يقل بتطبيق الشريعة الإسلامية، كما أن الأمة تعرف جيداً أن هؤلاء الذين أوصلتهم للسلطة قد صرحوا علنا وسراً بأنهم سيحافظون على اتفاقية كامب ديفيد وكل المعاهدات مع إسرائيل مع أن الأمة في مصر قد خرجت في مليونيات تتوعد فيها بتحرير المسجد الأقصى من دنس يهود، هذه المليونيات التي شهدناها أعادت لأذهاننا أمجاد الأمة وماضيها الشامخ في تحرير المسجد الأقصى من الصلييبين من قبل والتتار، فكل هذه الأمثلة تدل بكل تأكيد على الضبابية والتشويش ولم يكن كل هذا من فراغ فهناك عمل مدبر ومُبيت لإحداث كل هذا التضليل فيا ترى ما هي عناصر هذا التضليل أو التشويش المتعمد والمفتعل؟

إن الناظر لواقع الساحة السياسية في مصر من حيث الجهات المسيطرة على الساحة السياسية والمفاهيم الفاعلة والمؤثرة تأثيراً يحدث وقائع جديدة وأحداث جديدة سيجد ثلاثة عناصر تؤثر على مسار الثورة مما يجعل أهل مصر يتساءلون لماذا قامت الثورة؟ هل قمنا بالثورة لأجل حرب الجيش أو لأجل سفك الدماء في الشوارع؟ أو لأجل إهانة المسلمات في الميادين بكشف عوراتهن بالقوة وجرهن كالبهائم؟ أم لبيع الغاز لإسرائيل؟ وكثير من الأسئلة الدالة على الحيرة.

العنصر الأول: هو عقيدة الطاعة العمياء في الجيش. هذه العقيدة التي تؤيدها الأمة في مصر حتى الآن مع أنها طاعة محرمة في الإسلام، قَالَ عَمْرُو بْنُ زُنَيْبٍ الْعَنْبَرِيُّ: إِنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ مُعَاذًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ لَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِكَ، وَلَا يَأْخُذُونَ بِأَمْرِكَ، فَمَا تَأْمُرُ فِي أَمْرِهِمْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا طَاعَةَ لِمَنْ لَمْ يُطِعِ اللَّهَ» مسند أحمد مخرجاً، وعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ جَيْشًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا فَأَوْقَدَ نَارًا وَقَالَ: ادْخُلُوهَا، فَأَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا، وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّمَا فَرَرْنَا مِنْهَا، فَذَكَرُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِلَّذِينَ أَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا: «لَوْ دَخَلُوهَا لَمْ يَزَالُوا فِيهَا إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ» ، وَقَالَ لِلْآخَرِينَ: «لاَ طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ» صحيح البخاري، فالمجلس العسكري يستخف بالجند ولكنهم يفعلون كما فعل جند فرعون وقومه حيث قال تعالى فيه: “فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ” فهنا لا طاعة للمجلس العسكري لأنه لم يطع الله لأنه يتلقى الأوامر والأموال من أميركا لأنه يدافع عن اليهود وعن سفارتهم في مصر وعن دولتهم المزعومة في فلسطين المباركة، ومن الخطأ الذي نجده مستشرياً في مصر هو تفاخر أهلها بهذه الطاعة العمياء حيث يعتبرونها سبب قوة الجيش، وعقيدة الطاعة العمياء هي عقيدة الأميركان وعملائهم الذين ساموا أهل مصر سوء العذاب بسياساتهم السقيمة والمعادية للإسلام فإن الثائر الحقيقي هو الذي يرفض كل ما له علاقة بالمنظومة الحاكمة عقائدها ودساتيرها ودفاترها وكل ما له صلة بها. وبذلك يكونون قد دعموا هذه العقيدة وأيدوها فمن باب أولى أن يحتضن الجيش هذه العقيدة طالما رضيها الشعب وكأن الشعب يمسك الجيش بيد حتى لا يسقط ويدفعه باليد الأخرى حتى يسقط وهذا محال، وهذه كارثة يجب التخلص منها لأن هذه العقيدة هي سر قوة المجلس العسكري فإذا تخلى عنها الشعب وحاربها في الجيش وكافح الشعب هذه العقيدة استطاع أن يُسْقِطَ المجلس العسكري بكل سهولة ويحدث انقلاب عسكري في الجيش لصالح الإسلام الحقيقي الذي يرفض طاعة المجلس العسكري التي هي طاعة في معصية الله كما بيّنا.

العنصر الثاني: هو الإعلام المرئي والمسموع والمقروء الذي يتناغم مع سياسة المجلس العسكري بل هو الذراع الإعلامي للمجلس العسكري حيث نجده ينفذ كل مؤامراته بكل حرفية، فيفخم ما يريده المجلس ويهمل ويهزأ مما يريد المجلس إهماله ورأينا كل هذا حيث يعمل على إبراز شخصيات على أنها مؤثرة وهي في الحقيقة ليست كذلك مثل أحمد شفيق وعمرو موسى ومحمد البرادعي وغيرهم، وليؤكد لشباب مصر أن هذه الشخصيات بريئة من مبارك والمجلس وأنها شخصيات صادقة ومخلصة ينشر بعض لقاءات شباب 6 أبريل مع هؤلاء الشخصيات ثم يظهر اطمئنان شباب 6 أبريل حتى يطمئن شباب مصر العمود الفقري للثورة، كما نشر الإعلام لقاءات شباب 6 أبريل مع طنطاوي نفسه ليبين أن المجلس سيلبي مطالب شباب الثورة حتى يطمئنوا مما جعلهم يفوتون فرصة الإطاحة بالمجلس في ذلك الوقت الذي كانت فيه الثورة في أوج زخمها، ويركز على مواضيع ليست من الأهمية بمكان مثل موضوع البنت التي نشرت صورها وهي عارية يوم الخميس قبل جمعة المطالبة بالشريعة الإسلامية حتى يشتت على الناس أمر هذه الجمعة ويصرفهم عن عقدها، كما يوجد زخماً لمواضيع الدولة المدنية ويعتبرها الإعلام تقدماً وحضارة و يهزأ من مشروع الدولة الإسلامية ويخوف الناس منها بل يخوف الأقباط منها ويبث كل شيء فيه تهييج للأقباط على المسلمين مثل قضايا زوجات القساوسة اللاتي دخلن في الإسلام فيظهرها على أنها تذويب للأقلية، فإذا أُعْتدِي على قبطي يقول الإعلام هو اعتداء عنصري من بعض المسلمين على الأقباط ثم يوبخ المسلمين توبيخ الأب لابنه على طريقة حسني مبارك الأب!! وهو نفسه التوبيخ الذي يقوم به المجلس العسكري سليل مبارك الأب!!، وإذا أُعتدِي على مسلم يقول إن الأقباط اعتدوا على المسلمين ويبرر لهم الاعتداء لأنهم مضطهدون، ويبث أفكاراً غير موجودة عند الأقباط وهي حكم مصر، فهو بحق خطاب فتنة كما أن الإعلام قد صور مشروع تعديل بضعة مواد من الدستور على أنه عمل يصب في مصلحة أهل مصر وغض الطرف عن مناقشة الأساس الذي يُغيَر به الدستور والقوانين وجعل هذا من اختصاص القانونيين (العلمانيين) ثم إنه يروج للانتخابات الرئاسية على أنها هي البلسم الشافي وهذا ما يقوله المجلس العسكري ويعمل لأجله، ثم إن الإعلام يَسْخَر من شباب مصر ويعتبرهم متهورين و”فوضجية” وهي نفس اللهجة التي يتهم بها المجلس العسكري الشباب البريء الطامح والمُفترى عليه. وبالتالي يجب تحرير الإعلام فكرياً ومادياً وذلك بكفاحه وكشفه وفضحه وفضح الأفكار والمفاهيم التي يلعب عليها على أساس الإسلام وأفكاره ومفاهيمه وتبين أنّ مفاهيم الإعلام العلماني تخالف الإسلام جملةً وتفصيلاً، مما يؤدي إلى سخط الله وتأخير نزول نصره على الناس حتى يثبت له جلّ وعلا صدق توجههم نحوه سبحانه.

العنصر الثالث: يكمن في وجود المؤسسات والهيئات الغربية أو العميلة للغرب من مثل السفارات وملحقاتها ومنظمات الأمم المتحدة وبناتها (من مثل منظمات تنمية المرأة ومنظمات تطوير الشباب وغيرها) والمراكز التابعة لها أو المراكز الأوروبية أو الأمريكية والجامعة الأميركية والمعاهد الأميركية خاصةً لأن حسني مبارك المخلوع قد عقد اتفاقيات في مجال التعليم والتي بسببها أدخلت أميركا جامعاتها ومعاهدها ومراكزها إلى مصر وكذلك الشركات والبنوك الأجنبية المشبوهة، فكلها يجب طردها وطر د سفارة كيان يهود، يجب طردهم لغير رجعة بل يجب إخطارهم بأننا سنأتيهم في عقر دارهم لنعلّمهم كيف يعيش الإنسان عزيزاً بربه وبدينه فلا يتكلفوا عناء السفر إلينا. أقول يجب التخلص من هذه المؤسسات والهيئات لأنها تخرّج وتفرّخ العملاء الذين ينازعون الشعب ويحرفونه عن توجهه إلى الطريق الآمنة لثورة خرجت من بعد تعثرٍ ومخاضٍ أليم. ويتحقق هذا الطرد بمكافحة هذه المؤسسات على أساس الإسلام حتى يعلم أهل مصر أنها تعاديهم وتحاربهم بشتى الوسائل لأجل أن تكون مصر حارسة للكيان الصهيوني الغاصب.

كما أنني أبشر بأن هذا البرنامج إذا تم تدشينه في مصر ستكون ردة فعل الشعب إيجابية وقوية لأنهم سيشعرون بصدق لهجة هذا البرنامج مما يحدث زخماً إيجابياً للثورة يقلب الطاولة على أميركا وعملائها، والمفرح أيضاً أن هذا البرنامج سلاح ذو حدين السلاح الأول هو تحرير مصر من تحكم وسيطرة أميركا والسلاح الثاني هو التشويش وصرفها عن التركيز في قضية الأمة الإسلامية في أرض الشام المباركة مما يجعل بشار وحيداً في مواجهة الأمة التي ستسحقه تحت أقدام أطفالها ونسائها وشيوخها وشبابها زهرة عمرها. إذاً سيكفي منتوج ثمار شجرة الكنانة أهلها وأهل الشام بإذن الله.

فإذا تمت وقاية شجرة الكنانة من هذه الآفات الثلاثة ثم سقيت بماء الإسلام فإنها ستنمو في جوٍ متعافٍ وسليم من كل آفة وسوف تؤتي أُكلَها في كل حين بإذن ربها عطاءً سخاءً يسر الناظرين.

وسنعود جندَ عقيدةٍ وضاءةٍ تسمو بكونٍ ضجّ بالأثقالِ

سنعود راياتٍ تعانقُ مصحفي وسيوفَ حقٍ تهتدي بهلالِ

سنعود فلتصحُ النفوسُ لدينا ولتمضِ قافلةُ الهُدى في الحالِ

سنعود زحفاً تحت ظلّ خلافةٍ في فتح غربٍ كافرٍ وشمالِ

الفجر أقبل لا بل الفجر عاد لن تضن الشمس بالإعجالِ

الفجر أقبل بل الفجر عاد فابشري يا أمتي هذا أوان تحطم الأغلالِ

 

كتبه للإذاعة ابن مالك- السودان