أمريكا تخشى أن يتحطم صنيعتها بشار على أيدي المسلمين قبل إنضاج البديل فتحيي الحل اليمني وتلوِّح بالتدخل العسكري متوهمةً منع عودة الإسلام إلى الحكم من جديد!
أمريكا تخشى أن يتحطم صنيعتها بشار على أيدي المسلمين قبل إنضاج البديل
فتحيي الحل اليمني وتلوِّح بالتدخل العسكري متوهمةً منع عودة الإسلام إلى الحكم من جديد!
في تصريح لافت، قال رئيس أركان الجيش الأمريكي الجنرال مارتن ديمبسي يوم الاثنين في 28/5/2012م: “إن وزارة الدفاع الأمريكية، البنتاجون، مستعدة لخيار التدخل العسكري لإنهاء العنف الدائر في سوريا”. يأتي هذا التصريح المفاجئ، بعد سلسلة تصريحات من وزير الدفاع الأمريكي بانيتا، ومن وزيرة الخارجية كلينتون، ومن رأس النظام الأمريكي نفسه أوباما بأنه لا تدخل عسكرياً في سوريا لأن ذلك من شأنه تعقيد الأمور. وكان آخر هذه التصريحات في اجتماع “الثماني” ثم اجتماع دول الناتو.
لقد كان الخط العام للسياسة الأمريكية في سوريا هو إفساح المجال لصنيعتها بشار ليقتل ويبطش إلى أن تصنع بديلاً جديداً يحافظ على استمرار نفوذها في سوريا، وكانت تُسوِّق لإفساح المجال هذا بالمناداة بالانتقال السياسي السلمي للحكم، والتفاوض، والإمهال تلو الإمهال لتفرغ من صنع العميل القادم البديل للعميل الحالي… وفي هذا الاتجاه كانت المبادرات السابقة، والمراقبون العرب، ثم المراقبون الدوليون… وآخر هذه السلسلة مبادرة عنان التي جات خدمةً للخط العام للسياسة الأمريكية، وهذا ما صرّح به عنان نفسه، حيث دعا الحكومة والمعارضة إلى الجلوس إلى طاولة الحوار، وقال إن مهمته هي إيجاد حل للصراع في سوريا ويمكن أن تبدأ بعملية سياسية…
إن مبادرة عنان هذه هي مبادرة أمريكية بامتياز، وقد جاءت زيارته بعد مجزرة الحولة مباشرة، وفي أجواء تسارع المقاطعات الدبلوماسية للنظام السوري، حاملةً رسالة إلى الشعب السوري أن لا خلاص لكم من النظام السوري إلا بالحل الأمريكي! هكذا تُسوِّق أمريكا لخطتها: نظام مجرم يمارس ما يتقنه من جرائم مروّعة بحق المدنيين العزل، ومبادرة يقودها عنان الذي يُتقن فنَّ التغطية على الجرائم ضد الإنسانية! وسابقته في البوسنة شاهد على ذلك، فإنَّ ذاكرتنا ما زالت تحتفظ بصور مجازر البوسنة المهولة حين ترك الغرب مسلميها يُذبحون ويُقتلون زمناً طويلاً، حيث قُتل 8000 رجل وطفل من المسلمين البوسنيين في سيربرينتسا، وكان عنان نفسه وقتها مسؤولاً عن قسم عمليات السلام في الأمم المتحدة. ولما شعروا أن الكفة قد مالت لصالح المسلمين تدخلوا وفرضوا حلولهم الجائرة.
وكما تغيرت لهجة أمريكا في البوسنة إلى التدخل العسكري عندما رجحت كفة المسلمين، فأرادت أن تكسر شوكتهم وتُلجئهم إلى القبول بالحل الذي وضعته، فكذلك هي الآن في سوريا بعدما رأت أن كفة الثائرين الأشاوس هي الراجحة، وأن صنيعتها بشار يترنح ولم يعد قادراً على الصمود حتى تُنضج البديل، فبدأت لهجة أمريكا تتغير من إعطاء المهل لبشار للقتل والبطش، إلى محاولة التغيير من داخل النظام برحيل بشار وتولية نائبه من بعده كما دعت إلى ذلك قطر من قبل على الطريقة اليمنية، ورفضتها في حينه أمريكا وأتباعها في النظام السوري لأن تلك الطريقة صناعة بريطانية، ثم هي الآن تعود إليها، حيث شدد أوباما مع زعماء الدول “الثماني” على ضرورة رحيل الأسد، وأشار إلى اليمن كنموذج لانتقال سياسي يمكن أن ينجح في سوريا… وفي هذا الاتجاه أيضاً صرّح مستشار الأمن القومي الأمريكي توماس جونيلون بأن أوباما أثار موضوع خطة الانتقال السلمي على الطريقة اليمنية مع رئيس وزراء روسيا ميديفيدف على هامش اجتماع “الثماني” في كامب ديفيد، وأنها ستكون على طاولة المحادثات بين أوباما وبوتين في أول لقاء يجمعهما…
ولأن أمريكا تدرك أن الثائرين في سوريا لم يثوروا لتغيير عميل بعميل، أو تبديل وجه قبيح بآخر أشد قبحاً أو أخف قبحاً، وأن بشار ونائبه ونائب نائبه وكل زبانيته… هم في الجريمة والوحشية والخيانة سواء، وأن الثائرين لن يرضوا بديلاً إلا قلع النظام من جذوره، وإقامة حكم الإسلام الخلافة الراشدة في الشام عقر دار الإسلام… لهذا لجأت أمريكا إلى التهديد بالتدخل العسكري، فكان تصريح رئيس أركان الجيش الأمريكي مارتن ديمبسي المذكور، وهو إشارة إلى استعدادها لخيار التدخل العسكري في حال تَهَدَّد نُفوذُها في سوريا، وليس المقصود التدخل لتغيير النظام السوري كما يظن بعض الناس! إن توقيت هذا التصريح يعطي إشارة واضحة إلى وصول الوضع السوري إلى حالة من التأزم الخطير الذي يُهدد نفوذ أمريكا فيه. وهو يدل كذلك على أن نظام بشار لم يعد قادراً على الاستمرار حتى إنضاج البديل، ولذلك فأمريكا تلوح بالتدخل العسكري لإخافة الثوار لكي لا يقيموا حكم الإسلام في سوريا، ومن ثم تنكفئ أمريكا إلى عقر دارها دون رجعة…
أيها المسلمون: إن الوضع الداخلي للنظام السوري لم يعد مهزوزاً فحسب بل تُشارف أركانه على الانهيار حيث بدأت الكفة تميل لصالح الثورة المباركة في عمليات نوعية بالإضافة إلى صمود الناس الإيماني الأسطوري وإصرارهم على إسقاط النظام، كما شكّل الإضراب الدمشقي مؤشراً على أن سلطة بشار لم تعد تتعدى قصره والمقارّ الأمنية والثكنات؛ فقد أغلق سوق الحميدية الشهير وتبعه توأمه سوق الحريقة والعصرونية وسوق مدحت باشا الأثري وشارع خالد بن الوليد وغيرها… فكان إضراب قلب دمشق صفعة قوية لنظام مازالت تتألم معدته المسمومة.
أيها المسلمون الثائرون في شام النصر والظفر بإذن الله تعالى:
إن الرائد لا يكذب أهله، وإن حزب التحرير يحذركم من الغرب وتحركاته، وبخاصة في هذه اللحظة الحاسمة، فأعلنوا رفضكم لكل مبادراته، وانبذوا المعارضة التي تستجدي الحلول الغربية المسمومة التي منها أن يأتي الشرع مثلاً بعد الأسد كما أتى عبد ربه بعد علي صالح بحسب النموذج اليمني الذي عرضه أوباما على بوتين، واعتبروا كل اتصال بالغرب واستجداء الحلول منه خيانة عظمى لا تغتفر، ولا تخيفنَّكم تهديدات رئيس الأركان الأمريكي بالتدخل العسكري، فما دمتم صادقين مع الله ورسوله فإن أمريكا وجمعَها بإذن الله سيولون الدُّبر… وإنكم مع المخلصين من جندكم، والتفاف الأمة من حولكم، لقادرون بإذن الله على قلع هذا النظام المجرم، وكما أعلنتم “لن نركع إلا لله” فأعلنوها “لن نركع لأمريكا، ولن نقبل بحلولها”… أعلنوا أن زمن المؤامرات قد ولّى… ولا سبيل لكم علينا بعد اليوم… أعلنوا أن هدف ثورتنا هو التحرر الكامل من نظام الغرب الوضعي الكافر ومن عملائه الطغاة… وأننا لن نرضى سوى الإسلام ديناً وحُكماً ونظام حياة “خلافة على منهاج النبوة”… أعلنوا أن بلاد الشام، عقر دار الإسلام، أرض الملحمة الكبرى، ستكون مقبرة لكل من مكر بها وكاد لها، ولكل من أجرم في حقها وحق المسلمين { سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ }.