Take a fresh look at your lifestyle.

تأملات في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية” الحلقة الثالثة والسبعون  

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على إمام المتقين, وسيد المرسلين, المبعوث رحمة للعالمين, سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, واجعلنا معهم, واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

أيها المسلمون:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد: في هذه الحلقة نواصل تأملاتنا في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية”. ومن أجل بناء الشخصية الإسلامية, مع العناية بالعقلية الإسلامية والنفسية الإسلامية, نقول وبالله التوفيق: عنوان حلقتنا لهذا اليوم هو: “أحاسنكم أخلاقا” وقد سبق الحديث عن اثني عشر من الأخلاق الحسنة:

 

ثالث عشر: الورع وترك الشبهات: عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “فضل العلم خير من فضل العبادة، وخير دينكم الورع”. رواه الطبراني والبزار وقال المنذري: بإسناد حسن. وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهى القلب”. متفق عليه. وعن النواس بن سمعان الأنصارى رضي الله عنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم فقال: “البر حسن الخلق, والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس”. رواه مسلم.

 

وعن وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أريد أن لا أدع شيئا من البر والإثم إلا سألت عنه، فأتيته في عصابة من الناس يستفتونه، فجعلت أتخطاهم، فقالوا: إليك يا وابصة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: دعوني أدنو من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه أحب الناس إلي أن أدنو منه، قال: دعوا وابصة، ادن يا وابصة، فدنوت منه حتى مست ركبتي ركبته، فقال لي: يا وابصة أخبرك عما جئت تسأل عنه؟ قلت: يا رسول الله أخبرني، قال: “جئت تسأل عن البر والإثم؟” قلت: نعم، فجمع أصابعه الثلاث فجعل ينكت بها صدري ويقول: “يا وابصة استفت قلبك، واستفت نفسك، البر ما اطمأنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في القلب أو النفس، وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس، وأفتوك, قالها ثلاثا”. قال المنذري: رواه أحمد بإسناد حسن, وقال النووي: حديث حسن رواه أحمد والدارمي في مسنديهما.

 

وعن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله ، أخبرني بما يحل لي، ويحرم علي، قال: فصعد النبي صلى الله عليه وسلم وصوب في النظر، فقال: “البر ما سكنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب، والإثم ما لم تسكن إليه النفس، ولم يطمئن إليه القلب، وإن أفتاك المفتون”. ومعنى صعد: أي نظر إلى أعلى وأسفل متأملا, ومعنى صوب في النظر: أي خصني بالنظر إلي دون غيري. قال المنذري رواه أحمد بإسناد جيد، وقال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني، وفي الصحيح طرف منه من أوله، ورجاله ثقات.

 

وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم وجد تمرة في الطريق فقال: “لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها” متفق عليه. وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: “دع ما يريبك إلى ما لا يريبك”. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح، وابن حبان في صحيحه والنسائي في سننه.

 

وعن عطية بن عروة السعدي رضي الله عنه وكانت له صحبة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا لما به بأس”. رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.

 

وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما الإثم؟ فقال: “إذا حاك في نفسك شيء فدعه”. قال: فما الإيمان؟ قال: “إذا ساءتك سيئتك، وسرتك حسنتك فأنت مؤمن”. قال المنذري: رواه أحمد بإسناد صحيح.

 

فإذا التزم المسلم بالأخلاق الفاضلة, باعتبارها أحكاما شرعية واجبة الاتباع طاعة لله: امتثالا لأوامره, واجتنابا لنواهيه, فإنه يسمو ويرقى في المرتقى السامي من علي إلى أعلى, ومن شاهق إلى شاهق, ولله در الناظم حيث قال:

 

صف ذا ثنا كم  جاد شخص قد سما

دم طـيبا زد في تـقى ضع ظـالما

 

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

محمد احمد النادي