Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق بعض النشاطات الإسلامية تلبس ثوبا علمانيا!

 

جلستُ مستمعاً لمقابلة على البي بي سي مع شخص أعرفه، وسأطلق عليه هنا اسم (أحمد)، وقد التقيتُ به مرارا وفي مناسبات مختلفة، وكان مسجونا في تونس قبل فراره إلى لندن، حيث كان ناشطاً بارزاً في حركة إسلامية تونسية، وبعد الثورة الأخيرة عاد إلى تونس ولا يزال ناشطا بارزا في هذه الحركة، لقد كان هذا اللقاء للتعبير عن رؤية جماعته حول تونس وبناء “الديمقراطية الإسلامية!”.

وقد وصفتْهُ البي بي سي بالمسلم المعتدل، ولا أكتمكم أنني لم أكن مسرورا بتلك المقابلة لما حوته من مخالفات شرعية، مثل أن الشرع ليس مصدرا للتشريع، وأن أفضل نظام هو مزيجٌ من ديمقراطية الغرب والتراث الإسلامي، وعن عدم منع لبس البكيني مشددا على أن اللباس الشرعي هو خيار شخصي!

وأكد (أحمد) مرارا خلال تلك المقابلة على الحرية الشخصية وتعزيز الديمقراطية، وأن الشريعة هي بالنسبة لنا “مجرد تراث كان مقبولا ولكننا لا نسعى لتطبيقه في الدولة والحكم”. وظهر خلال دفاعه عن الديمقراطية وكأنه سياسي غربي علماني يضع الخطوط العريضة لرؤيةٍ علمانيةٍ لتونس على غرار الديمقراطيات الغربية العلمانية لكنها مصبوغةٌ ببعض الشعارات الإسلامية مثل “الديمقراطية الإسلامية!” بحيث لا يتبادر إلى ذهن من يسمعه أن هناك نظاما إلهياً للتشريع وضعه الله سبحانه وتعالى والذي هو نظام الخلافة.

فلماذا يعارض مسلمٌ مثقّفٌ إقامة دولة إسلامية؟ هل كان جاهلا بتاريخ الإسلام في تونس؟ ألا يؤمن بتأييد الله تعالى لمن يعملون لإعادة الخلافة الإسلامية؟
بالنظر إلى هذا كله ندرك أن هناك قضيتين: أولهما أنه مخدوع، والثانية هي عدم ثقته بأن الإسلام قادر على معالجة المشاكل الحالية مثل البطالة وجودة البنية التحتية التي تواجه تونس وغيرها من البلاد الإسلامية.

هناك أناس غيره مخدوعون مثله، وهم يسبّحون بحمد العلمانية والرأسمالية والديمقراطية بشكل أكثر من أهلها أنفسهم في الغرب. فهم يمجّدون الديمقراطية متناسين خيبة أمل الناس في إسبانيا وبريطانيا والولايات المتحدة حيث الاهتمام فقط بأصحاب رؤوس الأموال والأحزاب السياسية على حساب الأفراد البسطاء. وتناسوا السقوط الاقتصادي الذي بدأ بالأزمة الاقتصادية عام 2008، واستمرار أزمة اليورو، والمشاكل الحادة التي تواجه اليونان وأيرلندا وإسبانيا، واتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء. ثم هل نسي الأزمة الاجتماعية التي تشهدها لندن التي يعيش فيها؟ والتفكك الأسري وإهمال المسنّين في دور العجزة، وانعدام القيم والتي أدت إلى أعمال شغب في لندن العام الماضي؟ وهو يخطب ودّ أمريكا وبريطانيا متجاهلا بشكل متعمَّد كراهيتهم للإسلام وغزوهم العراق وأفغانستان وغيرها من البلاد الإسلامية. وهذا ليس بالسياسة الجديدة؛ فقد سبق وأنْ مدح صندوقُ النقد الدولي بنَ علي على سياسته الاقتصادية الليبرالية وترويجه للقيم الغربية وتقرّبه من القوى الغربية! وأين هم الآن حكام تونس؟!

والتحدي الذي نواجهه هنا هو التواصل مع أمثال (أحمد) ونصحهم بضرورة التوكل على الله سبحانه وتعالى وعدم صبّ غضبهم بتجاهل تحكيم الدين الذي فرضه ربُّ العزة، وجعلهم يؤمنون بأن الإسلام كدولة ونظام حكم هي التي تملك المعالجات للمشاكل التي تواجههم، بحيث نؤكد لهم على واجبهم كمسلمين في العمل لإقامة الخلافة. ويجب علينا أيضا إيجاد الرأي العام الذي يدعم إقامة نظام الخلافة بحيث لا يجد أمثال (أحمد) خياراً سوى التنحي جانبا إن هم استمروا رافضين فكرة الخلافة ومتجاهلين رغبة الأمة.

 

تاجي مصطفى
الممثل الإعلامي لحزب التحرير في بريطانيا