Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق من مأمنه يوتى الحذر – باكستان

 

لقد اتخذت القيادتان المدنية والعسكرية في باكستان مؤخرا قرارين يشكلان صورة مصغرة من فساد النخبة الباكستانية التي تقود البلاد إلى حافة الدمار والذل.

أولا :

 

قرار الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري ترشيح راجا برويز أشرف، المعروف شعبيا باسم “راجا للتأجير”، فإنه يؤكد على عزم رئيس الوزراء ضمن القيادة المدنية متابعة سجل الفساد الذي أصبح الدعامة الأساسية لحكومته، ولطالما سَخِر أقران رجا للتأجير والجمهور الباكستاني منه لسجله البائس بينما كان وزير المياه والطاقة، فخلال فترة ولايته عانت باكستان من النقص والانقطاع الحاد في الطاقة الكهربائية، وبدلا من تأنيبه وطرده من الحكومة، تمت مكافأته من قبل زرداري بتعيينه رسميا وزيرا للتكنولوجيا والمعلومات.

ومع ذلك، فإنّ اتهامه بسوء استخدام السلطة والفساد لم يفارقه يوما، وعلى الأرجح فإنّ أهمية راجا أشرف لزرداري قادت راجا في نهاية المطاف إلى وظيفة أعلى، وأصبح خليفة رئيس الوزراء جيلاني، وقد كان جيلاني قد طرد بشكل فظّ من قبل المحكمة العليا لرفضه فتح ملفات فساد ضد زرداري.

وبالتالي فإنّ ملحمة من الفساد المستشري لم يتم توقيفها لغاية الآن، بل وأعطيت دفعة قوية عندما ابتدع راجا تأجير منصباً لا لزوم له وهو نائب رئيس الوزراء وأعطاه لتشودري برويز الهي – الأب “الروحي” للفساد السياسي، وقد تم ابتداع المنصب كجزء من اتفاق تقاسم السلطة بين زرداري من حزب الشعب الباكستاني “والأخوة تشودري” من حزب الرابطة الإسلامي (Q). وقد كان تشودري برويز الهي عدوا لدودا لزرداري، ولكن الآن هم الرفقاء في فريق الفساد البشع الذي يضم “السيد 10٪”، وراجا تأجير وتشودري الفاسد.

ثانيا :

 

دشن رئيس أركان الجيش، كياني، حرصا منه على عدم تركه في الخلف، حملته الانتخابية، ليسطر في كتب التاريخ على أنّه الجنرال الباكستاني الأكثر ذلا وفسادا. بعد مرور ثمانية أشهر من المقاومة الشكلية للمطالب الأمريكية لإعادة فتح خطوط إمدادات حلف شمال الأطلسي. وفي المقابل، حصلت باكستان على “اعتذار” من كلينتون، الذي لم يكن اعتذارا بل كان مجرد تعبير عن الأسف عن مقتل جنود باكستانيين ولم تتعهد فيه بمزيد من الدعم المالي لإيصال الإمدادات إلى قوات حلف شمال الأطلسي كما طالبت القيادة الباكستانية في البداية، وقد وصفت هذه الحادثة بأنها انتصار دبلوماسي لباكستان، ولكن الناس ظلوا مندهشين من تطورات الوضع وتساءلوا عن السبب الذي دفع بكياني لتعبيد كل الطرق أمام منظمة حلف شمال الأطلسي للإسراع في شحذ السكاكين لتقطيع أوصال باكستان؟

أما بالنسبة لأمريكا، فقد كانت سريعة في الثناء على عملائها، وتأمل بمزيد من التبعية وتحقيق مصالحها، ففي الأول من يوليو/تموز 2012، دعت وزيرة الخارجية الأمريكية رئيس الوزراء راجا تأجير، وقالت أنّ الولايات المتحدة وباكستان تأملان في تحسين العلاقات بينهما مرة أخرى خلال فترة ولايته، وبعد أسبوع، سعت كلينتون إلى تحسين العلاقات مع الجيش فقالت: “نريد استخدام قوة الدفع الإيجابية التي تولدت عن اتفاقنا الأخير على اتخاذ خطوات ملموسة للحفاظ على الكثير من المصالح المشتركة الأساسية.” فمن الواضح أنّ هذا يعني المزيد من ضربات الطائرات بدون طيار، والمزيد من الغارات التي تشنها القوات الأمريكية وتصعيد العمليات العسكرية الباكستانية ضد “المتشددين” المعارضين لاحتلال أمريكا لأفغانستان. وكثير من الباكستانيين يتساءلون الآن كيف يساعد كل هذا بالنظر إلى آخر 10 سنوات من “الزواج” القسري مع أمريكا، وبصرف النظر عن حرب واشنطن التي لا هوادة فيها ضد الإسلام!

إنّ دعم أمريكا للفاسدين والعاجزين من القادة المدنيين والعسكريين، يزيد الجمهور الباكستاني مناهضة للولايات المتحدة. فوفقا لاستطلاع جديد للرأي، نُشر قبل بضعة أسابيع من قبل مركز بيو للأبحاث، أظهر أنّ حوالي 75٪ من الباكستانيين يعتبرون الولايات المتحدة عدواً لهم. بالمقابل فإنّه قبل ثلاث سنوات كانت النسبة 64٪، ووجد الاستطلاع أنّ هناك عددا متزايدا من الباكستانيين يشعرون أيضا أنّ تحسن العلاقات مع واشنطن ليس من الأولويات الرئيسية، وعلاوة على ذلك، فإنّ حوالي 40٪ من الباكستانيين من الذين شملهم الاستطلاع يعتقدون أنّ المساعدات الاقتصادية والعسكرية الأمريكية في الواقع كان لها تأثير سلبي على بلادهم. وأنّ 12٪ فقط يعتقدون أنّ المساعدات الاقتصادية من واشنطن تساعد على حل المشكلات في باكستان. والاستطلاع ذاته وجد أنّ المسلمين في باكستان يريدون دورا أكبر للإسلام في الحياة السياسية، والباكستانيون تحولوا نحو الإسلام لاعتماد حلول بديلة للوضع الحالي، وهذا يعتبر نذير شؤم للقيادة الأمريكية والباكستانية.

من جانبها فإنّ أمريكا إما أنها غير مدركة لهذا الاتجاه نظرا لغطرستها، أو أنّها تعتقد بأنّها قادرة على احتواء الموقف على الرغم من التوجه الباكستاني نحو العصف بها، فليس هناك شك في أنّ النموذج الحالي غير قابل للاستمرار، حتى لو تمكنت باكستان بطريقة أو بأخرى من تطليق أمريكا. إنّها ليست سوى مسألة وقت قبل أن يختار الشعب الباكستاني دولة إسلامية، وسيتم حينها طرد أمريكا جنبا إلى جنب عملائها في البلاد.

 

عابد مصطفى