Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق الديمقراطية لا تطعم جائعا ولا تكسو عاريا ولا توفر كرامة، والاستبداد ثقافتها ونفسيتها

 

في 25/7/2012 خطب المرزوقي رئيس تونس المؤقت أمام المجلس الوطني التأسيسي المكلف بوضع دستور للبلاد قائلا: “لن يرضى الشعب الذي انتخبكم بديمقراطية شكلية، وقد يضطر إلى الثورة من جديد علينا جميعا إن لم نحقق له ما يريده فعلا من التنمية للقضاء على الخصاصة والفقر والتهميش”. وتساءل قائلا: “ما قيمة ديمقراطية لا تطعم جائعا ولا تكسي عاريا ولا توفر كرامة أولى شروطها العمل والمسكن والتعليم والصحة”. وقال: “جذور الاستبداد عميقة فينا هي ثقافة ونفسية ولحماية أنفسنا من أنفسنا ومن بعضنا البعض من هذا الظلم المتأصل في نفوسنا جميعا لا بد أن ينجح الدستور في توزيع محكم للسلطة التنفيذية بين رئيس الدولة ورئيس الحكومة حتى لا يستفرد شخص أي كان بسلطة القرار”. وقال: “لا بد من قضاء مستقل عن السلطة التنفيذية، لا بد من محكمة دستورية لها سلطة فعلية تجعلها ذات مخالب وأنياب، وبالطبع لا بد من مجلس شعب يشرع القوانين التي يجب أن يخضع لها الجميع..”.

 

التعليق:

يتبين من خطاب الرئيس التونسي مدى فساد الديمقراطية وبطلانها ويتجلى ذلك في النقاط التالية:
1. الشعب لا يضع دستوره بنفسه؛ فهذا يسقط الديمقراطية ويثبت أنها غير موجودة فإنه يتم بديمقراطية شكلية تشكيل مجلس تأسيسي من عدد من الأفراد ليضعوا دستورا لملايين الأفراد من الشعب. ويفرض هذا الدستور على هذه الملايين فرضا. فالتصويت عليه لاحقا لا يدل على أن الشعب وضعه وإنما تجري حملات دعائية من واضعيه ليجعلوا الأكثرية تقبله، والذين لا يصوتون عليه لا اعتبار لهم فما عليهم إلا الخضوع له.

2. وإذا قيل أن الشعب لا يفهم في الدستور فلا يستطيع أن يضعه؛ فنقول ولماذا الادعاء إذن بالديمقراطية التي تعني أن الشعب يحكم نفسه بنفسه فهو يشرع ويحكم ويضع دستوره بنفسه! فهذا القول يسقط الديمقراطية أيضا ويثبت أنها غير موجودة، وإنما هناك فئة مستبدة تضع الدستور وتجعل أكثرية الناس تصوت عليه بحملات دعائية تزين لهم سوء عمل فئة منهم تدعي الربوبية من دون الله.

3. والرئيس المؤقت يقر بأن الديمقراطية لا تطعم أفراد الشعب ولا تكسوهم ولا توفر لهم كرامة ولا تؤمن لهم عملا ولا مسكنا ولا تعليما ولا صحة. وإن كان قوله في محله؛ وجاء على شكل سؤال استنكاري إلا أنها هذه هي الحقيقة وهي الحال في زمن الديمقرطية قبل وبعد الثورة حيث تشير الإحصائيات حول تونس كما أعلنت مؤخرا بأن معدلات البطالة حوالي 19% والفقر حوالي 25% بجانب استشراء الفساد الذي يعني الفساد في دوائر الدولة من اختلاس أموال الدولة من قبل المسؤولين ومن الخصاصة للأقوياء والمحسوبيات والرشاوى وتهميش الضعفاء وعدم تقديم الخدمات لعامة الناس. وكذلك كان الحال في عهد الساقط الهارب بن علي وزمرته، ومن قبل في زمن الهالك بورقيبة. فلم تتغير الحال في هذه العهود الديمقراطية الثلاثة.

4. يقول الرئيس المؤقت إن جذور الاستبداد عميقة في أنفسنا، فالذين نادوا بالديمقراطية هم مستبدون إلى أبعد الحدود فبورقيبة الذي يعتبر أول رئيس ديمقراطي كان رئيسا مستبدا وحارب كل فكر يخالفه وحارب الإسلام وحملة دعوته على الأخص. والرئيس الديمقراطي الثاني وهو ابن علي الذي كان يد بورقيبة التي تبطش وأصبح رئيسا بانقلاب عليه وبانتخابات ديمقراطية كان مستبدا وقد هرب من الشعب إلى المستبدين آل سعود حيث يحظى بحمايتهم. وكذلك كان محمد الغنوشي من مخلفاته والباجي السبسي من مخالفات بورقيبة. فنتوصل إلى أن النظام الديمقراطي هو نظام استبدادي ديكتاتوري يفرض قوانينه على الناس بالقوة ويحارب فكرهم ويفسد حياتهم ويسرق أموالهم.

5. ولذلك يتخوف الرئيس التونسي من ثورة تجتاحهم؛ فالديمقراطية لم تجلب السعادة للشعب التونسي منذ تأسيس الجمهورية وإقامة الديمقراطية بعدما فرضتهما فرنسا المستعمرة على الناس بواسطة عملائها الديمقراطيين. فقد طرد الشعب التونسي المسلم الجيش الفرنسي ولكن فرنسا بقيت بنظامها الذي أقامته في تونس على يد الذي أشربوا في قلوبهم عجل الجمهورية والديمقراطية وغيرها من أفكار الغرب وأنظمته. وقد كره إليهم العسل المصفى من أفكار الإسلام وأنظمته وعلى رأسها الخلافة تاج الفروض.

6. ويطالب الرئيس بتأسيس محكمة دستورية لها سلطة فعلية ذات مخالب وأنياب. أي يريد أن يقيم سلطة مستبدة لمحكمة الدستور فتنهش بمخالبها وتمزق بأنيابها كل من يقول كلمة الحق من دعاة الإسلام المخلصين كما كان على عهد بورقيبة وابن علي وتحافظ على نظام الكفر كما نرى المحكمة الدستورية في تركيا فهي تلغي أي قانون يشتم منه أن له علاقة بالإسلام أو أنه ربما يعارض العلمانية أو الديمقراطية. نعم إن كل حكم غير حكم الله فهو استبداد وهو ظلم وهو طاغوت. لأنه تسلط أناس حسب أهوائهم ومصالحهم وميولهم على الناس الآخرين. وقد وصفهم الله في كتابه العزيز بالطواغيت وبالفسقة وبالظلمة وبالكفرة الفجرة. وحتى يكون الحكم غير مستبد ويحارب الاستبداد يجب أن يحكم بما أنزل الله فكما قال الخليفة الراشدي الأول أبو بكر: “فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم”. وقال الخليفة الراشدي الثاني عمر: “إذا رأيتم في اعوجاجاً فقوموني”. وقال “لو أن بغلة / أو دابة في العراق عثرت لسألني الله عنها لما لم أمهد لها الطريق”.

7. هذا هو نظام دولة الخلافة الاسلامية كما عبر عنه الخليفتان الراشدان وهو العسل المصفى الذي كره لكم يا أهلنا في تونس وفي باقي بلاد المسلمين؛ فلا يعرف الاستبداد، فالخليفة ليس بخير من الرعية وليس له خصاصة ولا محسوبية وكل المسؤولين في الدولة كذلك، فلا يوجد في دولة الخلافة استبداد فالضعيف فيها قوي حتى يأخذ حقه والقوي فيها ضعيف حتى يؤخذ منه الحق ويعطى لصاحبه. وهي مسؤولة حتى عن الدواب والبغال في أقصى نقطة في أرض الدولة الإسلامية. فعندما يكون الدستور والقوانين مستمدة من كتاب الله وسنة رسوله تكون الحال هكذا كما كانت على مدى 13 قرنا؛ فلا استبداد ولا فقر ولا تهميش، ولا فاحشة تعم أهلنا في تونس وفي غيرها كما سمح بها ديمقراطيو الأمس من الهالكين والفارين وكما يسمح بها ديمقراطيو اليوم وهم مهددون بثورة فيكونوا على أثرها من الهالكين أو من الفارين، وقد أبقوا كل فاحشة وموبقة كما كانت في الماضي ليستمر كل ذلك في الحاضر حتى يبقى البلاء عاما ومخيما على أهلنا. وقد قالوا لن نمنع البكيني ولا شرب الخمر ولن نضيق على الحريات حتى تشيع الفاحشة باسم الحرية الشخصية ويشيع التعدي على الذات الإلهية باسم حرية الفكر وتشيع أفكار الكفر من ليبرالية وعلمانية وشيوعية باسم حرية الاعتقاد، ويتفشى الفقر عندما لا توزع الثروات على الناس ويستأثر بها أصحاب رؤوس الأموال ممن يسمون مستثمرين ومن أصحاب الشركات الكبرى المحلية والأجنبية تحت اسم حرية التملك. وقد ضربنا الله بذل خيم علينا منذ إعلان الجمهورية عندما تخلينا عن الجهاد لإعلاء كلمة الله وخضعنا لشرعة الأمم المتحدة ومجلس الأمن التي تسيطر عليهما دول الغرب خاصة والتي لا تترك القتال ولا تتوقف عن الحرب ساعة في سبيل إعلاء كلمة الديمقراطية والعلمانية والحرية حتى تمتص دماء الشعوب وتنهب ثرواتهم وتخضع الشعوب لحكمها وفي سبيل حربها على الإسلام وأهله.