معالم الإيمان المستنير المعلم الثاني عشر: من أسماء الله الحسنى (ح6) المعز , المذل, الحي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
أسماء الله عز وجل تنقسم إلى قسمين:
قسم له مقابل: وهي الأسماء الحسنى التي يكون عملها في مخلوقات الله عز وجل، ومنها المعز والمذل، والنافع والضار. فالحق سبحانه وتعالى يعز من خلقه من يشاء, ويذل من يشاء. وينفع من يشاء, ويضر من يشاء. وقسم ليس له مقابل: وهي أسماء ذات الله العلية الخاصة به. فمن أسمائه عز وجل (الحي)، بينما ليس من أسمائه (الميت). لأن اسمه (الحي) من أسماء ذاته. وأسماء الذات ليس لها مقابل. ومثل ذلك أيضا (العزيز) لا يصح أن نقول: إن من أسمائه (الذليل). والقدوس في هذا الصدد تعني المطهر عما يناقض أسماء ذاته العلية. فهو سبحانه وتعالى (الحي) المطهر عن الموت. (العزيز) المطهر عن الذل. (القادر) المطهر عن العجز. (الكريم) المطهر عن البخل. (العليم) المطهر عن الجهل. وهكذا شأن سائر أسماء ذاته الإلهية العلية. والله سبحانه وتعالى مطهر عن أن يكون له مثيل أو شبيه من مخلوقاته. سواء في الشكل أو في الصفات وتعالى الله عما يصفون علوا كبيرا. وكل ذلك مناقض لما قرره القرآن الكريم. ولتوضيح ذلك ينبغي أن نعلم أن صفات الحق تبارك وتعالى قسمان:
القسم الأول خاص بالله سبحانه: وهو مجموعة الصفات الخاصة به, والتي لا توجد في أي من مخلوقاته بأي درجة من الدرجات. ومن هذه الصفات الوحدانية والخلق من العدم والإحياء والإماتة والبعث والأزلية، وأنه سبحانه وتعالى لا تأخذه سنة ولا نوم، وأنه سبحانه فعال لما يريد، وكونه سبحانه الأول والآخر. كل هذه الصفات خاصة بالحق جل وعلا ولا توجد لدى مخلوقاته مطلقا. وهذه الصفات لا يمكن أن نتصور فيها المماثلة بين الله عز وجل والإنسان لأنها غير موجودة لدى الإنسان.
أما القسم الثاني فهو الصفات الموجودة لدى الله تعالى والإنسان: كالسمع والبصر والكلام والقدرة وغيرها من الصفات المشتركة. فهذه الصفات أيضا لا يمكن تصور المماثلة بين الله عز وجل والإنسان؛ لأن الاشتراك هنا اشتراك لفظي أو مجازي فقط, وليس اشتراكا أو مماثلة حقيقية. فعلى سبيل المثال: صفة السمع لدى الإنسان، نجد أن سمع الإنسان محدود في أمور لا يتعداها، أي يسمع أصواتا معينة، ولا يمكن أن يسمع أصواتا أخرى. والله سبحانه وتعالى هو الذي خلق الإنسان ومنحه السمع والبصر. فالله سبحانه وتعالى (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير). (الشورى11) وهو منزه ومطهر عن المثيل والشبيه والند والسمي والكفؤ والمضاد، فتباركت ربنا وتعاليت.
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.