Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق اولمبيات لندن وجه قبح للحضارة الغربية

 

استضافت لندن في الفترة من 27 تموز/يوليو إلى 12 آب/أغسطس دورة (الألعاب الأولمبية الصيفية لندن 2012م) بمشاركة نحو ثلاثة آلاف رياضي ورياضية ينتمون إلى بلاد المسلمين، وللمرة الأولى في تاريخ الدورات الأولمبية تشارك المرأة في كل الألعاب بعد الموافقة على لعبة الملاكمة النسائية، وكذلك لأول مرة تشارك السعودية بوفد يضم لاعبتين، وهي سابقة في تاريخ الأولمبياد تم الوصول إليها بعد مفاوضات مع السعودية، وتشارك كل الدول المسلمة في القارة الأفريقية بوفود نسائية في رياضات مثل السباحة.

إن الله سبحانه وتعالى قد عزز مكانة المرأة وأعلى من شأنها، وحدد لها المكانة التي تليق بها في المجتمع، فهي الأم وربة البيت، والعرض المصان الذي جعلها الله، قرة عين أبيها وهي صغيرة يربيها ويحميها من أي مصاب حتى تدخل بيت زوجها، والذي يتولي رعايتها، وتنفيذ وصية النبي الكريم فيها: ( استوصوا بالنساء خيرا )، وعندما تكبر فهي المحترمة التي لا تُردّ لها نصيحة. فالنساء شقائق الرجال، فلها ما للرجل، وعليها ما عليه إلا ما خصه الله به أو خصها به. هذه مكانة لم تُعطَها امرأة قطّ إلا وأحست بعظم تشريع رب العالمين الذي يعلم ما خلق. هذه المكانة تضمن المشاركة في المجتمع الإسلامي لكل من الرجل والمرأة بصورة فعالة يؤدي كل واجبه تجاه الآخر، ويستوفي حقوقه كاملة، وهذا الأمر لا هوادة فيه فهو واجب.

إن مشاركة المرأة في الأولمبياد هو انقياد للحضارة الغربية التي تجعل من المرأة جسداً وسلعة رخيصة ينظر إليها كل متطفل؛ فالتعري وخلع زينة الحياء لا تليق بالبشر الذي خلقه الله وأدخله الجنة، وعندما ارتكب الخطيئة أنزله الله سبحانه منها وهو شبه عارٍ إلى الأرض، وعندما جاء الإسلام فرض زياً شرعياً للمرأة: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا }، وليس زياً تحدده اللجنة الأولمبية تتهافت عليه الحكومات اتباعاً لسنن الغرب الكافر شبراً بشبر وذراعاً بذراع، ( لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبٍّ لاتَّبَعْتُمُوهُمْ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ آلْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالَ فَمَنْ ) لكن هذا الزي لن يرضي المسلمة التي هدفها هو إرضاء رب العالمين.

إن الأولمبياد هذه هي مثال للّهو المنظم؛ الذي لا يحل مشاكل المرأة في هذه البلاد؛ المتمثلة في الفقر والعوز والحروب والأزمات، وكان الأولى بدل صرف الأموال في هذا العبث، توجيهها لحل مشاكل المرأة الحقيقية.

إذا كانت أسرع عدّاءة في العالم من المغرب، وأفضل سبّاحة من مصر، وأمهر رامية من ليبيا فهل تعتبر هذه مكاسب للمرأة المسلمة؟ أم إن كلاً منهم يفرح ببلده ويرفع رايته، بل ويركع لها فرحاً، فيتركز ما أراده الغرب من تمزيق وتجزئة على أساس الوطنية لبلاد الأصل أنها دولة واحدة.

يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: «رفقاً بالقوارير»، أما الأولمبياد فلا قوارير فيها، إنها مساواة تامة بين الرجال والنساء كما قررت اللجنة الأولمبية، فأي حُكم تختار المسلمة، اللجنة الأولمبية أم حكم الله!؟ إن الإنجاز الحقيقي والتحدي الصعب للمسلمة ليس في عضلاتها، ولا في إظهار قوتها لتنافس الرجال، إنما في طاعة الله عز وجل، وفي كبح جماح النفس، ونهيها عن الهوى، وفي الاستقامة على أمر الله كما أراد لها أن تكون في المجتمع، وليس في حصد ميداليات تتجلى فيها كل المعاصي من تعرٍّ واختلاط وإبداء مفاتن وحتى لو ارتدت حجاب اللجنة الأولمبية فهي كاسية عارية تجتمع مع الرجال لغير حاجة شرعية، وكل ذلك محرّم في الإسلام.

إن أية رياضية مسلمة تحقق أكبر عدد من الميداليات في مثل هذه المنافسات على أساس الحضارة الغربية، لن تكون هي القدوة الحسنة للمسلمة الواعية المستنيرة التفكير، التي تعلم قول الرسول الكريم: ( كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ ) والتي تتخذ من الصحابيات أمثال أم عمارة وأم منيع وخولة وأم سلمة والخنساء وغيرهن ممن سطرن أسماءهن بمداد من نور في صحائف التاريخ، والعفيفات الطاهرات اللائي أنجبن خير البشر الذين تحملوا نشر دين الله في الأرض، ولقوا الله على المحجة البيضاء.

إن البطولات الورقية الزائفة، والزعامات المصطنعة سرعان ما يتجلى زيفها للمسلمة الفطنة ولن تنظر لها إلا بعين الاحتقار، وتتمنى مكانة المرأة المسلمة المجاهدة في سبيل الله كتلك الفتاة السورية التي تدفن فلذة كبدها صباحاً وتحضر أخاها للوغى عصراً، أو كالتي تصبر وتحتسب المشقة بعد اعتقال زوجها من قبل الطغاة بسبب حمله دعوة الحق، فتسد الثغرة التي خلفها غيابه في رعاية بيتها وأبنائها. وأيضاً تبذل مجهوداً مضاعفاً في حمل الدعوة، فنعم العابدة الحامدة الزاهدة المجاهدة في سبيل الله، فكم هي قوية لدرجة لا تتفوق عليها عداءة الأولمبياد، ولا حتى الملاكمة التي ضعفت للدنيا وزخرفها، وبدلت رضى الله برضا الناس.

لن تجنيَ المرأة من مهزلة هذه الأولمبياد إلا المتاجرة في سوق النخاسة وفي الإعلانات التي تحط من قدرهن، أو كسب المزيد من الروح الوطنية التي لا ترقى لربط الإنسان بأخيه الإنسان.

إن المسلمة لا ترفض الرياضة التي تكون على أساس الحضارة الإسلامية، بل ترفض الرياضة على أساس الحضارة الغربية؛ التي تجمع الرجال والنساء لغير حاجة شرعية، رياضة العري والفسق والمجون.

إن إرسال الحكومات وفوداً من النساء هو تخلٍّ عن واجب ألزمها به الشرع؛ وهو حماية الأعراض التي لا تقبل مساومة عند الدولة الإسلامية، فالنبي الكريم أجلى أحد كيانات يهود بأكمله انتصاراً لعرض امرأة. والحجاج بن يوسف أنفق أموالاً طائلة لنصرة امرأة قالت واخليفتاه. والمعتصم فتح عمورية لإغاثة امرأة صرخت وامعتصماه. وها هو أحد أمراء الأندلس لما حوصر قالوا له اهرب واترك النساء، فقال والله أُقتل ولا أجعل كافراً ينظر لمسلمة.

فإذا كانت هذه الحكومات عاجزة عن حماية أعراض المسلمات في سوريا والعراق وفلسطين وبورما وغيرها، فحري بها أن ترسلهن للكفار ليكشف عوراتهن أمام الرجال، اللهم اخلفنا بدل هؤلاء الحكام الرويبضات حاكما عادلاً يصون أعراضنا؛ خليفة للمسلمين يعمل فينا بطاعة الله سبحانه لا بطاعة الغرب الكافر الضال.

 

 

 

غادة عبد الجبار
القسم النسائي – أفريقيا