بيان صحفي أطلقوا سراح تهامي نجيم وسعيد فؤايد فإنما هما (فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ) وها قد اعترفت وزارة العدل أنهما معتقلان سياسيان
بتاريخ 16/08/2012 عُرض تهامي نجيم وسعيد فؤايد المعتقلان في ملف حزب التحرير على محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، وقد كان القضاء في المرحلة الابتدائية أدانهما بعشرة أشهر حبسا نافذا مع الغرامة بحسب مقتضيات الفصل 206 من ق.ج.م. وقد تقدمت هيئة الدفاع بالدفوعات الشكلية بعدها أجّل القاضي النظر في الملف إلى 23/08/2012 لأجل البتّ فيها. فطلب المحامون السراح المؤقت للمعتقلين لكن النيابة العامة اعترضت عليه ورفضته هيئة الحكم.
واليوم 23/08/2012 تُفاجِئنا النيابة العامة بعدم توجيه طلب إحضار المعتقلين لجلسة المحاكمة وبعد أن وضع المحامون القاضي في الصورة وافق على توجيه طلب إحضارهم للجلسة لكنه بعد ذلك تراجع بحجة تعذُّر إحضارهم وأمر بتأجيل الجلسة إلى الثلاثاء 28/08/2012 ورغم اعتراض المحامين أصر على التأجيل.
أمام هذه الوقائع نسجل التالي:
أ- نطالب وزارة العدل بمساءلة من كان سببا في عدم توجيه طلب إحضار المعتقلين للجلسة.
ب- نحمّل وزارة العدل المسؤولية الكاملة في عدم ضمان محاكمة عادلة للمعتقلين، فإن تأجيل الجلسة بحجة واهية “تعذر إحضار المعتقلين” وبمحاولات التفافية دليل على أن شروط المحاكمة العادلة غير متوفرة. ونذكرها بواقعة الخمس دقائق حيث قضت هيئة الحكم في المرحلة الابتدائية بإدانة المعتقلين في مداولة “مراثونية” لم تتجاوز الخمس دقائق.
ت- نطالب بالإفراج عن تهامي نجيم وسعيد فؤايد فتأجيل جلسة اليوم 23/08 وقبلها رفض السراح المؤقت في 16/08 وقبلها تأجيل جلسة 07/08 دليل أن هناك من يماطل للإبقاء على المعتقلين أطول مدة ممكنة رهن الاعتقال حتى إذا قضت المحكمة لصالحهم وليس أمامها إلا ذلك في غياب ما يدينهم يكون المعتقلون قد قضوا مدة السجن المحكوم بها ابتدائيا كاملة أو قريبا منها.
ث- إن هيئة المحكمة ما كان لها أن ترفض السراح المؤقت وما كان لها أن تؤجل جلسة اليوم بحجج واهية لثلاثة أمور:
1. إن المحكمة بِحَيِّها وجَمادها تعلم وتتحدث بأن المعتقلين في ملف حزب التحرير مظلومون وأن الملف سياسي وليس جنائيا، وأن تهمتهم أنهم قالوا ربنا الله واستنكروا على أساسها ما رأوه فسادا. وإن كل ليلة يقضيها المعتقلون في السجن هي ظلم وظلمات يوم القيامة يبوء بإثمها كلُّ من كان سببا في ذلك. فكان الأجدر بهيئة المحكمة أن تمنحهم السراح المؤقت فهي تعلم براءتهم وتملك كل الضمانات القانونية لمثولهم أمامها ولأن الشهر شهر رحمة وتقى والأيام أيام عيد. لكنها اختارت أن تحرم تهامي وسعيد وذويهم من فرحة العيد تماما كما فعلت الداخلية حين اعتقلتهم ليلة قبل ذكرى المولد النبوي التي هي مناسبة عزيزة على المسلمين والبشرية. وكان الأجدر بها كذلك أن تسارع في إغلاق الملف بالإفراج عن المعتقلين لا أن تؤجل جلساته في كل مرة فتكون بذلك يدا في المماطلة للإبقاء عليهم بالسجن أطول مدة ممكنة.
2. لقد طال الاعتقال الاحتياطي في حق المتهمين أربعة أشهر قبل أن تبُتَّ المحكمة ابتدائيا في الملف، وبقي الملف شهرين في أدراج كتابة الضبط قبل أن يعين تاريخ جلسة الاستئناف. ومع هذه التأجيلات من هيئة الحكم بالاستئناف سيمضي المعتقلون تقريبا ثلاثة أرباع المدة التي حكموا بها ابتدائيا قبل أن يصدر الحكم النهائي في حقهم، وهي مدة تمكّن المدانين في بعض الدول من التمتع بالإفراج. لقد كانت هذه كافية للمحكمة لمنح السراح المؤقت للمعتقلين لكنها لم تفعل بل زادت على ذلك بتأجيل جلسة اليوم.
3. إن تسريع وتيرة عرض الملفات أمام المحكمة والعقوبات البديلة والاستعاضة عن الاعتقال الاحتياطي قضايا ذات أهمية ومطروحة على طاولة إصلاح العدالة. والقضاة جزء من الحوار الجاري حول الإصلاح والمفروض أن قناعات القضاة ومفاهيمهم تغيرت لصالح الإصلاح. فأنْ تقضي المحكمة برفض السراح المؤقت في ملف حزب التحرير الذي طالت مدة عرضه أمام القضاء وبوصفه ملفا سياسيا أصحابه ليس مكانهم السجن وإنما المناظرة والمحاورة، ثم يأتي تأجيل الحكم هذا اليوم بطرق التفافية يجعلنا نتساءل هل القاضي قضى بقناعته أم قضى وهو يحسب حسابا لمن قرر الاعتقال وأمر به؟ علما أن الداخلية كانت قد أدانت المتهمين وصاغت التهم في بيان لها في أقل من 24 ساعة بعد الاعتقال والتحقيق لم ينته بعد.
إن تهامي نجيم وسعيد فؤايد معتقلان سياسيان لتهمة لا أساس لها من الصحة، فالتحويلات المالية التي تلقاها تهامي إنما هي أُجرته عن عمله كمهندس معلومات نظير ما يقدم من خدمات لشركات أجنبية وسعيد فؤايد لم يتلق أي تحويلات مالية. وهما ليسا مخربَيْن ولا إرهابيّيْن ولا يروعان الآمنين، بل هم حمَلة الإسلام والدعوة إليه وفق رأي سياسي إسلامي ينظر للواقع بمنظار الإسلام فيحدد مشاكله ويقدم الحلول له من الإسلام ويطرح رأيه للناس بالحجة والبرهان من غير إكراه مادي أو معنوي. إن الدولة تعرف حقيقة حزب التحرير والحكومة في شخص وزير العدل والحريات تعرف حقيقته كذلك وقد كان يوما مدافعا عن شباب الحزب في ملف مماثل وبذات التهم الجاهزة ونَعَتَ المحاكمة حينها “بالنكتة السخيفة” وقال أن “من بيدهم أمر الدعوى العمومية يثيرون ملفا فارغا يشنون به حربا على انتماءات نظرية”.
وبهذه المناسبة وعلى إثر مطالبة وزير العدل والحريات بجرد جميع الملفات ذات العلاقة المحتملة بالاعتقال السياسي ودراستها وورود خبر بجريدة المساء ليوم 23/08/2012 (أن وزارة العدل لا تعترف حاليا إلا بوجود معتقلين سياسيين اثنين في المغرب، ويتعلق الأمر بمعتقلين عن حزب التحرير المغربي) نتساءل لماذا يحتفظ بتهامي وفؤايد بالسجن مع إقرار الوزارة أنهما معتقلان سياسيان؟ أم أنها ستستبعد ملف حزب التحرير بدعوى أن الحكم به ليس نهائيا؟ وهل سننتظر إلى أن يصدر الحكم ليقال عذرا ملفكم سياسي نريد إنصافكم؟ إن إنصاف المعتقلين السياسيين المحكومين أمر ذو أولوية وكذلك إصدار التعليمات وإظهار صدق الدولة في أن يطابق فعلها قولها بشأن وقف الاعتقال السياسي والحكم ببراءة أصحاب الملفات المعروضة أمام القضاء أمر ذو أولوية كذلك. فمعالجة الاختلاف في تدبير الشأن العام لا يكون بكَمّ الأفواه وقطع الألسن والزج بالناس في السجون وقطع الأرزاق والمتابعة والملاحقة والتضييق فهذه سياسة لم تُجْدِ ولن تجدي، وحال الدول العربية بالجوار شاهد.
إن وزارة العدل مطالبة بأن يطابق فعلها قولها وأن تفرج عن تهامي نجيم وسعيد فؤايد فورا وهما المعتقلان السياسيان باعترافها وأن تسارع بالكشف عن باقي أسماء المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي وتعالج كل الملفات العالقة لديها. فزمن الاعتقال السياسي والاعتقال لأجل الرأي قد ولى.
فإلى متى سيبقى حملة الإسلام دعاة الخلافة وراء القضبان؟ وإلى متى سيبقى في الدولة من إذا سمعوا قول الحق ((جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا)) وتنادوا (( إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ))؟ إلى متى سيبقى منطق ((مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ)) في تدبير الاختلاف السياسي وليس ((قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ))؟ بل إلى متى سيبقى الركوع للإنسان وقوانينه وجهة نظر أما الركوع لله وشريعته فهو جرم مشهود؟!
المكتب الإعلامي لحزب التحرير
في المغرب