معالم الإيمان المستنير القضاء والقدر ح1
أيها المؤمنون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
يؤمن المسلم بقضاء الله وقدره, وحكمته ومشيئته, وأنه لا يقع في الوجود شيء إلا بعلم الله وتقديره ومشيئته, وأنه سبحانه وتعالى عدل في قضائه, حكيم في تقديره وتدبيره, وأن ما شاء الله كان, وما لم يشأ لم يكن, ولا حول ولا قوة إلا به تعالى.
وقد وردت آيات كريمة, وأحاديث نبوية شريفة لها صلة وثيقة بموضوع علم الله تعالى وعدله, وحكمته في تقديره وتدبيره, يحسن بنا أن نفهمها فهما صحيحا, ومن هذه الآيات والأحاديث قوله تعالى: { وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين }. (التكوير: 29) أي وما تقدرون على فعل شيء إلا بتوفيق الله ولطفه, فاطلبوا من الله التوفيق إلى أفضل الطرق.
ومن الآيات التي يحسن بنا أن نفهمها فهما صحيحا قوله تعالى:{ ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين * ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين }. (المؤمنون: 14).
خلق الله آدم عليه السلام من طين, ثم جعل ذريته وبنيه يخلقون في بطون أمهاتهم أربعين يوما نطفة أي ماء دافقا يخرج من أصلاب الرجال في مستقر متمكن هو الرحم, ثم تصير النطفة دما جامدا يشبه العلقة أربعين يوما, ثم تصير العلقة مضغة أي قطعة لحم أربعين يوما ثم تصير قطعة اللحم عظاما صلبة لتكون عمودا للبدن ثم تكسى العظام باللحم, ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح, ويكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد.
أيها المؤمنون:
ومن الأحاديث النبوية التي يحسن بنا أن نفهمها فهما صحيحا قوله صلى الله عليه وسلم : “إن أحدكم يجمع خلقه فى بطن أمه أربعين يوما نطفة, ثم يكون علقة مثل ذلك, ثم يكون مضغة مثل ذلك, ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح, ويؤمر بأربع كلمات: يكتب رزقه وأجله وعمله وشقى أو سعيد, فوالذى لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها, وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها “. (رواه مسلم)
أيها المؤمنون:
نفهم من هذا الحديث الشريف أن كل ما هو مقدر على الإنسان مكتوب في اللوح المحفوظ: يجمع خلق الإنسان في بطن أمه أربعين يوما نطفة أي ماء دافقا يخرج من صلب الرجل, ثم تصير النطفة دما جامدا يشبه العلقة أربعين يوما, ثم تصير العلقة مضغة أي قطعة لحم أربعين يوما ثم تصير قطعة اللحم عظاما صلبة؛ لتكون عمودا للبدن ثم تكسى العظام باللحم, ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ويكتب رزقه, وأجله, وعمله, وشقي أو سعيد. ثم يستمر حمله في بطن أمه مدة لا تزيد عن تسعة أشهر, ثم تضعه أمه, ثم يكبر حتى يبلغ أشده, فيعمل بعمل أهل الجنة أو بعمل أهل النار, فيدخل الجنة أو النار.
أيها المؤمنون:
ومن الآيات التي يحسن بنا أن نفهمها فهما صحيحا قوله تعالى: { ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم }. (التغابن: 11). والمعنى أن ما أصاب أحدا مصيبة في نفسه, أو ماله, أو ولده, إلا بقضاء الله وقدره, وما على المؤمن إلا أن يصبر ويرضى بقضاء الله, ويثبت على إيمانه, ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه, وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه.
ومن الآيات التي يحسن بنا أن نفهمها فهما صحيحا قول الله جل في علاه: (وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله). (الأعراف: 43). ومعنى الآية أن أهل الجنة يوم القيامة يقولون: الحمد لله الذي وفقنا لتحصيل هذا النعيم العظيم, ولولا هداية الله وتوفيقه لما وصلنا إلى هذه السعادة.
ومن الآيات التي يحسن بنا أن نفهمها فهما صحيحا قوله تعالى:{ قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون }. (التوبة: 51). مولانا: أي ناصرنا ومؤيدنا. ومعنى الآية: أنه لن يصيب الإنسان خير ولا شر, ولا خوف ولا رجاء, ولا شدة ولا رخاء, إلا وهو مقدر عليه مكتوب عند الله في اللوح المحفوظ, وهو ناصره وحافظه, فليفوض المؤمن أمره إلى الله, ولا يعتمد على أحد سواه.
أيها المؤمنون:
فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.