Take a fresh look at your lifestyle.

مع الحديث الشريف ما يتقى من الضحايا

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

روى مالك في موطئه قال :

حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزٍ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ” أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ مَاذَا يُتَّقَى مِنْ الضَّحَايَا فَأَشَارَ بِيَدِهِ وَقَالَ أَرْبَعًا – وَكَانَ الْبَرَاءُ يُشِيرُ بِيَدِهِ وَيَقُولُ يَدِي أَقْصَرُ مِنْ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -الْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ضَلْعُهَا وَالْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي “.

ذكر ابو محمد المقدسي في كتاب المغني أنّ :

العرجاء البيّن ضلعها : هي التي بها عرج فاحش يمنعها من اللحاق بالغنم التي تسبقها للكلأ فلا تدركه فينقص لحمها.

العوراء البين عورها: هي التي انخسفت عينها وذهبت.

المريضة البيّن مرضها: هي التي مرضها أفسد لحمها وأضعف راعيتها فأوكس ثمنها، وسواء في ذلك الجرب والورم والبثور.

العجفاء التي لا تُنقى: هي التي لا مُخَّ لها في عظامها لهزالها، والنِّقْيُ هو المخ.

ها هم الصحابة الكرام في هذا الحديث الشريف يُسطّرون لنا درساً قيّما في كيفية إحسان العمل, والإحاطة بكل ما يجعله مقبولا عند الله.

إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، فمن أراد أن يتقرب إلى الله, فليتقرب إليه بشيء يليق بجلاله وعظيم سلطانه، فهو القائل :” لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ” آل عمران 92.

هذا ما يعلمنا إياه حديثنا لهذا اليوم .

فأنت إذا ما أردت تقديم هدية لأحد في هذه الدنيا تراعي قرابته منك ودلالته عليك ومنزلته الاجتماعية, فتجعل الهدية تليق به حتى تلقى القبول منه، فهذا الهدف من الإهداء في النهاية، إنه التحبب والتقرب من المهدى اليه, ولا يتحقق الهدف إلا إن نالت الهدية قبول ورضى المهدى إليه، فما بالنا برب الأرباب، ملك الملوك، الكبير المتعال!!

ولقد وعى الصحابة هذه الحقيقة، كيف لا وقد درسوا في مدرسة النبوة وتتلمذوا على يد خير معلم للبشرية, فعرفوا أن العمل حتى يكون مقبولا يجب أن يسير وفق ما يحب الله تعالى ويرضى, فسارَعوا لسؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن الصفات التي تجعل الضحية تفقد قيمتها ولا تلقى القبول من رب العالمين حتى يتجنبوها, فهم حريصون على قبول هداياهم ونيل ثواب قرباتهم, وجاء الجواب مفصلاً وواضحاً من سيد المعلمين ورأس المدرسين المبعوث رحمة للعالمين, صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

فيا أحفاد الصحابة وأتباع المصطفى صلى الله عليه وسلم, الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، لنلتزم بالدرس الذي تعلمه أجدادنا والذي مفاده، ألّا تعمل عملاً قبل معرفة حكمه وشروطه وكيفية القيام به, وإن جهلت فاسأل، فإنما دواء العي السؤال.

فمن نوى التضحية فليختر من الأضاحي ما يليق بأن يقدم لملك الملوك ورب الأرباب, الكبير المتعال، وليحذر من اختيار الأضحية الناقصة فهو يقدمها لمن تنزه عن كل نقص, وترفع عن كل عيب وضعف.

ودرسنا لهذا اليوم مستمعينا الكرام, عام شامل لا يقتصر على تعليمنا التحري والتدقيق في اختيار الأضحية فحسب, وإنما يعلمنا التحري والتدقيق في كل ما نتلقاه وكل ما يصدر عنا، فإن لكل عمل وكل قول وكل حركة في حياتنا حكماً شرعياً، علينا أن نحرص على تعلم تلك الأحكام، لأننا مسؤولون عنها أمام الله تعالى، فاذا ما رأينا أن تعلمها لا يكفي لإحسان تطبيقها، فلنعمل على إيجاد الأجواء المُعينة على التطبيق – الأجواء الإسلامية – التي لا يوفرها إلا حكم بالإسلام في جميع نواحي الحياة وليس فقط في العبادات, فدولة الإسلام هي الضامنة لتطبيق أحكام الإسلام كافة وتمكين المسلمين من عبادة الله كما يحب ويرضى.

احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.