Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق لماذا لا يعمل إلا القليلون على نشر الإسلام في الغرب ؟

قبل بضعة أيام تحديدا يوم الأربعاء، تلقيت اتصالا من صديق للعائلة ممن اعتنق الإسلام، طالبا مني لقاء أحد الأصدقاء الذين يريدون أن يتعرفوا على الإسلام من أجل الدخول فيه، و كان عنده بعض المسائل التي يريد النقاش فيها قبل التحول إلى الإسلام. قبل صلاة الظهر جلست مع أخينا كي أجيبه عن أسئلته التي تدور في خلده. افتتحنا الحوار بالحديث عن العقيدة و متطلباتها. وبات من الواضح لي أني قد أجبت على كل التساؤلات التي دارت في ذهنه. بعد هذا نهض وأعلن استعداده لاعتناق الإسلام. فقام بعد الصلاة وسلم على إمام المسجد واسمه عبد القادر وطلب منه أن يشهر إسلامه، فلقنه الشهادتين بعد قراءة بعض الآيات من القرآن على مسمعه، ثم نطق أخونا بالشهادتين أمام المصلين الحاضرين وبعدها تصافح مع إخوته في الإسلام، وأعطيته مصحفا وكتيبا عن الصلاة. جزى الله صاحبه الذي دعاه الى الإسلام خير الجزاء وبارك الله فيه أن أشركني في هذا العمل طمعا بالأجر لتوضيح المسائل العالقة التي كان لها الأثر في دخول هذا الأخ في الإسلام.

 

بعد هذه الحادثة تفكرت في دور المسلمين الحقيقي في الغرب ألا وهو نشر الإسلام بين غير المسلمين . صحيح أن هناك بعض الأشخاص النشطين في هذا المجال وهم يكسبون أشخاصا الى الإسلام من غير المسلمين عن طريق علاقاتهم الأسرية والعلاقات الشخصية الأخرى، لكن هذا العمل فردي، وما نحتاجه في الغرب في هذا السياق هو عمل منظم على صعيد الكسب العريض الى الإسلام، وهذا العمل بحد ذاته وهو حمل الدعوة الإسلامية فرض من الله علينا نحن المسلمين ، وعلينا ان نحمل هذه الرسالة لغير المسلمين لنكسبهم للإسلام فلا تبقى الرسالة محصورة في المهاجرين، بل تحمل إلى أهل البلاد الذين يتوجب علينا حمل الرسالة لهم.

 

اما لماذا تقل أعداد المبادرات في نشر الدعوة الى الإسلام بين غير المسلمين؟ فهذا الأمر يعود لعدة أسباب منها :

 

1) الشعور بالنقص عند بعض المسلمين القادمين من الشرق. فهم من جاء للبحث عن حياة أفضل وفرص عمل أحسن. وفي ظنه أنه عليه أن يبتعد عن المشاكل الاجتماعية في المجتمع الجديد. هذا المجتمع الفارغ من القيم الحقيقية والروحية والمشبع بالتفكيك الأسري والمشاكل السياسية والاقتصادية.

في هذه الأجواء لا يتبادر لذهن المسلم أنه من واجبه ان يرشدهم إلى الحلول لمشاكلهم وإلى القيم النبيلة والأخلاق الحميدة التي يدعو لها الإسلام حتى يعيشوا حياة تنعم بالهدوء و الراحة والسعادة الحقيقة التي يوفرها هذا الدين لمعتنقيه. وليس صحيحا ما نراه من بعض الاشخاص من انطواء على النفس أو محاولة إخفاء هويتهم و تغيير أسمائهم حتى يصبحوا جزءا من هذا المناخ الفاسد ويحاكيهم بدل أن يغيرهم.

 

2) الشعور العام بالإرهاق نتيجة الهجوم المستمر على الإسلام والمسلمين من قبل وسائل الإعلام والسياسيين، خاصه بعد ما يسمى “الحرب على الارهاب”. ففي خضم هذه الحرب قام المثقفون والسياسيون بالهجوم على الإسلام وقيمه ومعتقداته ومعتنقيه، وزاد على هذا إتهام المراكز الإسلامية والمساجد بنشر الكراهية وتصدير الإرهاب، وقاموا بمحاربة الحجاب على أنه مظهر لاضطهاد المرأة وقالوا بأن الخلافةَ الإسلامية دولةٌ إرهابية، وكان آخر هجماتهم التعدي على القرآن بالتزوير والتشويه والإساءات الموجهة إلى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. نتيجة لذلك تولد شعور عند المسلمين أن هذه الشعوب لا تستحق أن تُحمل لها الدعوة بسبب ما يقوم به الإعلام والسياسيون. لكن الواجب هنا أن نفصل بين السياسيين والإعلام من جهة وعامة الناس من جهة أخرى، فعامة الناس هؤلاء عرضة للتضليل، لأنهم يجهلون الإسلام الحقيقي. وما يقوم به هؤلاء الإعلاميون المضلِّلون هو تحدٍ فكريٌ للاسلامِ والمسلمين وعلينا أن نواجههم فنظهر الدين الإسلامي كما هو، نورا ينير للجاهلين الطريق، وعلينا أيضا أن نجسد هذا الدين في علاقتنا مع الآخرين كالجيران والزملاء في العمل. هذا هو الواجب علينا، أن ننخرط في هذا العمل الدعوي في هذه المجتمعات الجاهلة بالدين الإسلامي.

 

3) هناك سبب آخر وهو عدم تمكن المسلمين من الإسلام بشكل يجعلهم غير قادرين على الدخول في نقاش مع غير المسلمين، خاصه في القضايا الفكرية التي وضعها الإعلاميون والسياسيون موضع تهمة للإسلام، من مثل أن الشريعة الإسلامية فيها عقوبات وحشية، أو أن الإسلام يضطهد المراة، وأن الإسلام سيعيد البشر الى العصر الحجري، وما شاكل ذلك من الافتراءات. فكثير من المسلمين لا يملك الحجه القوية لدحض هذه الاتهامات فيهرب من النقاش ويبتعد عن هذه القضايا حتى لا يقع في المواجه.

إن لنا في رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام القدوة الحسنه، حيث كان يعيش في مكة المكرمة وفيها اجواء شبيهة بالتي نعيشها نحن في الغرب، حيث تسود أفكار الكفر وينعدم الاستقرار في المجتمع، مع هذا حمل النبي عليه السلام الرسالة للناس كافة وواجه افكارا ودعاوى واكاذيب من قريش، وخاصة من النخبة منهم. مع كل هذا استمر الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام بنشر الإسلام بالتي هي أحسن بالحث على التفكر والتدبر في شؤون الخلق والخالق عز وجل. فكان لحسنِ خلُقِةِ ومعاملته الدور الأكبر في نشر الدعوة وإقبال الناس على الإسلام واعتناقه. ولهذا يجب علينا أن نسير على خطى الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام من أجل تشجيع الناس في المجتمعات الغربية على الدخول في الإسلام، و يجب علينا الانخراط في هذا العمل العظيم ألا وهو نشر هذا الدين بين غير المسلمين تلبسا بالواجب الذي فرضه الله سبحانه وتعالى علينا نحن المسلمين في كافة المجتمعات.

 

 

 

تاجي مصطفى
الممثل الإعلامي لحزب التحرير في بريطانيا