مع الحديث الشريف باب من الدين الفرار من الفتن
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني بتصرف في ” باب من الدين الفرار من الفتن”.
حدثنا عبدالله بن مسلمة عن مالك عن عبدالرحمن بن عبدالله بن عبدالرحمن بن أبي صعصعة، عن أبيه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن “.
قوله : ( يوشك ) بكسر الشين المعجمة أي : يقرب.
قوله : ( يتبع ) بتشديد التاء ويجوز إسكانها، ” وشعف ” بفتح المعجمة والعين المهملة جمع شعفة كأكم وأكمة وهي رءوس الجبال.
قوله : ( ومواقع القطر ) بالنصب عطفا على شعف، أي: بطون الأودية، وخصهما بالذكر لأنهما مظان المرعى.
قوله: ( يفر بدينه ) أي: بسبب دينه. و”من” ابتدائية ،قال الشيخ النووي: في الاستدلال بهذا الحديث للترجمة نظر؛ لأنه لا يلزم من لفظ الحديث عد الفرار دينا، وإنما هو صيانة للدين.
يحلو لبعض المسلمين تفسير بعض الأحاديث التي وردت في موضوع الفتن بحسب ما يمليه عليه هواه، وبالتالي يقع صريع الشيطان بقعوده عن العمل لإعادة القرآن كتاب الله مطبقا في واقع الحياة، فهذا الحديث مثلا يعني عند البعض القعود عن العمل بأحكام الدين واعتزال جماعة المسلمين، وهذا غير صحيح؛ بل كل ما في الحديث هو بيان خير مال المسلم في أيام الفتن، وخير ما يفعله للهروب من الفتن، وليس هو للحث على البعد عن المسلمين واعتزال الناس، وعليه فإنه لا يوجد عذر لمسلم على وجه الأرض في القعود عن القيام بما فرضه الله عليه لإقامة الدين، ألا وهو العمل لإقامة الخلافة وتنصيب خليفة للمسلمين حين تخلو الأرض من الخلافة، وحين لا يوجد فيها من يقيم حدود الله لحفظ حُرمات الله، ولا من يقيم أحكام الدين، ويجمع شمل المسلمين تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله، ولا توجد في الإسلام أية رخصة في القعود عن القيام بهذا الفرض حتى يُقام به.
احبتنا الكرام، والى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.