Take a fresh look at your lifestyle.

  سلسلة قل كلمتك وامشِ- مشاهدات أرواح الشهداء ح1 – غزة – الأستاذ أبي محمد الأمين

 

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

 

مشاهدات أرواح الشهداء (1)

 

اجتمع بعض من أرواح الشهداء بإذن الله في الملأ الأعلى، وأخذت هذه الأرواح تتذاكر فيما جرى لها نتيجة عدوان غاشم لئيم من أجبن خلق الله، وكيف أن إخوانا ً لهم تركوهم لمصيرهم عزلا ً إلا من إيمان بالله وثقة بعفوه.

 

 قالت إحدى الأرواح: إن إخواننا من العرب وقفوا معنا يصدون عنا عدوان المعتدي.اعترضت باقي الأرواح على هذا القول واصفين إياه بعدم الصحة ومطابقة الواقع. كثر الهرج والمرج، وارتفعت وتيرة الجدال بين المؤيد والمعارض، ومن خلال هذه الجلبة ارتفع صوت حكيم مستنير قائلا ً: انتخبوا ثلاث أرواح من بينكن ليذهبوا ويزوروا كافة البلدان العربية ليرين ماذا قدمت كل بلد لغزة وضحاياها. اتفقن على ذلك ونزلت الأرواح الثلاث إلى الأرض، وبدأن بزيارة البلدان بلدا ً بلدا ً تلو بلد سائلين ومستفسرين ودارسين لما يقال، ومقارنين الأقوال بواقع الحال.

 

ابتدأ الوفد بزيارة رام الله في الضفة الغربية معتقدا ً أن أولى الجهات التي يجب أن تسأل هي الأهل في فلسطين المحتلة من اليهود أو السلطة، لافرق! لقد وجد الوفد أن أهل السلطة مسرورون لما يجري، معتقدين أن الهزيمة في غزة ستأخذهم على ظهر الدبابة الإسرائيلية إليها، لتعود الأمور إلى ما كانت عليه قبل طردها من هناك. ولقد استكثرت السلطة التنديد بالعدوان الهمجي على غزة، فبدل أن تقف السلطة وترسل رجالاتها المنضمين إلى الأجهزة الأمنية إلى غزة بأية طريقة من الطرق، فإذا بهؤلاء الأشاوس رجال السلطة وزبانيتهم يقفون أمام مظاهرات التنديد بالعدوان وتعتدي على المشاركين بالضرب والإهانة والاعتقال، وما أدراك ما الاعتقال، حيث يفقد المعتقل كل صفة من كرامة أو حرمة وتنتهك كل المحرمات ضده، لأنه أراد أن يندد بما يحصل من غارات وتهديم وتدمير، وقتل للشيوخ والنساء والأطفال وعائلات بأكملها. قالت الروح: ألم أقل لكم إن السلطة قد جاءت لحماية أمن اليهود ولم تأت لحماية أهل فلسطين من عدوان المعتدي؟ وها هي تثبت ذلك بما لا يحتاج إلى دليل، فالعنوهم ليلعنهم رب العزة سبحانه وتعالى.

 

ترك الوفد الضفة الغربية من فلسطين، وذهب إلى مصر، أرض الكنانة، ليزرن القاهرة عاصمة صلاح الدين قاهر الصليبيين، وعاصمة قطز والظاهر بيبرس قاهري المغول، فماذا وجد الوفد؟ لقد وجد رئيسا ً لأرض الكنانة مظلوما ً بارتداء ثوب الرئاسة، رئيسا ً بلغ أرذل العمر، رئيسا ً يقف ليقول بأن الدم الفلسطيني ليس رخيصا ً، ويقول معترفا ً بالعجز وعدم القدرة على فتح معبر رفح لإدخال المعونات الطبية والإغاثية بحجة أن اليهود يجب أن يشرفوا على المعبر حتى يتأكدوا من عدم تهريب السلاح. انظروا بالله عليكم! بدل أن يرسل المعونات، وأولها الأسلحة لمقاومة العدوان والدفاع عن النفس، يريد أن يثبت للعالم أجمع أنه حريص على أمن اليهود أكثر من اليهود أنفسهم. أما أهل غزة فليموتوا بأسلحة الغدر والعدوان اليهودي ولا بأس في ذلك، فإن المقاومين الذين يقتلون على أيدي اليهود يستريح منهم النظام العربي المتخاذل لأنهم لا يريدون أن يروا رجلا ً في الأمة يقف أمامهم وأمام أصدقائهم اليهود. وأكثر من ذلك فإن أجهزته الأمنية حالت دون خروج مظاهرات التنديد بالعدوان في القاهرة وسلطت عليهم رجال الأمن المركزي المتعطش لدماء أبناء الشعب. وأكثر من ذلك، فقد وجد الوفد رائحة التواطؤ بين نظام مصر وبين اليهود لأن قبيحة اليهود ليفني أعلنت الحرب على غزة من القاهرة. صحيح أنه قامت مظاهرات التنديد في المحافظات الأخرى، لكنها لا تغني عن أي تحرك يحصل في عاصمة أبطال حطين وعين جالوت.

 

قالت الروح للوفد: ألم أقل لكم أن اليهود لا يمكن أن يقوموا بأي عمل عسكري قبل أن يضمنوا نتائجه لصالحهم لأنهم جبناء لا يستطيعون إشعال الحرب بأنفسهم، لأن الله سبحانه وتعالى يقول عنهم: ” كلما أوقدوا نارا ً للحرب أطفأها الله “، أما حكام مصر فإنني لا أريد أن أقول عنهم شيئا ً لأنهم أموات والضرب في الميت حرام.

 

تحرك الوفد إلى الجنوب، إلى أرض السودان، فماذا وجد؟ وجد رئيسا ً باع البلاد للأعداء وهيأها لانفصالات خطيرة، ولكن هذا الرئيس يتكلم ويتبجح بأن النظام العربي يريد أن يجتمع أهله، ولكن بعد الدراسة والبحث وهذا لا يجوز، فماذا هو ذو النياشين والأوسمة على الصدر، والنجوم المكسوفة على كتفيه؟  هذا الرئيس وكغيره من الرؤساء لم يستجب لنداءات أبناء الشعب بفتح باب التطوع لنجدة أهل غزة، فقد وقفت إحدى النساء وقالت ولا فض فوها: ابعدوا عن صدورنا، لقد خنقتمونا، أعطونا السلاح لنذهب إلى غزة لنقاتل ونجاهد بجانب إخوتنا، ولكن غاب عن بالها بأن:

 

من يهن يسهل الهوان عليه                 ما لجرح بميت إيلام

 

وأيضا ً قول الشاعر:

 

لقد أسمعت لو ناديت حيا ً                   ولكن لا حياة لمن تنادي

 

قالت الروح: هذا هو أرض السودان، فقد حكامه الرجولة، والإحساس بالعزة فدعونا نرحل، لنستريح ونتابع مسيرتنا في يوم قادم إن شاء الله -تعالى-.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

 

 

أخوكم أبو محمد الأمين