Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق الاعتداء الجنسي على النساء بالتأكيد، تختلف بريطانيا عن الهند؟

 

قبل بضعة أسابيع، اندلعت في الهند موجة عارمة من الغضب بعدما توفيت طالبة تبلغ من العمر 23 عاما متأثرة بجروح أصيبت بها بعد أن اغتصبتها عصابة في نيودلهي. أحدثت هذه الحالة صدمة عارمة في الهند وأثارت جدلا حول معاملة النساء. وعقب هذه الحادثة، أبرزت وكالات الأنباء حول العالم أسباب كثيرة وراء تعرض النساء للتحرش الجنسي في الهند. فتحدثوا عن الطابع الذكوري في المجتمع، وعن التعليقات المشينة التي أدلى بها العديد من السياسيين بشأن الأسباب وراء الاغتصاب، وعن المدة التي استغرقتها حالات الاغتصاب حتى أُحيلت إلى المحاكم، وعن أعضاء البرلمان الذين اتُّهموا بالاغتصاب ومع ذلك استمروا بعملهم السياسي، وأسباب أخرى غير هذه. وتم أيضا تكرار إحصائيات حول انتشار هذه الجريمة في المجتمع الهندي. وادعت وكالة بي سي سي وغيرها بأنه يُقدم بلاغ بحالات اغتصاب في الهند كل 21 دقيقة.

لقد أُدين في الهند ما يزيد قليلا على ربع مرتكبي جريمة الاغتصاب التي حصلت في 2010  في أمريكا، وفقط 24% من حالات الاغتصاب المزعومة أدت إلى سجن مرتكبيها، ناهيك عن الإدانة. لذلك ظهرت بعض الإحصاءات لدحض الفكرة الشائعة بأن النساء هن أكثر أمانا في الغرب المتقدم مقارنة ببقية دول العالم.

وقبل بضعة أيام، لاحظتُ وجود مدونة على تويتر من السيد مراسل قناة 4 الإخبارية بشأن أرقام حديثة عن الجرائم الجنسية في إنجلترا وويلز. ففوجئت بأن الإحصائيات كانت أعلى من الأرقام الرسمية السابقة.

أشارت الإحصاءات التي جمعتها وزارة العدل، ووزارة الداخلية ومكتب الإحصاءات الوطنية إلى أنه يتم إدانة حوالي 1,000 مغتصب كل عام بالرغم من تعرض ما يصل إلى 95000 امرأة للاغتصاب سنويا. وأظهرت الإحصائيات نفسها أن ما يقارب الـ 500,000 امرأة هم من ضحايا الجرائم الجنسية في إنجلترا وويلز خلال فترة الاثني عشر شهرا وأن 1 من كل 20 امرأة كانت ضحية لاعتداء جنسي خطير بما في ذلك الاغتصاب، وأن 90٪ من هؤلاء الضحايا يعرفن فعلا الجاني.

حين تم إصدار هذه الإحصائيات المروعة، كنت أتساءل إن كان سيحدث نقاش كبير وبحث روحي عن الأسباب والعلاجات. فعلى كل حال، كانت هذه الإحصائيات لإنجلترا، وليست للهند البعيدة، لذلك فسيكون بالتأكيد هناك الكثير من النقاش على برامج الشؤون الراهنة الرئيسية. لكنه لم يحدث أيٌّ من هذا. لاحظت فقط بعض التغطية في صحيفة ومناقشات موجزة ولكن الغضب العام قليل. لماذا؟

وقالت ديبورا مكيلفيين من منظمة المعونة للنساء “قد تبدو هذه الأرقام صادمة، ولكن للأسف أنها ليس من قبيل المفاجأة. لا تزال معظم الضحايا لا تبلغ عن الجرائم – وحقيقة أن هناك عدداً قليلا جدا من الإدانات وهذا لا يفعل سوى القليل لتشجيع الضحايا الآخرين “.

حين جلست لمناقشة قضايا مع صديق، أثرت موضوع عدم وجود رد فعل على الإحصاءات البشعة الأخيرة حول الجرائم الجنسية في إنجلترا وويلز- على عكس الغضب الذي رأيناه في الهند، أو في الواقع غضب المعلقين هنا فيما يتعلق بالحالة المأساوية في الهند في حين أنهم بالكاد تأثروا بهذه الإحصاءات المتعلقة ببلادهم. فأشار إلى أن المسألة هي أن المجتمعات الغربية يرون أنهم متحضرون متفتحون بخلاف أهل الهند. لذلك كانوا يقولون أن الهند مجتمع ذكوري إلى حد كبير ويحمل آراء منحطة تجاه المرأة، أما المملكة المتحدة أعطت المرأة حريتها وساوتها بالرجل- وهذا أمر تطمح الهند إلى لبلوغه. إن عقلية كهذه تعني أن المجتمعات الغربية لا تعترف أن قيمها هي السبب في هذه السلوكيات التي تؤدي إلى هذا العدد الكبير من الجرائم ضد المرأة.

لقد أظهرت هذه الإحصاءات الأخيرة أن الجرائم الجنسية ليست مجرد قضية فرعية في المجتمع، لكنها مشكلة سائدة في جميع طبقات المجتمع. وتبين أيضا بأن التحرش بالنساء ليست مشكلة موجودة في العالم الثالث أو أجزاء من العالم الإسلامي فحسب، بل أيضا في العالم “المتقدم” الليبرالي العلماني حيث أدى التعزيز المستمر لفكرة أن النساء كائنات جنسية إلى كارثة. والأكثر مأساويا هو اعتقادهم بأن تحرر المرأة يعتبر تقدما، مما يدفعهم لعدم الاعتراف بهذه المشكلة في مجتمعاتهم، أو تقدير حجمها الحقيقي.


تاجي مصطفى
المتحدث الإعلامي لحزب التحرير – بريطانيا