Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق تشييع جنازة شكري بلعيد السياسي المعارض

 

الخبر :

خيم التوتر السياسي والأمني على مناطق واسعة من تونس متزامناً مع تشييع جنازة شكري بلعيد السياسي المعارض الذي قتل برصاص مجهولين يوم الأربعاء. وقد شارك الآلاف من الأحزاب الليبرالية والعلمانية في جنازة شكري بلعيد، وسط إجراءات أمنية مشددة. ونشأ ذلك التوتر على إثر دعوات إلى إضراب عام ورفض رسمي من قبل حركة النهضة لاقتراح رئيس الوزراء حمادي الجبالي تشكيل حكومة تكنوقراط. هذا وقد تعددت المظاهرات الاحتجاجية على البطالة والبؤس، ولا يزال الغضب يسيطر على الشارع، وقد عمدت حشود إلى اقتحام وحرق مقرات لحركة النهضة التي تقود الائتلاف الحاكم، والتي رفضت تحميلها المسؤولية عن عملية اغتيال بلعيد.


التعليق :

بدأ مشهد الثورة على الطغاة في ميادين التحرير يتحول إلى صراع بين القوى المحسوبة على الإسلام وقوى علمانية، حيث تسعى تلك القوى إلى إثبات وجودها وحجز حصتها في النظام الجديد، ليس فقط من خلال المنافسة السياسية، ولكن باستمرار الحشد والاستقطاب من خلال معركة المليونيات المتبادلة بين الأغلبية الإسلامية والأقلية العلمانية، وأيضا باللجوء إلى العنف الذي يمكن أن يئد روح الثورة في المنطقة برمتها.

لا يمكن النظر إلى التوترات والاصطدامات الجارية في دول الربيع العربي دون ربطها (بالدبلوماسية) الغربية التي لا زالت تعمل وبنشاط. فها هي سفيرة أمريكا في مصر على سبيل المثال تصول وتجول للتواصل مع الأحزاب والمنظمات، حيث تجد تجاوبًا يجعل السفارة الأمريكية وكأنها هي‪ ‬التي تحكم مصر. فاللقاءات والاجتماعات داخل مقر السفارة وفي مقار الأحزاب والمنظمات ومكاتب السياسيين، وتنظيم المؤتمرات وورش عمل، والدورات التدريبية، داخليًّا وخارجياً… خير شاهد على أن السفيرة الأمريكية تمسك – بنسبة كبيرة – بخيوط اللعبة السياسية، وتحرك أحزابًا وقيادات سياسية كقطع الشطرنج، وذلك داخل قوى المعارضة والحكومة على حد سواء‪.

هذا ما جعل السمة العامة للمشهد السياسي في بلاد الربيع العربي تكمن في صراع بين قوى تحسب على الإسلام وقوى علمانية، ومن ثنايا هذا الصراع اندلعت كثيرٌ من المواجهات ذات التداعيات الأليمة في تونس ومصر وليبيا…

فمع وصول فصائل محسوبة على الإسلام لسدة الحكم، ولو بأجندة لا تتوافق مع الشريعة الإسلامية بل وتقوم على الديمقراطية ومشاركة العلمانيين في الحكم، فقد بات واضحاً أن الإسلام هو خيارَ الشعوب المفضَّل، وذلك على الرغم من تحكم الأنظمة العلمانية لعشرات السنين، بعدما فرضها الغرب على المسلمين من خلال طغاة عملاء، إلا أن العلمانية بقيت نبتاً غريباً وشاذاً في بلاد المسلمين.

ولهذا فإن ما نراه اليوم في بلاد الربيع العربي من صراع، يكمن سببه في الدبلوماسية الغربية وتخوف الغرب من وصول البديل الإسلامي الحقيقي إلى الحكم. فهذا الصراع القائم، يشكل ضغطا على شارع الربيع العربي الذي يأمل بعودة الإسلام إلى الحكم، كما ويفرض عليه التخفيض من سقف طموحاته بل وإرغامه على العودة إلى العلمانية. فمن شأن الخلافات السياسية أن تفرض المساومات والحلول الوسط التي تعني التنازل عن تطبيق شرع الله والقبول بما لا يرضي الله ولا عباده.

ومن المحزن أن تجد العلمانية من يدعمها من القوى السياسية في الداخل والخارج، في حين يكاد الإسلام لا يجد دعما حتى من قبل الفصائل المحسوبة على الإسلام. تلك الفصائل التي جعلت من استرضاء الغرب وسيلة للوصول إلى سدة الحكم، وأبقت نفوذ الغرب وضمنت له القدرة على أن يصول ويجول في بلاد المسلمين.

إن أحداث تونس ومصر وليبيا شاهد على ضرورة التغيير الجذري، فقد ثبت بعد مرور عامين على الثورات المباركة، أن دول الربيع العربي لم تكن بحاجة لرئيس جديد، بقدر ما هي تحتاج إلى تغيير شامل وجذري يستأصل نفوذ دول الغرب ودبلوماسيتها من بلاد المسلمين.

 

 

شادي فريجة

الممثل الإعلامي لحزب التحرير في اسكندينافيا