نداءات القرآن الكريم للذين آمنوا الحلقة الثالثة النداء الأول ( الجزء الثاني ) النهي عن استخدام مصطلحات الكفار التي لها مدلول يتعارض مع الإسلام
(يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم) (البقرة 104).
الحمد لله الذي أنزل القرآن رحمة للعالمين، ومنارا للسالكين، ومنهاجا للمؤمنين، وحجة على الخلق أجمعين. والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وآله وصحبه الطيبين الطاهرين، والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين، واجعلنا اللهم معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
أيها المؤمنون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: في هذه الحلقة نتابع معكم الحديث عن النداء الأول والذي تناولنا فيه الآية الكريمة الرابعة بعد المائة من سورة البقرة التي يقول فيها الله تبارك وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم ). نقول وبالله التوفيق:
أيها المؤمنون:
نهى الله عباده المؤمنين في هذه الآية الكريمة عن قول كلمة راعنا، وأمرهم أن يقولوا بدلا منها: انظرنا. وما أشبه الليلة بالبارحة، والتاريخ يعيد نفسه، الله سبحانه وتعالى يقول: (إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون). (يوسف 0) وهم يقولون: “إن الحكم للشعب”.
الله سبحانه يقول: (والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون). (الشورى 38) فجعل الشورى تتوسط بين عبادتين، بل بين ركنين مهمين من أركان الإسلام، وهما الصلاة والزكاة يقوم بهما المسلم استجابة لربه عز وجل، وهم يقولون: الديمقراطية لا تتعارض مع الإسلام، وهي مثل الشورى، لذا فنحن نريد دولة تطبق الديمقراطية! الله سبحانه يقول: (وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس لفاسقون). (المائدة 49) وهم يقولون: لا نريد الحكم بما أنزل الله!. الله سبحانه يقول: (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون). (المائدة 50) وهم يقولون: نريد دولة علمانية لا دين لها!
الله سبحانه يقول: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما). (النساء 65) وهم يقولون:لا مجال لتطبيق الشريعة الإسلامية في بلادنا!
الله سبحانه يقول: (إن الدين عند الله الإسلام ). (آل عمران 19)، ويقول: (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين). (آل عمران 85) وهم يقولون: نريد دولة تطبق الدساتير الغربية، ولا نريد دولة تطبق الدستور الإسلامي المأخوذ من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما أرشدا إليه من إجماع الصحابة والقياس الشرعي باجتهاد صحيح، يرضى عنها ساكن الأرض وساكن السماء!
الله سبحانه يقول: (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون). (البقرة 85) وهم يقولون: لا نستطيع أن نطبق شرع الله تطبيقا كاملا دفعة واحدة؛ لذلك سنعمل على تطبيقه بالتدريج، وإن أدى ذلك إلى تعطيل بعض الأحكام الشرعية، وإلى الحكم بغير ما أنزل الله.
النبي صلى الله عليه وسلم يقول مخبرا بما سيكون بعد الحكم الجبري الذي بدأ بالزوال: “ثم تكون خلافة على منهاج النبوة” وهم يقولون: سنحافظ على النظام الجمهوري الديمقراطي، ولا نسعى لتطبيق نظام الخلافة الإسلامية التي تطبق الإسلام كاملا دفعة واحدة في كل شأن من شؤون الحياة كما يحب ربنا ويرضى جل في علاه!
أيها المؤمنون:
والآن دعونا نتساءل كما تساءل الشاعر مصطفى حيدر الكيلاني في صرخة له منذ خمسينات القرن الماضي فنقول كما قال:
متى الإسلام في الدنيا يسود | ويشرق بيننا الفجر الجديد |
متى ننقض كالشهب البوازي | وننزوا مثلما تنزوا الأسود |
على المستعمرين وتابعيهم | نريهم كيف تتحطم القيود |
كيف تفور من غضب دمانا | وكيف نبيدهم فيما نبيد |
متى نستأنف الإسلام حكما | سماويا تقام به الحدود |
ورايتنا العقاب تعود يوما | مرفرفة تخر لها البنود |
أيها المؤمنون:
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة، موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى، فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما، نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه، سائلين المولى تبارك وتعالى أن يجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا همومنا وغمومنا، اللهم ذكرنا منه ما نسينا وعلمنا منه ما جهلنا وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنا واجعله حجة لنا لا علينا اللهم آمين آمين يا رب العالمين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محمد أحمد النادي