يا أهل الشام: أمريكا تعدُّ حكومةً انتقاليةً مسمومةً فلا تُدخلوها بلادكم وتصعيدُ المجازرِ هو لتقبلوها فَرُدُّوا كيدهم، وانصروا الله ينصركم ويثبِّت أقدامكم
لقد وَضُحَ الصبحُ لذي عينين، وما كان يدورُ سرا، فهو يدور علنا… وها هي أمريكا في 13/03/2013م على لسان وزير خارجيتها جون كيري تطلب من المعارضة الحوار مع الطاغية بشار لتشكيل حكومة انتقالية! إن أمريكا تعمل بجد واجتهاد على تشكيل حكومة انتقالية من صنائعها في الخارج وصنائعها في داخل النظام بفتوى عدم تلطخ أيديهم بالدماء، بل كانوا فقط يغمسون أيديَهم غمساً خفيفاً لا يَعلَقُ بها الدمُ طويلا! وذلك ليكونَ نتاجُ هذه الحكومةِ جمهوريةً علمانيةً كما كانت من قبلُ “معَ رتوشٍ” يقتضيها الحال! وها هم يجتمعون في القاهرة وفي اسطنبول سراً وجهراً ثم يتدارسون ويؤجلون…
إن أمريكا تدركُ أن المسألةَ ليست في التشكيل، فليس الأمرُ صعباً عليها أن تجمعَ من صنائعها ما يملأُ “وِعاءَ” حكومةٍ، ولكنَّ المسألةَ في تَمَكُّنِ هؤلاء من الوقوف على أقدامهم في أرض الشام، أو أن يكون لهم قبولٌ فيها، فهي تدرك أن الثائرين في الداخل، هم مسلمو المشاعر، سواءٌ أكانت أفكارُهم عميقةً مستنيرة أم كانت أفكارُهم أقلَّ عمقاً وأدنى، فإن أهلَ الشام يَرَوْنَ صنائعَ أمريكا في الخارج ويسمعونَهم ينادون بالدولة المدنية الجمهورية العلمانية، وهذه الأنظمة هي التي أنتجت “بشار” وتنتج غيرَه، فكيف يستقبلون أقواماً يدعون لذلك؟ لقد ذاق الناسُ من هذه الأنظمة الطاغية الأمرَّين، فجعلت حياتَهم ظلماتٍ بعضُها فوق بعض… إن الناس يريدون إسلامَهم المنبثقَ من عقيدتهم، فبها وحدَها يسعدون، وبها وحدَها يَعزّون.
وليس خافياً ولا سراً أن الغربَ بزعامة أمريكا ترتعدُ فرائصُه من الإسلامِ وأحكامِه، فهو يريدُ نظاماً علمانياً لسوريا يتولاهُ بديلٌ لبشار بوجهٍ أقلَّ سواداً وأخفَّ اضطهادا، يَخدعونَ الناسَ به ويُضَلِّلُونَ! غير أن مأزقاً يَحوطُ أمريكا من جوانبِها، وهو أن الناسَ في الداخلِ لا يقبلون صنائعها في الخارج، فكيف بصنائعها في داخل النظام؟!، ولن يستطيعَ بديلُ بشار مهما كان طويلَ اليدِ واللسانِ أن يَحكمَ الشامَ وهو قابعٌ خارجَها، فلا يمكنُ لحكومةٍ انتقاليةٍ لا قرارَ لها في الداخل أن تؤديَ الدورَ الأمريكيَّ المطلوبَ إلا أن تحميَها بقواتٍ دوليةٍ تَصحبُها، وهذا الأمرُ قد عُرِضَ على فتراتٍ ولا زال لم يُسحبْ من التداول، لكنَّ عواقبَه قد تخرجُ عن الحساب… فكان أنْ ظنت أمريكا، وظَنُّها يُرْدِيْها بإذن الله، أن البطشَ والتدميرَ يجعلُ الثائرين في أرض الشام عقرِ دارِ الإسلام، يجعلُهم يستقبلون تلك الصنائعَ بالأحضانِ أو حتى بالبنانِ!… وهكذا فإن أمريكا تُمِدُّ نظامَ الطاغيةِ “بشار” بأسباب الحياة، مالاً وسلاحاً، عن طريق خطوطِها الأمامية: روسيا والنظامِ في إيران والحواشيْ والأتباع، وعن طريقِ خطوطِها الخلفية: الأنظمةِ في تركيا والعراقِ ولبنانَ وفي ثناياها مصرُ النظام! وقد يستغربُ بعضُ الناسِ فيتساءلون: لماذا روسيا والنظامُ في إيرانَ هي خطوطٌ لأمريكا أماميةٌ، وأمّا الأنظمةُ في تركيا والعراقِ ولبنانَ وفي ثناياها مصرُ النظامُ هي خطوطٌ خلفية؟ ولكنْ من تدبَّر واقعَ الحال فسيُغنِيهِ ذلك عن تفصيلِ الْمَقالِ وجَوابِ السؤال! أمّا أوروبا وأتباعُها وبخاصةٍ قَطَر فهم يَسيرون على جوانبِ الخطوطِ الأماميةِ والخلفيةِ يترقبون نافذة للدخول يحصلون منها على شيء من نصيب.. هذا إن كان!
أيها الثائرون في أرض الشام عُقرِ دارِ الإسلام: ذلك هو مكرُ الكفارِ المستعمرين والحواشي والأتباع، ومكرُ أولئك هو يَبورُ بإذنِ الله، وإحباطُ مكرِهم وهزيْمَتُهُم، كل ذلك أمرٌ ميسورٌ لمن يسَّره اللهُ له، فأدرَكَ مُحكمَ آياتِه سبحانه، وأدرك سيرةَ رسولِه صلى الله عليه وسلم ، وأيقن وآمن بقلبِهِ وبكُلِّ جوارحِهِ بقوله سبحانه (( إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ))، ولكنَّ السؤالَ هو كيف ننصرُ الله سبحانه؟
هلِ المناداةُ بِحُكمٍ جمهوريٍّ علمانيّ ديمقراطيّ مدنيّ ورَفْعُ رايةِ سايكس بيكو المسماةِ رايةَ الاستقلال، إرضاءً للغربِ بعامّة، ولأمريكا بخاصة، هل هذا نصرٌ لله سبحانه؟ هلِ الامتناعُ عن المناداةِ بالخلافةِ، وعَدَمُ رَفْعِ رايةِ العُقابِ، رايةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، راية لا إله إلا الله محمد رسول الله بِحُجَّةِ الْخَشْيَةِ من استفزازِ الغربِ وغيظِهم، هل هذا نصرٌ لله سبحانه؟ هلِ الاستعانةُ بالغربِ الكافرِ المستعمرِ في السلاحِ والمالِ ومُوالاةُ تلك الدولِ المحاربةِ للمسلمين هو نصرٌ للهِ سبحانه؟ هلِ القولُ بالتدريجِ في الأحكامِ، فَيَحِلُّ الخمرُ عاماً ويَحْرُمُ عاماً، وتُعَطَّلُ الحدودُ أعواماً، ويُحَارَبُ اللهُ بانتشارِ الربا في البنوكِ والحياةِ الاقتصاديةِ هل هو نصرٌ لله؟ هلِ التضحيةُ بالأنفسِ والأموال لاستبدالِ عميلٍ بعميلٍ دونَ قَلْعِ النظامِ من جُذورِهِ ودونَ إقامةِ الخلافةِ، هل هذا نصرٌ لله؟
إنَّ كُلَّ هذا ليس نصراً للهِ سبحانه، فإذا تَخَلَّفَ النصرُ من عندِ الله فهو بما كَسَبَتْ الأيديْ وليس بإخلافِ وعدِ الله، بل هو حقٌّ وصِدْقٌ (( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا ))، فانصروا اللهَ كما يجبُ أن يكونَ، وعندها ستهونُ أمامكم قوى الكفارِ المستعمرين وعملائهم، ولا تَضُرُّكُم ضَخامةُ أسلحتِهم، فقُلوبُهُمْ وَجِلَةٌ وَاهِيَةٌ، ولا يَضُرُّكُمْ مكرُهُمْ وكيدُهم، فعندَ اللهِ مَكرُهم وإنْ كان مَكرُهم لِتَزولَ منه الجبالُ.
أيها الثائرون الصادقون: إنَّ الرائدَ لا يَكْذِبُ أهلَهُ وإنَّ حزبَ التحرير يَدعوكم إلى أنْ تنصُروا اللهَ بصدقٍ فَيَنْصُرَكُمْ بِحَقّ:
انصروه سبحانه في وَحدتِكم واعتصامِكم بحبلِ اللهِ جميعاً وراءَ قيادةٍ مخلصةٍ واحدةٍ، صادقةٍ مع اللهِ في نقاءٍ وصفاءٍ في كلِّ عملٍ تقومُ به، قيادةٍ تُخلِصُ عملَها للهِ وحدَه، فاللهُ سبحانه لا يَقبَلُ عَملاً يُشْرَكُ فيهِ غَيْرُهُ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ، مَنْ أَشْرَكَ بِي كَانَ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ لَهُ» أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده…وانصروه سبحانه بأنْ لا تُرْضُوا الناسَ بسَخَطِ الله، فلا تُرْضُوا أمريكا بإعلانِ الدولةِ الديمقراطيةِ العلمانية، ولا تُرْضُوا أمريكا بإِشاحةِ الوجهِ عن الخلافةِ خَشْيَةَ استفزازِ أمريكا والغرب، وخَشْيَةَ غيظِهم، بل ليموتوا بغيظِهم، فإن إرضاءَ الناسِ بسَخَطِ اللهِ عاقبتُهُ ذُلٌّ وهَوانٌ، يقول صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابنُ الْجَعْدِ في مسندِه عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: «مَنْ أَرْضَى النَّاسَ بِسَخَطِ اللَّهِ، وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى النَّاسِ، وَمَنْ أَسْخَطَ النَّاسَ بِرَضَا اللَّهِ كَفَاهُ اللَّهُ النَّاسَ»…وانصروا القويَّ العزيزَ بالعزمِ على إقامةِ الدولةِ الواحدة، الخلافةِ الراشدةِ لتطبيقِ شرعِ الله في الصغيرةِ والكبيرة، وفي المعاملاتِ والعقوبات، والحدودِ والجهاد والعبادات، فالذي قال (( وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ))، هو سبحانه القائل (( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ))، فطاعةُ اللهِ لا تَتَجَزَّأُ بل يُنَفَّذُ أمرُهُ سبحانه على وجهِهِ منذُ نزولِهِ، هكذا كان يفعلُ الرسولُ صلى الله عليه وسلم قدوتُنا، يُطبقُ الحكمَ حالَ نزولِه، وهكذا كان الخلفاءُ الراشدونَ يفعلون، يطبّقونَ الأحكامَ حالَ الفتحِ دونَ تجزئةٍ ولا تدريج…وانصروه جلَّ وعلا في إعطاءِ النصرةِ لحزب التحرير فهو القادرُ بإذنِ اللهِ على إقامةِ الخلافةِ على وجهِها، وتطبيقِ أحكامِ اللهِ وَفْقَ مَشروعٍ أعدَّهُ الحزبُ مُسْتَنْبَطاً من الإسلامِ وليس من شيءٍ سِواه، والحزب ذو شأن في الوعي السياسي، قادرٌ بعونِ اللهِ على إحباطِ مُؤامراتِ الكفارِ المستعمرين، وإشغالِهِم في أنفسِهِم حتى الفتحِ المبينِ.
أيها الثائرون في أرض الشام: ليس أمامَكم من طريقٍ ثالث، فإنْ تعاهدْتُم على أن تنصروا اللهَ، وأقسمتم أمامَ الله سبحانه بأنْ تَثْبُتُوا على هذا الحقِّ العظيم، فعندَها تَسْعَدُون في الدنيا وفي الآخرة، وتَنْكَفِئُ عنكم الدولُ المستعمرةُ الكافرة، ويُقْبَرُ العملاءُ الخونة، وتَذْكُرُكم بخيرٍ دماؤُكم الزكيةُ التي سُفكت والتضحياتُ العظيمةُ التي بُذلت… أمّا إنْ لم تفعلوا وقَبِلْتُم صنيعةَ أمريكا، الحكومةَ الانتقاليةَ لإنتاجِ دولةٍ جمهوريةٍ علمانيةٍ مدنيةٍ ديمقراطيةٍ، فستشكوكم دماؤُكم إلى بارئِها، وتكونونَ (( كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا ))! وإننا لَنَرْبَأُ بكم أن تكونوها، والله يتولى الصالحين .
(( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ))
ألا هل بلغنا اللهم فاشهد، ألا هل بلغنا اللهم فاشهد، ألا هل بلغنا اللهم فاشهد