Take a fresh look at your lifestyle.

مع الحدبث الشريف الشفاعة

الحمد الله رب العالمين نحمده حمدا طيبا مباركا فيه ملءُ السموات والأرض وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن سيدنا محمد رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام.

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلْقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتي رسول الله-صلي الله عليه وسلم-بلحم, فرفع إليه الذراع, فأكله -وكانت تعجبه- فنهس منها نهسة ثم قال: أنا سيد الناس يوم القيامة, هل تدرون لم ذلك؟ يجمع الله الناس: الأولين والآخرين في صعيد واحد, فيسمعهم الداعي, وينفذهم البصر, وتدنو الشمس منهم, فبلغ الناس من الهم والكرب ما لا يطيقون, ولا يحتملون, فيقول الناس بعضهم لبعض: ألا ترون ما قد بلغكم؟ ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم؟ فيقول الناس بعضهم لبعض: عليكم بآدم, فيأتون آدم, فيقولون: أنت أبو البشر, خلقك الله بيده, ونفخ فيك من روحه, وأمر الملائكة فسجدوا لك, اشفع لنا إلى ربك, ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم آدم إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله, ولن يغضب بعده مثله, وإنه قد نهاني عن الشجرة فعصيته, نفسي, نفسي, نفسي, اذهبوا إلى غيري, اذهبوا إلى نوح, فيأتون نوحا, فيقولون: يا نوح, أنت أول الرسل إلى أهل الأرض, وقد سماك الله عبداً شكوراً, اشفع لنا عند ربك, ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم نوح: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله, ولن يغضب بعده مثله, وأنه قد كانت لي دعوة دعوتها على قومي, نفسي, نفسي, نفسي, اذهبوا إلى غيري, اذهبوا إلى إبراهيم, فيأتون إبراهيم, فيقولون: يا إبراهيم, أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض, اشفع لنا إلى ربك, ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله, ولن يغضب بعده مثله, واني كذبت ثلاث كذبات- فذكرهن أبو حيان في الحديث- نفسي, نفسي, نفسي, اذهبوا إلى غيري, اذهبوا إلى موسى, فيأتون موسى, فيقولون: يا موسي, أنت رسول الله, فضلك الله برسالته وبكلامه علي البشر, اشفع لنا إلى ربك. ألا ترى ما نحن فيه؟ فيقول: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله, ولن يغضب بعده مثله, وأني قد قتلتُ نفساً, لم أُؤمر بقتلها, نفسي, نفسي, نفسي, اذهبوا إلى غيري, اذهبوا إلى عيسى, فيأتون عيسى, فيقولون يا عيسى, أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه, وكلمت الناس في المهد, اشفع لنا إلى ربك, ألا ترى ما نحن فيه؟ فيقول: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله, ولن يغضب بعده مثله -ولم يذكر ذنبا- نفسي, نفسي, نفسي, اذهبوا إلى غيري, اذهبوا إلى محمد- صلى الله عليه وسلم- قال: فيأتون محمدا, فيقولون يا محمد, أنت رسول الله, وخاتم الأنبياء, وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر, اشفع لنا إلى ربك, ألا ترى ما نحن فيه؟ فأنطلق فآتي تحت العرش, فأخر ساجداً لربي, ثم يفتح الله علي من محامده, وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه على أحد قبلي, ثم يقال: يا محمد, ارفع رأسك, سل تعطه, واشفع تشفع, فأرفع رأسي, فأقول: يا رب, أمتي, يا رب, أمتي, يا رب, أمتي, فيقول: يا محمد أدخل من أمتك من لا حساب عليه, من الباب الأيمن من أبواب الجنة, وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب, ثم قال: والذي نفسي بيده, ما بين المصْراعين من مصاريع الجنة, كما بين مكة وحمير, وكما بين مكة و بُصرى.

فهذه هي الشفاعة العظمى في أرض الموقف وهي شفاعة لفصل القضاء، والشفاعة يوم القيامة على قسمين:

1- شفاعة مقبولة أو مثبتة وهي ما أثبتته النصوص الشرعية.
2- شفاعة مردودة أو منفية وهي الشفاعة المنفية في نصوص الكتاب والسنة.
فالشفاعة المقبولة أنواع:
1- الشفاعة العظمى وهي المقام المحمود الذي يرغب فيه الأولون والآخرون إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليشفع لهم عند ربهم كي يخلصهم من هول المحشر.
2- الشفاعة في أهل الكبائر من الموحدين الذين دخلوا النار أن يخرجوا منها. عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( شَفَاعَتِي لأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي ) صحيح سنن الترمذي 1983.
3- شفاعة الرسول في أقوام تساوت حسناتهم وسيئاتهم أن يدخلوا الجنة وفي آخرين أمر بهم إلى النار أن لا يدخلوها.
4- الشفاعة في أقوام أن يدخلوا الجنة بغير حساب.
5- شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في عمه أبي طالب، فيخفف عنه عذاب النار. وهي خاصة منه صلى الله عليه وسلم وخاصة في عمه أبي طالب.
6- شفاعة النبي للإذن للمؤمنين بدخول الجنة.

والشفاعة يوم القيامة لا تكون إلا إذا توفرت ثلاثة شروط:

1- إذن الله سبحانه وتعالى للشافع أن يشفع.
2- ورضاه سبحانه عن الشافع.
3- ورضاه عن المشفوع فيه.

أما الشفاعة المردودة المنفية:

فهي ما انتفى فيه شرط الشفاعة المقبولة من الإذن أو الرضى، كالشفاعة التي يعتقدها أهل الشرك في معبوداتهم وآلهتهم فإنهم ما عبدوهم إلا لاعتقادهم أنها تشفع لهم عند الله وأنها واسطة بينهم وبينه سبحانه قال تعالى: (أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ) صدق الله العظيم.

سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته