Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق الدولة المدنية نظام كفر

الخبر:

أكد رئيس الائتلاف السوري المعارض أحمد معاذ الخطيب خلال القمة العربية في الدوحة أن الشعب السوري يرفض الوصاية وهو من سيقرر من سيحكمه “لا أي دولة في العالم”، مطالبا بحصول المعارضة على مقعد سوريا في الأمم المتحدة بعد الحصول على مقعدها في الجامعة العربية. وفي الوقت عينه قال: “نحن لا نخجل” من الحصول على مساعدات مخصصة للشعب السوري من الولايات المتحدة قدرها 350 مليون دولار، متابعا: “لكن أقول إن دور الولايات المتحدة هو أكبر من هذا”.

وقال عضو الائتلاف والرئيس السابق للمجلس الوطني السوري عبد الباسط سيدا للصحافيين على هامش القمة: “اتفقنا معهم على أن تكون سوريا دولة مدنية. سوريا تعددية ولا يمكن لأي فصيل أن يتفرد في حكمها”.


التعليق:

ها هو مصطلح “الدولة المدنية” يعاد للترويج في سوريا، بعد ترويجه في دول الثورات التي سبقت الثورة السورية في المنطقة العربية. وكان هذا المصطلح راج في العقود الأخيرة بعدما انهزمت الفكرة العلمانية وتحوّلت لدى المسلمين سُبَّة على صاحبها، فانتقل العلمانيون إلى ترويج مصطلح آخر ملتبس يحمل المعنى نفسه، ولكنه أكثر قبولاً لدى المثقّفين المسلمين ولدى الرأي العامّ عمومًا، فكان أن اعتمدوا مصطلح “الدولة المدنية”. ثم أتت الثورات مع نهاية عام 2010 لتصبح الحاجة أكثر إلحاحًا لهذا المصطلح، إذ اعتمده الحكام الجدد ليقنعوا الأسرة الدولية من جهة أنهم لم يتبنوا مشروع الدولة الإسلامية، وليقولوا للشعوب التي حكموها من جهة أخرى: إننا لا نعني بالدولة المدنية الدولة العلمانية، وإنما نعني الدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية.

وعليه نقول: إن من يتطلّع إلى دولة ترضي الأسرة الدولية والأنظمة الإقليمية هو واحد من اثنين:

– إما أنه لا يتطلّع إلى دولة ذات سيادة تستمدّ سلطانها الكامل من الأمة، وقد جعل غاية همّه إسقاط الطاغية فقط دون إسقاط نظامه العلماني ودون التخلص من الهيمنة الغربية على البلاد، وهذا يكون قد ثار على باطل ورضي بما هو أبطل منه.

– وإما أنه لا يعرف حقيقة الأسرة الدولية والأنظمة الإقليمية، فيتوهم أن الأسرة الدولية ومعها الأنظمة الإقليمية سترضى عن دولتنا العتيدة وتزول هواجسها بمجرّد أن نُطَمئنها بالقول إننا نسعى إلى دولة مدنية، لا إلى دولة إسلامية ولا إلى دولة الخلافة! والواقع الذي لا مراء فيه أن هذه الدول جميعًا، وبخاصة أميركا ذات النفوذ الأقوى، لا يرضيها إلا أن تكون الدولة العتيدة جزءًا من السياسة الدولية، وأن تفتح المجال واسعًا أمام العلمانيين داخل البلاد ليكون لهم دور كبير في السياسة الداخلية، إن لم يكن الدور الأول، وليكون لهم أحزاب تلوّث الأجواء السياسية وفضائيات تفتك بعقول الناس وبالرأي العامّ. ولن يرضي هذه الدولَ إلا أن تخضع الدولة للاقتصاد العالمي الرأسمالي (العولمة)، وأن تقع في فخ الديون الخارجية بذريعة إعادة الإعمار، وأن تفتح البلاد أمام الشركات الاستثمارية العالمية لتنهب ثرواتها، وأن تمتنع عن معارضة السياسة الغربية في المنطقة، وأن تحافظ على جبهة الجولان هادئة بل أن تنتقل إلى الاعتراف الرسمي بكيان يهود، وأن تمتنع عن نصرة أهل فلسطين المحتلّة، وأن تخذل المسلمين الذين ناصروا الثورة في العراق ولبنان وغيرهما… وما مَثَلُ مصر ما بعد سقوط الطاغية عنا ببعيد.

فهل هذا ما قامت الثورة من أجله؟! أن تتخلص من الطاغية لتقدّم البلاد على طبق من فضة للكافر المستعمر؟! فتخون دماء مئات الآلاف من الشهداء والجرحى وتضحيات الأبرياء الخلّص من أهل سوريا وتقدّمها هدية إلى الأعداء الحقيقيين أسياد الطاغية البائد؟! فآنئذ بئس الورد المورود. قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)).

والحقيقة التي يعرفها كل واع مدرك للواقع السياسي وجذوره التاريخية أن المشكلة الكبرى في العالم الإسلامي لم تبدأ مع الحكام الطغاة من أمثال آل أسد وبن علي والقذافي ومبارك… فهؤلاء ليسوا سوى الثمرات المرّة للنكبة الأساسية، ألا وهي إسقاط الدول العظمى الغربية لدولة الخلافة التي كانت المجسّدة لهوية الأمة والمطبّق لشريعتها ونظامها، على ما أصابها في أواخر عهدها من انحراف وسوء تطبيقٍ للشرع، ثم ما ترتب على إسقاط دولة الخلافة من تطبيق أنظمة الكفر في العالم الإسلامي ومن تقسيم البلاد الإسلامية على أسس قومية ووطنية، ومن هيمنة دول الغرب على الأمة الإسلامية سياسيًّا واقتصاديًّا وثقافيًّا وإعلاميًّا وأمنيًّا. ولم يكن الطغاة المجرمون الذين حكموا الأمة وساموها سوء العذاب سوى أدوات لتلك الهيمنة الدولية. وبالتالي فإن معركتنا مع هؤلاء الطغاة لإسقاطهم يجب أن يُنظر إليها على أنها معركة لقطع دابر النفوذ الغربي من بلادنا وإعادة سيادة الشريعة واستعادة السلطان المغصوب إلى الأمة، ولإعادة وحدة العالم الإسلامي انطلاقًا من القطر الذي يسبق إلى الانعتاق من هذه الهيمنة. أما أن نُسقط نظام الطاغية ثم نسلّم الحكم للطواغيت فمَثَلُنا حينئذ كما قال تعالى: ((كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا)).

 

 

 

أحمد القصص

رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية لبنان