Take a fresh look at your lifestyle.

مع الحديث الشريف باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر والحث على الرفق بالرعية والنهي عن إدخال المشقة عليهم

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جاء في صحيح الإمام مسلم في شرح النووي “بتصرف” في ” باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر والحثّ على الرّفق بالرّعيّة والنّهي عن إدخال المشقّة عليهم”:

حدثنا قتيبة بن سعيدٍ حدثنا ليثٌ وحدثنا محمد بن رمحٍ حدثنا الليث عن نافعٍ عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ألا كلّكم راعٍ وكلّكم مسئولٌ عن رعيّته فالأمير الّذي على النّاس راعٍ وهو مسئولٌ عن رعيّته والرّجل راعٍ على أهل بيته وهو مسئولٌ عنهم والمرأة راعيةٌ على بيت بعلها وولده وهي مسئولةٌ عنهم والعبد راعٍ على مال سيّده وهو مسئولٌ عنه ألا فكلّكم راعٍ وكلّكم مسئولٌ عن رعيّته “.

قوله صلى الله عليه وسلم: (كلّكم راعٍ وكلّكم مسئولٌ عن رعيّته) قال العلماء: الراعي هو الحافظ المؤتمن الملتزم صلاح ما قام عليه، وما هو تحت نظره، ففيه أن كل من كان تحت نظره شيءٌ، فهو مطالبٌ بالعدل فيه، والقيام بمصالحه في دينه ودنياه ومتعلقاته.

 

يروى أن سباقا حدث بين ابن حاكم مصر عمرو بن العاص وعددٍ من شبان الأقباط، وبعد جولةٍ أو جولتين فاز بالسباق أحد الأقباط المغمورون، فاستدار ابن الأمير، كأنما قد أهينت كرامته!! أقبطيٌ يسبق ابن حاكم مصر؟ فمال على رأس القبطيّ وضربه بالسوط وقال له: “أتسبقني وأنا ابن الأكرمين؟”، فغضب والد الغلام القبطيّ وسافر ومعه ابنه من مصر إلى المدينة المنورة، يشكو إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب هتك العدالة التي أنعم بها الإسلام عليهم، ويطلب منه إنصاف ولده، ولما استمع عمر بن الخطاب إلى شكوى الرجل، تأثر كثيرا وغضب غضبا شديدا، فكتب إلى والي مصر عمرو بن العاص رسالةً مختصرةً يقول فيها: “إذا وصلك خطابي هذا فاحضر إليّ وأحضر ابنك معك”.

وحضر عمرو بن العاص ومعه ولده امتثالا لأمر أمير المؤمنين، وعقد عمر بن الخطاب محكمةً ليست عسكريةً ولا أمنيةً ولكنها محكمةٌ إسلاميةٌ للطرفين تولاها بنفسه، وجمع عمر الصحابة ليشاهدوا نتائج الحكم، وعندما تأكد له اعتداء ابن والي مصر على الغلام القبطي، أخذ عمر بن الخطاب عصاه وأعطاها للغلام القبطيّ وقال قولته المشهورة: “اضرب ابن الأكرمين، متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟!”

أيها الحكام في مصر، متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟ أيها الحكام في تونس وليبيا واليمن وفي بلاد الثورات وغير بلاد الثورات، متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟ أتقتلون المسلمين بذريعة أن الحاكم الجديد لم يثبت نفسه بعد، تحت شعار “أعطونا فرصةً”؟ منذ متى تعطى الفرص لتطبيق الكفر؟ منذ متى كانت رعاية الشؤون في الإسلام تقوم على إرضاء الغرب الكافر؟ أين هذه الرعاية؟ ما لونها وما طعمها وما شكلها؟ أتراكم يا حكام الجور تظنون أن الثورات انتهت، وما عليكم إلا أن تعيدوا استنساخ ما سلف؟ والله ما لم تقم الدولة الإسلامية بالرعاية الحقيقية كما كانت في الماضي، يحاسب فيها الراعي من قبل الرعية فلن تكون هناك رعايةٌ، ولن يكون هناك عدلٌ كعدل أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه.

اللهم مكّن للمسلمين في الأرض، وارفع عنهم ما نزل بهم، واقبلهم في الصالحين. اللهم آمين.

 

احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديثٍ نبويٍ آخرٍ، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

كتبه للإذاعة: أبو مريم