Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق ويحكم أفيقوا من كبوتكم؛ 350 ألف تونسي مبتلى بالمخدرات!

 

الخبر:

ورد في جريدة الصريح التونسية 17/4/2013 خبر مفاده أنّ آفة المخدّرات تنخر كيان أكثر من 350 ألف تونسي ولم يسلم منها صغير أو كبير غنيّ أو فقير، وأضافت الجريدة أنّ دارسة أكّدت أنّ نسبة المتضرّرين بهذه السموم من الأطفال وفق العيّنات المدروسة تصل إلى 20% من مجمل المستهلكين.

 

التعليق:

إنّ مضمون هذا الخبر الكارثي متداول بين النّاس مع اختلاف في التقديرات ولكن الجميع يشير بفزع إلى هول هذه المصيبة التي يعاني الناس آثارها في الجرائم اليومية المرعبة كمّا ونوعا.. وفي حالة الطيش والذهول البادية في بعض الأحياء والشوارع والجميع مرعوب ولا يملك حيلة لدفع هذه الجائحة.

 

والمهمّ عند التشخيص والإدانة تجاوز السطحية بربط هذه المصيبة بسياقها وأسبابها الممَهّدة وهي فساد مفاهيم رعاية الشؤون وأحكامها وذلك من وجهين:

 

1) الوجه المباشر: إنّ رجالا في السلطة منذ القديم وفي مفاصل الإدارة متورّطون إلى الأذقان ومرتبطون بشبكات المخدّرات والدعارة المحلّية والعالمية ويعتبرونها مغنما ما بعده مغنم، ومنهم ومن ورائهم من يستهدف أكثر من المال وهو تدمير جيل برمّته تدميرا ممنهجا لقتل مكامن العزم والإرادة في هذا البلد باعتباره بلدا مسلما أو على الأقل إشغاله بنفسه، والجميع يعلم أنّ المخدّرات والدعارة سلاحان من أسلحة الحرب المعتمدة في الحروب السّاخنة والباردة ومن ذلك حرب الأفيون الأولى والثانية (1840-1860) من بريطانيا على الصين عبر شراكة الهند الشرقية البريطانية لتفرض عليها امتيازات تجارية وقد بلغ عدد المدمنين حينئذ من الصينيين أكثر من 120 مليون مدمن… وفي أفغانستان اليوم حقول الأفيون في حراسة الدول الأجنبية وخطوط إمداداتها مؤمّنة والأمر جدّ مكشوف. وفي تونس لا يكاد يستوعب عاقل دخول هذه الأطنان من المخدّرات في بلد تدرك مخابراته الدقيق الأدقّ من أحوال النّاس الخاصّة والحميمية، ولا يمكن أن يقتنع أحد أنّ حيل الموزّعين لهذه السموم التي تصل إلى أبواب المدارس الابتدائية هي أذكى وأدهى من قدرات المسؤولين في الحكم والإدارة!! فالحاكم مسؤول إن لم يعلم بشؤون النّاس الحيوية ولا جدارة له بالحكم وهو أيضا مسؤول عن عجزه عن التنفيذ والحماية إن كان يعلم ولا أهليّة له بالحكم.. والأمر أدهى وأخزى والمسؤولية مضاعفة إن كان طرفا في التآمر والكيد.. ففي إسلامنا العظيم (الإمام راع وهو مسؤول عن رعيّته) كما قال صلّى الله عليه وسلّم.

 

2) وجه غير مباشر: إنّ الأجواء العامّة والأعراف السائدة المتحقّقة من سياسات هؤلاء الحكّام ونعني استهدافاتهم الملتبسة من التعليم ومن الإعلام ومن الاقتصاد ..الخ هي أرضية خصبة.. ومهاد ومنبت لكلّ أنواع الفساد.. فلا يلاحظ في هذه السياسات لا عند التخطيط ولا عند التنفيذ ما يجب أن يكون عليه المجتمع أي لا يراعى فيها الحفاظ على نمط العيش المميّز الذي يجب أن يُضمن للمسلمين باعتباره قلب حضاراتهم وأوّل أمانات عقيدتهم بعد انبثاق مقياس الأعمال (الحلال والحرام) وتَعيّنه مقياسا مركّزا منتجا.. على العكس ترى هؤلاء الحكّام يراكمون الأحكام والقرارات بغير غاية ولا ميزان ولا منهاج إلاّ تلفيقا وتقليدا للغرب في أحسن أحوالهم أو انقيادا متواطئا في أسوأ الحالات وهذا بالطبع يجعل الشباب في معترك الأهواء ويسهّل مناهج الفساد ويربك مقياس الأعمال من كونه حلالا وحراما إن لم ينسفه فينعدم الحافز الحادّ والرادع القويّ.. ويتدمّر سلّم القيم لتصبح القيمة المادّية هي الأهم والأولى تهون في سبيلها كلّ القيم الأخرى.. ومن أوّل ثمار ذلك على شبابنا انكباب وانهماك في مفهوم الغرب المدمّر للسّعادة يطلبه الشابّ كسراب بقيعة يحسبه ماءً يطلب الأقصى من المتع الجسدية فتُعييه كمّا ونوعا وتجعله مكبّا على وجهه كالكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث.. هكذا يجد هؤلاء الشباب الضائعون أنفسهم في مهبّ الشهوات والنزوات يدمّرون أعمارهم، وأولياء أمورهم في غيّهم يعمهون، ينقلون جرائمهم من جيل متدهور إلى جيل مدمّر لا نجد له عزما.. إنّ حكم هؤلاء الظلمة أمانة ضائعة وتمكين لأعدائنا فينا باحتلال عقولنا وقلوبنا.. ولكن تعقبها بإذن الله محاسبة وإنكار من المخلصين في الدنيا، وخزي وندامة وعذاب أليم يوم القيامة.


((إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)) [النور:19]



رضا بالحاج
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في تونس