Take a fresh look at your lifestyle.

مع الحديث الشريف باب النهي عن ضرب الحيوان في وجهه ووسمه فيه

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جاء في صحيح الإمام مسلم في شرح النووي “بتصرف” في ” باب النهي عن ضرب الحيوان في وجهه ووسمه فيه”.

حدثني سلمة بن شبيب حدثنا الحسن بن أعين حدثنا معقل عن أبي الزبير عن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم مر عليه حمار قد وسم في وجهه فقال: “لعن الله الذي وسمه”.

اللعنة على من يسم الحيوان في وجهه، هذا ما علمنا إياه رسولنا الكريم- صلى الله عليه وسلم-، هذا هو ديننا العظيم، ولكن المجتمع الذي تعيشون فيه اليوم، مجتمع ظالم بكل ما في الكلمة من معنى، بل والله إن لفظة ظالم لا تفي بالغرض ولا تُعبّر عن واقع الرأسمالية العفن، ذي الرائحة النتنة، فقد ظهر لنا وبكل وضوح أن هذا النظام الرأسمالي وبشكل قاطع، أنه لا يقيم وزنا للحياة، لا لحياة الحيوان ولا لحياة الإنسان، لا لحياة البشر ولا لحياة البقر، يتعامل مع الأرواح التي خلقها رب العزة والجبروت وكأنها حجر، فلا وزن لها على الإطلاق، وإن ادعى غير ذلك، وإن ادعى أنه يتعامل مع الحيوان برفق، وإن أنشأ جمعيات أسماها “جمعيات الرفق بالحيوان”، وكم كان كذوبا عندما صور لنا مشهدا لقطة لا تستطيع النزول عن الشجرة، وهو يعمل بكل ما لديه من خبرة ومعدات وأجهزة لإنزالها، أو حوتٍ خرج من البحر محاولا الانتحار وهو يحاول إعادته إلى الماء، وكم كان كذوبا وهو يستدعي عدسات التلفزة والإعلام للتكلم عن الطائرات التي قامت بنقل بعض الحيوانات التي أوشكت على الموت بسبب الظروف المعيشية؟ وكم وكم؟!!

أيها المسلمون:

إن كذب الغرب على الناس في هذا الادعاء يشبه تماما كذبه على الناس في ادعائه الديمقراطية أو الحرية، ويشبه كذبه في ادعائه السعادة التي يعيشها، ويشبه الكذب في ادعاء العدالة الاجتماعية، ويشبه الكذب في ادعاء حقوق الإنسان، أو الحقوق الآدمية، ويشبه الكذب في كل أمر من أمور الحياة عنده.

إن هذا الواقع الذي يحاول الغرب إقناعنا فيه يكذبه الواقع نفسه، فعندنا من الصور الحقيقية التي تُظهر حقيقة تعامل الغرب مع الحيوان ما يندى لها الجبين، كيف لا وقد شاهدنا مشهدا لأحدهم ممّن أعمى الله قلبه، وهو يقوم “بخلع” جلود بعض الحيوانات وهي على قيد الحياة؟ بحجة أن هذا الجلد ثمنه أغلى، فالخلايا فيه لم تمت بعد. كيف لا وقد وصل الأمر مع بعض هؤلاء أن يقوم بوضع قصبة موصولة بجهاز في فم بطة، ليطعمها حتى الموت؟ بحجة أنها بعد انتفاخها يتغيّر لونها ويصبح لحمها أشهى وأغلى، وتُقدم لطبقة معينة من الأغنياء.

أيها المسلمون:

لو كان الغرب صادقا فيما يدعيه من رفق بالحيوان، لفزع يرفق بالآلاف ممّن يموت جوعا وقتلا على يديه كل يوم، فالإنسان أغلى من الحيوان. ولو كان الغرب صادقا فيما يدعيه لما وجدنا أبناءه يفتشون في حاويات الزبالة عن كسرة خبز أمام ناطحات السحاب والفنادق. ولما وجدناهم ينامون على الأرصفة، وهذا الأمر لم يعد غريبا على أهل هذا المجتمع، فقد ألفوا هذا الواقع، وأصبحوا يتقبلوه، حتى وصل بهم الأمر، أن لا يسألوا عن بعضهم بعضا، رأينا هذا في رجل عاجز يريد قطع أحد الشوارع فقضى نصف نهاره يطلب من يساعده ولم يجد، رأينا هذا في امرأة سقطت على الأرض أمام عيادة الطبيب والطابور من الجالسين يتفرج عليها دون أن يُكلف أحدهم نفسه- لا ليعطيها دوره-؛ بل ليرفعها عن الأرض؛ بل وصل الأمر بعدم الرفق فيما بينهم، أن لا يدري الرجل بموت جاره الذي يقابله في الباب إلا عندما يشم رائحته النتنة.

أيها المسلمون:

هذا هو شرع البشر، شرع الرأسمالية التي استسلمتم ورضيتم بها، وهذا حبيبكم محمد- صلى الله عليه وسلم- يذكركم بعد هذه القرون الأربعة عشر، أنه لعن من يسم الحمار في وجهه، أي من جعل علامة للحمار في وجهه؛ بل لقد لام من يحمل عليه فوق طاقته، وهناك من الأحاديث والأفعال التي قام بها بنفسه- صلى الله عليه وسلم- ما يغني في هذا الباب، ويبين كيف نظر الإسلام إلى الحيوان، فضلا عن الإنسان.

أيها المسلمون:

إذا كان هذا تعامل الغرب الكافر مع الحيوان، وإذا كان هذا تعامل الغرب الكافر مع نفسه، فبالله عليكم هل تنتظرون منه معاملة لكم خيرا؟ يا من تجالسون أمريكا وأوروبا، هلا صدقتم هذه الحقائق؟ هلا عدتم إلى رشدكم وعملتم مع العاملين العالمين بطريقة تغيير الواقع، وإعادة الإسلام إلى الحياة من جديد عن طريق إقامة دولة الإسلام التي ستطبق الحق في ربوع المسلمين، فترفق بالرعية، وبغيرها كما رفق بها عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- والله لو أن دابة عثرت بأرض العراق لخشيت أن يسألني الله عنها يوم القيامة: لماذا لم تسوِ لها الطريق يا عمر؟ يا من توادون الغرب وتجالسونه، اتقوا الله في هذه الأمة، وابتعدوا عن مداومة الاتصال بأساطينه ومخابراته، ” يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون”.

أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

كتبه للإذاعة: أبو مريم