Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق المصالحة الفلسطينية مسلسل لم تنته حلقاته بعد

الخبر:

كشف جمال محيسن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عن توجه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى القاهرة الأربعاء 15/5 للقاء الرئيس محمد مرسي بدعوة من الرئيس المصري لدراسة ملف المصالحة.

وأكد محيسن، في تصريحات لوكالة «معًا» الفلسطينية للأنباء أن وفدًا من حركة فتح برئاسة عزام الأحمد مسؤول ملف المصالحة سيتوجه إلى القاهرة الثلاثاء 14/5 للقاء وفد حركة حماس لبحث المصالحة.

ونقلت بوابة الشروق عن محمود الزهار عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس قوله أن وفدًا من الحركة بدأ زيارة رسمية إلى القاهرة لبحث ملفات المصالحة الفلسطينية المتعثرة منذ أشهر.

وقال الزهار في تصريحات نقلتها وكالة «شهاب» الفلسطينية للأنباء إن موقف حركته ثابت بضرورة العمل على تطبيق المصالحة كرزمة واحدة وإجراء انتخابات متزامنة للمجلس التشريعي ومنظمة التحرير كمفتاح لحل الأزمة بين حركته وفتح.

وأعلن إسماعيل هنية رئيس حكومة قطاع غزة أن حكومته مستعدة لدفع ما أسماه “استحقاقات المصالحة الفلسطينية” وأضاف: “إن الأنباء الواردة من القاهرة حيث تعقد حوارات المصالحة مطمئنة ومبشرة”. وكان وفدا حركتي فتح وحماس قد توصلا خلال اجتماع عُقد السبت 11/5 بالقاهرة إلى صيغة توافقية حول الملفات الخمسة التي تضمنها اتفاق المصالحة الفلسطينية التي تم التوصل إليها في القاهرة في مايو – ايار من العام الماضي.

وقال متحدثون باسم الحركتين لمراسل الأناضول إنه تم وضع جدول زمني لبدء تنفيذ ما تم الاتفاق عليه سابقًا بين الحركتين بخصوص إنجاز المصالحة الفلسطينية يتضمن استئناف لجنة الانتخابات المركزية عملها في الإعداد للانتخابات في كل من الضفة وقطاع غزة، كما تم الاتفاق على موعد التاسع من شهر فبراير/شباط المقبل لعقد اجتماع لتفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية، على أن يتم إنجاز قانون انتخابات المجلس الوطني النهائي في ذلك الاجتماع.

 

التعليق:

إن مسلسل المصالحة الفلسطينية الطويل الذي انطلق منذ سنوات طويلة ولمّا تنتهِ حلقاته بعد -ولا يُتوقع لها أن تنتهي في القريب العاجل- ما هو سوى عملية إبراز وتقديم قوى سياسية فلسطينية محلية للمجتمع الدولي الذي تقوده أمريكا من أجل الاعتراف بها، ومن ثم اعتمادها في أية عملية سلمية مع دولة يهود ترعاها أمريكا في المستقبل.

وعرّابا المصالحة الرئيسان وهما حركة فتح وحركة حماس ما زالتا ومنذ أكثر من عقد من الزمان منهمكتين في تثبيت مواقعهما المتأرجحة في جناحي السلطة في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث تستعين سلطة دايتون / ميللر بقيادة فتح في رام الله بدولة يهود، وبشكل مباشر، لتثبيت مكانتها المتهلهلة أمام الناس، فيما تمكّنت سلطة غزة من الاحتماء من ضربات دولة يهود المتكررة عليها مستعينة بمصر وتركيا وإيران وقطر، وسكوت أمريكا أو ما يُسمى بالمجتمع الدولي على وجودها لإبقاء حركة حماس في مركز دائرة القضية الفلسطينية، ملتزمةً التزاماً صارماً بمنع إطلاق الصواريخ على كيان يهود بقدر ما تستطيع، وملاحِقة المجموعات الجهادية التي تُحاول القيام بذلك ومعتقِلةً عناصرها للحيلولة دون قيامها بإطلاق الصواريخ أو الحد من إطلاقها بنسبة تُقارب المائة بالمائة مع الأيام.

لقد تمكنت حماس بسلوكها هذا من تحقيق رضا الأطراف الدولية وفي مقدمتهم الأمريكان إلى حدٍ ما، وتمكنت بالتالي من نيل قبول الأطراف الإقليمية بها، وظهرت بذلك كمنافس جدي وخطير لحركة فتح من الناحيتين الدولية والإقليمية.

وهكذا انطلقت الحوارات والمفاوضات حول المصالحة بين الحركتين على أساس المكتسبات السياسية التي حقّقتها كلتا الحركتين على الأرض، وكانت الاشتراطات المتغيرة في المفاوضات من قبل الحركتين تُعبّر عن ثقل ووزن كل منهما على الأرض، وهذا ما يُفسر التردد والتراجع عن المواقف التي كان يتم التوافق عليها، حيث غالباً ما كانت تمثل تلك الاشتراطات تزايداً أو تناقصاً في ثقل ووزن الحركتين في أوقات التفاوض المختلفة.

ويبدو أن أوراق حركة حماس السياسية في هذه الأيام قد ترجّحت كفتها على أوراق حركة فتح خاصة بعد وصول مرسي إلى السلطة في مصر، وبعد تزايد تأثير من يوصفون بالمتطرفين الإسلاميين في المنطقة أو من يُسمون بـ (الراديكاليين) حسب تعبير القوى الكبرى.

إنّ لجوء حركتي فتح وحماس كلتاهما إلى القوى الإقليمية والكبرى وتنافسهما على نيل ثقتها لن تُفيد القضية الفلسطينية في شيء، بل إنّ خطر ارتمائهما في حضن القوى الكبرى هو أخطر ما في ذلك التنافس، حيث إنّ ما بذلته الحركتان من جهود مضنية للوصول إلى مرحلة الاعتراف بهما من قبل المجتمع الدولي كممثلتين (شرعيتين) للفلسطينيين يعيد القضية الفلسطينية إلى مربعها الأول، ويُكرس فكرة أنّ الهيئات الدولية وعلى رأسها مجلس الأمن هي من يُقرر مصير الفلسطينيين وقضيتهم وفي ذلك إعادة للقضية إلى الوراء بلا ريب.

ألا يعلمون أن الأمم المتحدة وشرعتها الدولية هي التي تسببت في ضياع القضية الفلسطينية؟ وألا يُدركون أن أمريكا ومعها مجلس الأمن والهيئة العامة للأمم المتحدة هي سبب كل نكبات الشعوب الإسلامية والفلسطينيين بشكل خاص؟

إنّ مجرد القبول بالالتزام بأي إطار إقليمي كالجامعة العربية أو دولي كالأمم المتحدة معناه الاعتراف بكيان يهود والإبقاء على وجوده بشكل دائمي، وإنّ مجرد الركون إلى دول كمصر وتركيا وقطر معناه الركون إلى أمريكا ودول الغرب الكبرى الأخرى لأن هذه الدول إنما هي دول تابعة لها ولا تملك أية إرادة سياسية حقيقية مستقلة.

وهكذا نجد أنّ فكرة المصالحة بحد ذاتها بين السلطة الفلسطينية التابعة للاحتلال وبين حركة حماس لا تعني إلا مزيداً من خنوع الحركتين للاحتلال، وقبولهما بحلول وسط فيما بينهما تُبقي الحركتين ومعهما أهل فلسطين على الأقل في حالة هدنة دائمة مع دولة يهود، وتكون الحركتان مسؤولتين عن حفظ أمنها، وتذودان عن حدودها، وتمنعان كل من يريد مهاجمتها.

هذا على المدى القريب، أما على المدى البعيد فالكارثة أعظم حيث على الأغلب أنه سيتم التوقيع على اتفاقيات جديدة من قبل الحركتين واللتان تُمثلان في نظر المجتمع الدولي التيارين الرئسيين (الديني والوطني) وبالتالي ستتحدثان باسم الفلسطينيين جميعاً ومن ثم ستُكرسان وجود الاحتلال بشكل دائمي وآمن في فلسطين.

لذلك فإنّنا نرى أنّ نجاح فكرة المصالحة بين فتح وحماس -وبخلاف ما يرى كثيرون- ضررها كبير على المسلمين بشكل عام، وعلى الفلسطينيين بشكل خاص، وهي عقبة جديدة ستُضاف إلى جانب عقبات النظام الرسمي العربي القديمة والكثيرة والتي تقف أمام طريق تحرير فلسطين تحريراً حقيقياً من خلال تحريك جيوش المسلمين للجهاد في فلسطين وقلع دولة يهود من الجذور.

 

 

 

أبو حمزة الخطواني