Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق الأمومة هي ما تقومين به، إلى أن تقوم ‘مراكز رعاية الأطفال ذات الجودة العالية’ بالأمومة الحقيقية (مترجم)

كنت أصغى إلى نقاش جرى على الإذاعة حول موضوع “مراكز رعاية الأطفال ذات الجودة العالية” للأطفال في المجتمع. وقد تركزت النقاشات حول وجوب جعل مراكز رعاية الأطفال بأسعار أكثر معقولة، وربما مدعومة من قبل الحكومة مثل دول أوروبية أخرى، وذات نوعية أفضل في جميع أنحاء المملكة المتحدة، لمساعدة النساء؛ أو بشكل أكثر تحديدا، لمساعدة النساء على العودة إلى العمل. أثناء استماعي للنقاش، جرى في ذهني أمور كثيرة، وددت أن أشارككم بعضاً منها:

1) الأم راعية المنزل نادرا، إن لم تكن أبدا، ما تمجد أو تقدر قيمتها في المجتمع أو في وسائل الإعلام. وهي لا تحظى بأية مساعدة حكومية من أي نوع. وحقيقة فإن النقاش المهيمن في الحكومة وفي وسائل الإعلام يدور دائما حول كيفية جعل مراكز رعاية الأطفال أفضل وأسهل منالا، آخذا بذلك خيار بقاء الأم في المنزل لرعاية وتربية أطفالها، بعيدا عن طاولة المفاوضات حتى قبل أن تكون للمرأة فرصة لاتخاذ قرارها.

2) وقد نوقشت فكرة أن إرسال الأطفال الصغار إلى دور الحضانة أو مراكز الرعاية النهارية هي فكرة جيدة للتحفيز والتعلم والتحصيل العام. هناك افتراض أنه إذا تم تعليم الطفل الأبجدية، من قبل متخصصين، منذ وقت مبكر، فإن ذلك يعتبر علامة على التنمية السليمة للطفل. أنا لا أقول أن القراءة ليست مهمة، ولكن هذا لا يمكن أن يعوض عن حقيقة أن إرسال الطفل إلى مركز الرعاية يتركه بمعزل عن أولياء أمره الرئيسيين، وعن والديه، وتأثير ذلك على نتائج الطفل بشكل عام.

 

لأنه في العالم الحقيقي، لا يتطور الأطفال في مجالات القراءة والكتابة فقط – بل يشكل النمو العاطفي والاجتماعي فضلا عن تطوير الشخصية والقيم، مكونات “التعليم” للطفل، ونفي هذا هو حرمان الأطفال تعليمهم الحقيقي. وهذا ما لا يتم اعتباره على الإطلاق أو مناقشته بما فيه الكفاية في المجال العام.

3) تعليق آخر تم تناوله في النقاش وهو أن المرأة بحاجة فقط إلى الالتزام في المنزل مع الأطفال لفترة وجيزة جدا من حياتهم، تصل لثلاث سنوات، لذلك لا ينبغي لها اعتزال حياتها المهنية. مثل هذا التعليق يعكس العقلية التي لا تقدر على الإطلاق الدور الذي يمكن للأم والذي ينبغي لها أن تقوم به في حياة الطفل. حقيقة أن الأم تشكل العمود الفقري للدعم المعنوي والعاطفي للطفل، وحضورها المهيمن في حياة الطفل يمكن أن تشكل هذا الطفل إلى مرحلة البلوغ وخلالها، هذه الحقيقة يتم تقويضها تماما. ثم إن اندلاع ظاهرة الأندية بعد المدرسة في جميع أنحاء البلاد، يعكس هذه العقلية، حيث يتم نقل أطفال المدارس بحافلات إلى ‘مدرسة’ أخرى حيث من المفترض أن يستمتعوا باللعب والقيام بأنشطة مختلفة لبضع ساعات أخرى حتى يتمكن والديهم التقاطهم من المدرسة (وذلك بعد العمل طبعا). أتذكر شخصيا فتاة في مدرستي كانت تحضر واحدة مثل هذه النوادي، قالت لي أنه على الرغم من متعة النادي إلا أنها كانت غيورة لأن أمها لا تكون في انتظارها عند بوابة المدرسة مثل أمهات بقية الأطفال.

 

إن المجتمع الذي يحركه ناتجه الاقتصادي والناتج المحلي الإجمالي يميل بشكل طبيعي نحو كل ما سيمنحه الحد الأقصى من القوى العاملة، وبالتالي فإن المناقشات في المجتمع الرأسمالي ستدور دائما حول كيفية إعادة المرأة إلى العمل. لكن مثل هذا الافتقار إلى أهمية الأمومة قضى بنحو فعال على الدور المجتمعي الهام والمتكامل الذي تلعبه الأم. ذلك أن دور الأم لا يقتصر فقط على تغيير الحفاضات وقتل الوقت حتى يحين سن إرسال الطفل إلى المدرسة ليتم ‘تعليمه’ التعليم الجاد، بل دورها هو رعاية وتشكيل الجيل القادم في راحة يدها من خلال علاقة عميقة، مليئة بالمحبة والأمان. هذه مهمة ضخمة تتطلب التركيز والتفاني والاهتمام والوقت. وقد أعطى الإسلام دور الأم هذه القيمة وهذا الوزن، مما جعل المرأة تقبل عليه بشرف وتتابعه بتفانٍ.

قال تعالى: ((وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا)) [17:24]

 

يوضح هذا الدعاء القرآني الجميل نظرة الآباء المسلمين تجاه مسؤوليتهم – فهم لا يتفانون بالتزاماتهم فحسب، بل يعتزون بها. فها هي أمهات العلماء العظماء في الإسلام يضربن أروع الأمثلة على مثل هذا الاعتزاز. نذكر على سبيل المثال والدة الإمام الشافعي التي استطاعت تهيئة تعليمه على الرغم من كونها أم عازبة، حتى إنها هاجرت إلى مكان آخر من أجل القيام بذلك – سبحان الله! أما إذا استمرت المجتمعات الرأسمالية في السير في طريقها هذا، فإن معظم النساء لن تحظى بسعادة ممارسة دور الأمومة. ببساطة لأن هذا الدور أخذ بعيدا عنها من قبل ‘مراكز رعاية الأطفال ذات الجودة العالية”.

 

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
شوهانا خان / الممثلة الإعلامية لحزب التحرير في بريطانيا