Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق العلاقة بين الراعي والرعية مسئولية وأمانة وليس تواصلاً


الخبر:

أعلنت الأستاذة/ مشاعر الدولب وزيرة الرعاية والضمان الاجتماعي انعقاد مؤتمر المسئولية الاجتماعية الرابع في شهر أغسطس القادم برعاية الأستاذ علي عثمان، النائب الأول لرئيس الجمهورية. وقالت الوزيرة في تصريحات إذاعية اليوم لبرنامج (مؤتمر إذاعي) بالإذاعة السودانية اليوم الجمعة إن برنامج المسئولية الاجتماعية يرعاه النائب الأول لرئيس الجمهورية، وقد عُقدت ثلاثة مؤتمرات منه وسينعقد المؤتمر الرابع في أغسطس القادم.

وأوضحت الدولب أن أهمية المؤتمر تظهر في تأسيس العمل بشكل تنسيقي وتنظيمي ووضع خارطة للمسئولية الاجتماعية والتي تعني ألا نترك المساهمات للشركات والمجتمع وفق ما يقترحونه بقدر ما وفقاً لحاجة المجتمع. وأضافت الوزيرة أن وزارتها تتبنى (جملة بنوك) تعمل في تخفيف الأعباء الاقتصادية عن الشرائح الفقيرة في المجتمع السوداني، مثل بنك العطاء وبنك الطعام وبنك الكساء وبنك الشفاء.

وقالت إن ديوان الزكاة يقوم بشكل راتب وشكل مباشر في شهر رمضان مع قيادة الدولة بزيارة بعض الأسر والوقوف على حالها كشكل من أشكال التواصل ما بين الدولة وما بين الرعية. وإن برنامج تواصل الذي تقيمه رئاسة مجلس الوزراء ويمول من رئاسة الجمهورية يقوم على تواصل الراعي برموز المجتمع الذين تكرمهم الدولة بينما برنامج الراعي والرعية فيمول من الزكاة ويخرج إلى الشرائح الفقيرة حسب مصارف الزكاة.


التعليق:

انعقد مؤتمر المسؤولية الاجتماعية ثلاث مرات، وكل من يتابعه يجد حديثاً عن الإسلام، لكنه عامٌّ غير مخصص، ومجملٌ غير مفصل مما يوجد عند الإنسان العادي شعوراً بأن المراد هو الإسلام تحديداً، ولكن بالتعمق في ما يتناوله المؤتمر وتوصياته يجد مجرد شعارات لا تلامس الواقع، لا من بعيد ولا من قريب، بل هي عملية تمويه، يظن من لا يتعمق في تفكيره أن شرع الله هو المطبق، ولنأخذ مثالاً واحداً، مؤتمر 2011م تحت شعار (كلنا راعٍ وكلنا مسؤول عن رعيته تنمية مجتمعنا مسؤوليتنا) والذي خاطبه نائب الرئيس بتعريف لمفهوم المسئولية الاجتماعية؛ مطوفاً في فضاء العلاقة ما بين محدثات المسئولية الاجتماعية وتوافقها مع ما هو موجود في القرآن والسنة، من قيم التكافل والتراحم، والحفاظ على الموارد والاقتصاد في استهلاكها، وحث المؤتمرين على ضرورة الحرص على أن يكون المورد نقياً وحلالاً حتى تحل البركة. ومن ضمن الأوراق التي قدمها الشيخ الكاروري؛ ورقة عن تأصيل المسؤولية الاجتماعية.

وأهم التوصيات التي خرج بها المؤتمر: إنشاء مجلس أعلى للمسئولية الاجتماعية، وترقية وتقدير مفهوم الجودة الإنتاجية، لكسب ثقة المستهلك وأن تتبنى وزارة الرعاية والضمان الاجتماعي؛ التي ترعي هذا العمل بواقع مسئوليتها الرسمية مشروعاً لشراكة بين القطاع العام والخاص.

والملاحظ أن نائب الرئيس لم يذكر أبداً دور الدولة في هذه المسؤولية، والتي تنفذها بالدستور والقانون، إنما ذكر التراحم والتكافل وحث على أن يكون المورد حلالاً؛ أي إن المسؤولية تقع على الأفراد. فالدولة وجودها صوري لا تتدخل في المسؤولية إلا بالحث على الأعمال الصالحات. وكذلك اشتركت في المؤتمر منظمات المجتمع المدني ومندوب من مكتب المندوب السامي لشؤون اللاجئين برؤية عن المسؤولية المجتمعية وهذا يخالف الشعار المرفوع، الذي يوكل المسؤولية عن كل المجتمع للإمام فقد ذكر أولاً: (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، فَالإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ….). إن الخارطة التي ذكرتها الوزيرة للمسؤولية الاجتماعية لم تُؤت أُكلها، ولو موّلت ببنوك ذكرتها، لأن هذه صدقات وهي مندوبة، أما المسؤولية الأساسية فهي على عاتق الدولة، لقوله صلى الله عليه وسلم «مَنْ تَرَكَ كَلاٍّ فَإِلَيْنَا».

إن التواصل بين الدولة والرعية لا يحدد له شهر رمضان، إنما هو في كل وقت فريضة من الله، وهى مسئولية (وَإِنَّهَا أَمَانَةٌ، وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ، إِلاَّ مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا، وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا). فحري بمن لا يستطيعها أن يتركها لمن هو أهلٌ لها، كما أن الزكاة ليست هي وحدها التي يجب أن تحل مشاكل الفقر، بل الدولة الإسلامية لها واردات أخرى كثيرة كفيلة بأن تحل قضايا الفقر في العالم بمجمله.

 

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم أواب غادة عبد الجبار/ ولاية السودان