خبر وتعليق عندما تكون السلطة غاية!
الخبر:
أورد موقع ميدل ايست أونلاين خبراً في 26/08/2013م جاء فيه: قال راشد الغنوشي في مقابلة مع تلفزيون “نسمة” التونسي أن “أهم شيء تحقق (مؤخرا) هو كسر الجليد في العلاقة بين حزب النهضة ونداء تونس” اللذين وصفهما بأنهما “أكبر حزبين في البلد”. وتابع الغنوشي “الأصل في البلدان الديموقراطية أن البلد لا تمشي (تتحرك) إلا بالتفاهم بين الحزبين الكبيرين ونحن نمد أيدينا لنداء تونس”.
التعليق:
1- ألّف ميكافيلي كتابه الأمير في منفاه عام 1513م، وقد أهداه إلى لورينزو دي مديتشي، وقد تضمّن الكتاب أفكار ميكافيلي وتجاربه السياسية مع مجموعة من النصائح للحاكم، حيث رأى أن أهم صفات الأمير هي التخلص من الأخلاق والتقاليد والقيم الرفيعة وخاصة التواضع، واستعمال الدين كوسيلة لكسب الشعب بعيدا عن أي من القيم والصدق والمبادئ حيث ورد في كتابه وفي الفصل الثامن (أنه ينبغي للأمير أن يحافظ على العهد حين يعود ذلك عليه بالفائدة فقط. أما إذا كانت المحافظة على العهد لا تعود عليه بالفائدة فيجب عليه حينئذٍ أن يكون غدارًا).
لكنه يرى في الوقت ذاته أنه من الضروري أن يكون الأمير قادرًا على إخفاء هذه الشخصية. وأن على الأمير أن يتصف بصفة بعض الحيوانات وهي الثعلب والأسد؛ أي يتبع أسلوب الثعلب القائم على الحيلة والمكر والخداع والمراوغة والنفاق والرياء، وأسلوب الأسد القائم على القوة والعنف والبطش. وعلى الأمير أن لا يفي بالعهود التي يقطعها على نفسه للأمراء الآخرين إلا إذا كان في الوفاء بالعهد مصلحة له.
2- منذ أن بدأ ما يسمى بالإسلام المعتدل بالدخول إلى اللعبة الديمقراطية عمليا وهو ينطلق في طرحه وأعماله وتصريحاته من المبدأ القائل الغاية تبرر الوسيلة، فالوجود في السلطة والبقاء فيها هو غاية بحد ذاته ولو كان على حساب المُثل والقناعات والمقاييس والأخلاق، ولو كان على حساب العقيدة وما انبثق عنها، فتارة يدعو الإسلاميون (الميكافيليون) كل حركات اليسار واليمين الديمقراطي للمشاركة في السلطة حتى يضمنوا بقاءهم في السلطة تحت مسمى العيش المشترك، فيبسطون يدهم لهذا تارة وينزعونها من ذاك ويعودون ليبسطوها لذاك وهكذا…
3- إن على أبناء الحركات الإسلامية أن يقفوا دقيقة من الوقت للتفكير: هل أراد محمد صلى الله عليه وسلم الحكم بأي ثمن ولو على حساب دينه، بل قل ولو على حساب حكم شرعي واحد؟ ولو عدنا إلى سيرته صلى الله عليه وسلم لوجدنا أن الحكم قد أُعطي له ولم يقبله سواء من قريش الذين أرادوه أن يترك لهم آلهتهم، أو من بني عامر بن صعصعة الذين طلبوا منه السلطة من بعده، فرفض عليه الصلاة والسلام الحكم بالإسلام مشروطا، مع أن هذا الشرط قد يراه بعض الناس بسيطا يمكن استدراكه فهم لا زالوا على عهد بالكفر، لكن رده كان واضحا وقاطعا (الأمر لله يضعه حيث يشاء) وتركهم.
4- يا أبناء الحركات الإسلامية: إن وجودكم في حركات إسلامية لفظا وحقيقتها أنها تتخذ من الإسلام شعارا لأجل كسب الأصوات حتى إذا وصلت إلى الحكم قالت هو شعار عاطفي ولم تعمل لإيصال الإسلام إلى الحكم كمبدأ يحكم العلاقات في المجتمع بل تطبق الكفر، إن وجودكم فيها لا يبرئ ذمتكم أمام الله، بل عليكم أن تتخذوا من الإسلام قضية مصيرية بوجود الإسلام في الحكم، أي أن يحكم الإسلام العلاقات جميعها في المجتمع وإلا فإنكم على غير طريق محمد صلى الله عليه وسلم.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حسن حمدان/ عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية الأردن