Take a fresh look at your lifestyle.

مع الحديث الشريف باب في تداعي الأمم على الإسلام

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جاء في عون المعبود شرح سنن أبي داود بتصرف في “باب في تداعي الأمم على الإسلام”

حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي حدثنا بشر بن بكر حدثنا ابن جابر حدثني أبو عبد السلام عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل ومن قلة نحن يومئذ؟ قال بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن قال حب الدنيا وكراهية الموت”.

التداعي: الاجتماع ودعاء البعض بعضا، والمراد من الأمم فرق الكفر والضلالة.

يوشك الأمم: أي يقرب فرق الكفر وأمم الضلالة. أن تداعى عليكم: بحذف إحدى التائين أي تتداعى بأن يدعو بعضهم بعضا لمقاتلتكم وكسر شوكتكم وسلب ما ملكتموه من الديار والأموال.

ولكنكم غثاء كغثاء السيل: بالضم والمد وبالتشديد أيضا ما يحمله السيل من زبد ووسخ شبههم به لقلة شجاعتهم ودناءة قدرهم.

ولينزعن: أي ليخرجن. المهابة: أي الخوف والرعب.

وليقذفن: بفتح الياء أي وليرمين الله.

الوهن: أي الضعف، وكأنه أراد بالوهن ما يوجبه؛ ولذلك فسره بحب الدنيا وكراهة الموت قاله القاري.

وما الوهن: أي ما يوجبه وما سببه؟

لعل هذا الحديث الشريف يختصر المشهد المعاصر اليوم، يختصر حال المسلمين والأمة وهي بين أيادي الكفار الذين ينهشون لحمها ويأكلون منه بل ويدعو بعضهم بعضا للأكل، أي مشهد مهيب هذا؟ وما أدق التشبيه! فالأمة بين يدي الكفار لا يرقبون فيها إلا ولا ذمة، فانظروا ما يحدث اليوم في الشام قلعة التضحية وعنوان الصبر ورمز الثبات، كيف تكالبت عليها قوى الأرض قاطبة، البعيد والقريب، بل وصاحب اللحى والحليق، أي تداعٍ هذا؟ وأي واقع أليم هذا؟! فالشام الآن يقاتل عن الأمة، ولأنه وقف رافعا لواءها ورايتها. فكان الأكلة أكثر عددا وأكثر شراهة.

أيها المسلمون: هذه نفسيات الأكلة من الأمريكان والأوروبيين وغيرهم، نفسيات عفنة تحمل أفكارا قذرة لا علاقة لها بالإنسان، بل لا ترقى إلى مستوى الحيوان، كيف لا وهم يبنون حياتهم على جماجم الآخرين، يبنون راحتهم على تعاسة غيرهم. لهذه الصورة البشعة كان سؤال القائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ فكان جواب رسولنا الكريم – صلى الله عليه وسلم- يعلِّمه ويعلّمنا من بعده أن الأمر لا يُقاس بكثرة المسلمين أو قلتهم؛ بل بقوة الإيمان بالله تعالى.

فالعدد لا وزن له هنا؛ بل الكثرة هنا غثاء فوق السيل الجارف، وأنى لهذه الفقاقيع والأوساخ أن تُؤثر في سيره بشيء؟

أيها المسلمون:

هنا لفتة ينبغي الوقوف عندها، وهي أن أعداءنا كانوا يهابوننا، ” ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم”، ذلك لأننا كانت لنا قوة ومنعة، فرسولنا الكريم – صلى الله عليه وسلم- “يقول يوشك أن تداعى” فالتداعي لم يكن حاصل، ذلك لأن الإسلام والمسلمين كانوا في عزة ورفعة، وكانت بيضته مُصانة ومحمية من خلال دولته التي أقامها الرسول – صلى الله عليه وسلم-، والتي استمرت أربعة عشر قرنا من الزمان، تعاقب على رأسها خلفاء طبقوا شرع ربهم وسنة نبيهم، كانت قوتهم وكانت هيبتهم تخاطب رأس كفرهم قائلة: “الجواب ما ستراه لا ما ستسمعه يا ابن الكافرة”.

أيها المسلمون:

إن هذا الزمن الذي تحياه الأمة اليوم، زمن الأكلة والقصعة قد شارف على الأفول، فالأمة تعد العدة اليوم لاستقبال مرحلة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، بعد أن ودَّعت مرحلة الحكم الجبرية، فقد بدأت أصنام هذه المرحلة بالتهاوي والسقوط واحدا تلو الآخر… وداعا أيتها المرحلة… وداعا لا لقاء بعده… فالذي أخبرنا عن الأكلة والقصعة وهو الصادق المصدوق – صلى الله عليه وسلم-، هو نفسه الذي أخبرنا وقال لنا: “ثم تكون خلافة على منهاج النبوة”. فالله الله فيمن يريد ويبحث عن الأجور، العمل العمل أيها المسلمون لتحقيق بُشرى رسولكم الكريم- صلى الله عليه وسلم-، فالعمل في هذا الزمان لاستئناف الحياة الإسلامية بالخلافة الراشدة الثانية من أجلّ الأعمال.

اللهمَّ عجل لنا بخلافة تلم فيها شعث المسلمين، ترفع عنهم ما هم فيه من البلاء، اللهمَّ أنرْ الأرض بنور وجهك الكريم. اللهمَّ آمين آمين.

احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

كتبه للإذاعة: أبو مريم