Take a fresh look at your lifestyle.

مع الحديث الشريف من حج لله فلم يرفث ولم يفسق

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

روى ابن ماجه في سننه قال: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِي هَذَا وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى.

جاء في كتاب حاشية السندي على ابن ماجه:

قَوْله ( لَا تُشَدّ الرِّحَال إِلَخْ )

نَفْي بِمَعْنَى النَّهْي أَوْ نَهْي، وَشَدّ الرِّحَال كِنَايَة عَنْ السَّفَر، وَالْمَعْنَى: لَا يَنْبَغِي شَدّ الرِّحَال فِي السَّفَر بَيْن الْمَسَاجِد إِلَّا إِلَى ثَلَاثَة مَسَاجِد، وَأَمَّا السَّفَر لِلْعِلْمِ وَزِيَارَة الْعُلَمَاء وَالصُّلَحَاء وَلِلتِّجَارَةِ وَنَحْو ذَلِكَ فَغَيْر دَاخِل فِي حَيِّز الْمَنْع، وَكَذَا زِيَارَة الْمَسَاجِد الْأُخْرَى بِلَا سَفَر كَزِيَارَةِ مَسْجِد قُبَاء لِأَهْلِ الْمَدِينَة غَيْر دَاخِل فِي حَيِّز النَّهْي وَاَللَّه أَعْلَم.

في هذا الحديث ربط مقصود بين المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم مع المسجد الأقصى، ذلك أن القرآن الكريم قد ربط بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى في قوله تعالى في سورة الإسراء: { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ}.

فرسول الله صلى الله عليه وسلم أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وفي حديث المعراج فإن معراجه عليه الصلاة والسلام إلى السماء كان من المسجد الأقصى.

ولقد كان الحجاج في الماضي، يعرجون في طريق عودتهم إلى بلادهم على مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة في مسجده، … ثم يعرجون على بيت المقدس للصلاة في المسجد الأقصى، ليس لاستكمال أعمال الحج، فالصلاة في المسجد الأقصى أو مسجد الرسول ليست من أعمال الحج … بل لأن الحج لبيت المسجد الحرام يذكرهم بالمسجدين اللذين قرنا به في هذا الحديث الشريف، فيحرصون على الصلاة فيهما، تعبيراً عما يجيش في صدورهم من تقديس لهذين المسجدين.

لا زال الحجاج يعرجون في طريق عودتهم على المدينة المنورة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيسلمون عليه ويصلون في مسجده، لكن التعريج على القدس والصلاة في المسجد الأقصى فلم يعودوا يفعلونه، وليس السبب هو زهدهم في زيارته والصلاة فيه، بل لأن القدس، حاضنة المسجد الأقصى أسيرة بيد ألد أعداء الإسلام والمسلمين، فمنذ سقطت بقية فلسطين بيد يهود في الخامس من حزيران من العام ألف وتسعمائة وسبعة وستين، منذ ست وأربعين سنة والقدس وأقصاها يئنان من قيود الأسر، وتقاعس حكام المسلمين عن نصرتهما وتحريرهما وسائر أرض فلسطين السليبة، منذ ذلك اليوم الأسود والمسلمون محرومون من زيارة الأقصى، نعم إن الأقصى في قلوبهم لكن هل هو في عقولهم أيضاً، هل يفكرون في الطريقة التي يستطيعون بها زيارته والصلاة فيه واستشعار قدسيته وعظمته التي منحها له الإسلام ؟؟؟

إن موسم الحج وزيارة المسجد الحرام، وكذا زيارة المسجد النبوي، لمناسبة جديرة بتذكير المسلمين وخاصة حجاج بيت الله الحرام بالمسجد الثالث الذي قرن بهذين المسجدين، أفلا تهفوا قلوبهم للتعريج عليه والصلاة فيه، ألا تشتاق أقدامهم للسير في رحابه وجباههم للسجود فوق ترابه، وعيونهم للتكحل برؤية قبته المشرفة، وأجسادهم للاتكاء على جدرانه والاستراحة على أرضه.

إلى متى أيها الحجاج ستظلون محرومين من التعريج على القدس والفوز بصلاة في المسجد الأقصى.

إلى متى أيها المسلمون ستظلون ساكتين على جرم أسر المسجد الأقصى وانتهاك حرمته صباح مساء من قبل يهود، متى ستتحركون لتحريره، بل متى ستفكرون في تحريره، لأن تحريره ليس إجراءا سهلاً، فمع جيوش تقتل شعوبها وتحمي أعداءها لا مجال للحديث عن التحرير، بل الأمر يحتاج إلى تفكير وتأمل، فما استطاع الرسول الصلاة في المسجد الحرام إلا بعد أن أقام دولة استعادت المسجد من أيدي المشركين وإعادته إلى الأيدي المتوضئة التي تعرف حرمته فتقدسه وتحافظ عليه، وإن تحرير المسجد الأقصى لن يكون إلا بإعادة الدولة التي حررت المسجد الحرام، دولة الإسلام دولة الخلافة التي ستعيد للمقدسات قدسيتها، وتزيل العقبات من أمام من يرغب من المسلمين في زيارتها والتبرك ببركتها.

فإلى العمل لإعادة دولة الخلافة لتكن أول أعمالكم التي تقومون بها حال عودتكم إلى دياركم أيها الحجاج الكرام، والدعوة موصولة لكل مسلم ألقى السمع وهو شهيد.

 

احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.