Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق تونس بين الأمس واليوم

 

الخبر:

تعيش تونس منذ الساعات الأولى لصباح الأربعاء 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2013 حالة من الاحتقان، فولايات قابس وقفصة وسليانة في إضراب عام احتجاجا على استثنائهم من المشاريع التنموية التي أقرتها الحكومة مؤخرا، والتي تضمنت قرار إنشاء ثلاث كليات طب في كل من ولايات سيدي بوزيد والكاف ومدنين.

 

التعليق:

إنّ المطّلع على أعمال الحكومة والميزانية المقررة لسنة 2014 وأزمة الموارد التي تعيشها البلاد ليتملكه الاستغراب حقيقة من قرار إنشاء كليات طب تتجاوز كلفة الكلية الواحدة نحو 22 مليون دينار، ولا يملك تفسيرا لذلك سوى أنّ الحكومة أرادت من ذلك القرار كسب ود المناطق المقرر إنشاء الكليات فيها وأنها تبيع الكلام والأوهام، خاصة عند معرفة أن كليات الطب يُفترض وجودها بالتوازي مع مستشفيات جامعية غير موجودة هناك ولا يمكن إيجادها بطبيعة الحال، وأن عدد العاطلين عن العمل في مجال الطب يقدر بنحو 1600 عاطل.

إنّ تصاعد وتيرة الاحتجاجات في المناطق الداخلية يعيد إلى الأذهان صورة الوضع في تونس إبّان الثورة، وهو ما يجرنا إلى التساؤل ماذا تغير بين الأمس واليوم؟؟ فهذه المناطق عاشت جميعها عقودا من التهميش والإقصاء وغياب الرعاية، وهذا الأمر قد تواصل بعد الثورة.

إنّ رعاية الشؤون تقتضي إرادة؛ تقتضي أفعالا لا أقوالا؛ تقتضي تصرفا بالمتاح وبالمقدّرات من المواد الخام وهذا هو السبيل الوحيد ليشتدّ عود الدولة وتقوى على القيام بأعبائها. ولكن الواقع المعاش وأعمال الحكومة في تونس يؤكد كل لحظة أن هؤلاء الذين في الحكم بعيدون كل البعد عن هذا، وأنهم دمى سلّموا رقابهم لمؤسسات الاستعمار الاقتصادي لتنتزع منهم الإرادة والسيادة، بل ولتفتك بكل ثروات البلاد دون رقيب ولا حسيب.

فهل من الممكن لمن رهن نفسه بالقروض بشروط مجحفة أن ينهض والشروط تقتضي الركوع والانبطاح؟؟

أمِنَ الممكن لمن وارداته تقتصر على الجباية والتداين أن يقوم بالمشاريع التنموية التي تغير الحال؟؟

لا والله؛ لن يتغير الحال وسيبقى على ما هو عليه؛ ولعله يسوء أكثر؛ ما لم تمارس السياسة على أساس «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»، وما لم تُقطع الأيادي الناهبة لثرواتنا فتنشأ إرادة تفعّل سيادةً تباشر استغلال المقدرات؛ فتدفع عجلة الصناعة والزراعة بل وكل القطاعات؛ حينها يشتد العود وتقوى الشوكة ونصير دولة قادرة على رعاية شؤون رعاياها في أي مكان لا كيانات يصح تسميتها جمهوريات الموز.

 

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم أنس – تونس