خبر وتعليق الإيدز ومتلازمة تعطيل الشريعة الإسلامية
الخبر:
تشير الأرقام الإحصائية إلى أن الإصابات الجديدة بفيروس “إتش.آي.في” المسؤول عن متلازمة نقص المناعة المكتسبة (إيدز) في العالم العربي ارتفعت بنسبة 100%، أي تضاعفت منذ عام 2001. وخلال السنوات الماضية، تم توجيه انتقادات للتعامل الحكومي في الدول العربية مع الإيدز، إذ يقول المنتقدون إن الحكومات لم تعتبره خطرا حقيقيا، متذرعة بأن التقاليد الاجتماعية المحافظة في المجتمعات العربية كفيلة بإبقاء مستويات الإيدز منخفضة. وتكمن الخطورة في طبيعة انتشار مرض الإيدز، فما إن يبلغ مستوى معينا بين السكان حتى يتحول بسهولة وسرعة إلى وباء، وهذا ما حدث في العديد من البلدان في جنوب أفريقيا. (الجزيرة 3-12-2013)
وفي إطار آخر ذكرت جريدة الحياة تصريحات وزير الصحة الإيراني الأحد الماضي بأن إيران تواجه زيادة هائلة في أعداد المصابين بهذا المرض سنوياً تقدر بأكثر من 80% كل عام. وذكر رئيس مكتب الأمم المتحدة في إيران غاري لويس في سياق حديثه لصحيفة «الغارديان» البريطانية، إن ما يعادل ثلثي الإصابات “في السابق كان يأتي بسبب استخدام حقن المخدرات من قبل أكثر من شخص، لكن هذا الأمر انخفض إلى النصف حالياً، فيما تشكل الإصابات عن طريق الاتصال الجنسي النصف الآخر، وهو ما اعتبره تهديداً بانتشار أوسع للمرض. (جريدة الحياة 4-12-2013)
التعليق:
ارتبط اسم مرض الإيدز بممارسات غير شرعية تؤدي لانتقال المرض، ولكن لا بد من الإشارة إلى وجود مجموعة من الناس وقع عليهم هذا البلاء دون أن يقترفوا أي إثم أو ينتهكوا محرمات الله، فهذا ابتلاء وقضاء من الله عز وجل، وعسى الله أن يثيب المبتلى على صبره واحتسابه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما يُصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يُشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه» رواه البخاري. منهم من نُقل إليه دم ملوث بالفيروس بسبب الإهمال الصحي الوبائي الناتج عن غياب المحاسبة وسوء الرعاية. ومنهم كذلك نساء مسلمات (لا يعرف سوى عالم الغيب تعدادهن) ممن نقلت لهن عدوى هذا المرض الفتاك عبر أزواجهن الذين سُهِّلت لهم السبل لمعصية الله عز وجل، وغضّت الدول الطرفَ عن رحلات مشبوهة لشرق آسيا وارتياد سهرات لهو محرم في فنادق معروفة وشبكات تجارة بالرقيق الأبيض، وغيرها من السبل لتجد نفسها بين ليلة وضحاها مصابة بالفيروس تعاني الأمرَّين من وصمة المجتمع لها كمريض تُلقى عليه التهم بدون التفكر أن هذا يمكن أن يكون نتيجة ظلم وإهمال النظام الذي أفسد زوجها وضيّعها بعد أن صانت نفسها والتزمت بشرع ربها.
لم يعد همّ مثل هذه المرأة المبتلاة التعايشَ مع المرض فقط بل هي تسعى لحماية فلذات كبدها وهي ترى بأم عينها هذه الهجمة التغريبية الشرسة التي تستهدف الأمة وتنشر فيها أفكارا غريبة عنها بدعوى التحرر مستخدمة شتى الطرق، حتى ظهرت الفاحشة وأصبح لها مهرجانات ومسابقات وجوائز وحفلات تكريم.
بالإضافة إلى ما يقوم به الإعلام من ترويج وتجميل للفاحشة باستخدام عبارات منمقة وإعلانات جذابة، فأصبحت العلاقات المحرمة قصصاً تروى برومانسية مفرطة في الدراما التلفزيونية التي غزت كل بيت، تسوّق الزنا وتشوّه صورة العفة والزواج. يدعمون قنوات العهر والفجور التي تملكها شبكات آثمة بمسميات إعلامية براقة؛ تنشئ الأجيال على اعتياد المحرمات، وتثير غرائز شباب أفقرتهم دولهم، وجعلت الزواج أمراً بعيد المنال، قنوات إسفاف تمادت لدرجة أن منها من غيرت مسمى الشاذين جنسياً إلى المثليين! وصورتهم فئة من الشعب لها حقوق وعلينا احترامها طالما أنها لا تؤذي غيرها! يتحدثون عمن يقوم بأفعال قوم لوط عليه السلام وكأنه أمر طبيعي، بينما يخشى كل مسلم أن يعم غضب رب العباد علينا بسبب فعلة قوم يأتون الرجال شهوة دون النساء! إنهم يسمون البغايا بالعاملات حتى إن بعض الدول تمنحهم التراخيص وتضيف ما تدفعنه من ضرائب لخزائن دولها! أظهرت الحكوماتُ الفاحشةَ فظهر المرض «وما ظهرت الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا ظهرت فيهم الأوجاع التي لم تكن في أسلافهم». رواه ابن ماجه والحاكم والبيهقي.
هذه الدول التي تتبنى الاختلاط والسفور وتتفانى في إخراج المسلمة من خدرها وتتهكم على الملتزمين بأحكام الإسلام وتحارب العلماء الربانيين الذين يقفون للتغريب بالمرصاد، تروج بين رعاياها أن الإيدز لا يُعَدّ مشكلة في بلاد المسلمين حيث إن القيم الدينية في هذه المجتمعات المحافظة تحميهم.. أي عبث هذا؟ يرفضون تحكيم الإسلام ويضربون بأحكام الشريعة الغراء عرض الحائط ثم يدَّعون أن التزام الناس بالإسلام سينقذهم من هذه الأمراض الخطيرة! يعطلون شرع الله ويظهرون الفاحشة في مجتمعاتهم حتى يتفشى فيهم الموت ثم يطلقون الدعوات للقضاء على المرض! يخادعون الناس بالحملات والبرامج التي تنفق عليها الأموال فإذا بها تنهب وتبدد دون رؤية واضحة وسياسة علاجية متكاملة! تأتي الإحصاءات والأخبار العلمية لتؤكد على التفوق الغربي في التعايش مع المرض بعلاجات محسنة باهظة الثمن، لكي تنتقل الحرب التي تعلنها الهيئات العالمية سنوياً على مرض الإيدز إلى حرب نفسية ترسخ لدى شعوب الدول النامية قناعتهم بإهمال حكوماتهم وتقصيرها في شأنهم وتشعرهم بالقهر والهوان. سياسات علاجية تكشف مكر الغرب؛ حيث تدعم الدول الكبرى الأسعار المبالغ فيها للأدوية الحديثة وترسخ إمبراطوريات رأسمالية متمثلة في شركات الأدوية التي تقوم على التكسب من وراء أمراض الناس وأوجاعهم، بينما ينتشر الإيدز في بلاد المسلمين وغيرها من البلاد في الخفاء في ظل إهمال تام من حكومات تابعة متآمرة لا تملك من أمرها شيئا.
إننا نعاني اليوم من متلازمة تعطيل الشريعة وهذه الأعراض المرضية المزمنة التي انتشرت حولنا بشكل متزامن تنبت من المصدر نفسه وتنمّ عن نفس الداء ولا تعالج إلا بالعودة لله قولاً وفعلاً. أما ترويجهم للإباحية والفحش والفجور فسيكون وبالاً عليهم وحسرات يوم الحساب، وستحاسبهم الأمة عن قريب على سجلهم المخزي في محاكمة مهيبة. فلتكن هذه الحملات للقضاء على مرض الإيدز ودعوات المبتلين بأجيال خالية من الإيدز شحنة لاقتلاع هذه الأنظمة الفاسدة المفسدة التي أمرضت الأجساد وأفسدت الأنفس ولوثت الأعراض؛ تارة بسياساتها وتارة أخرى بإهمالها. هذه الدول التي تتبني نهج الشق والترقيع بشكل يفقد الشيء هويته وحُسنه حتى ملأت الفضاء فوضى وقبحاً.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم يحيى بنت محمد