خبر وتعليق الأذى الذي يتعرض له الأطفال في تركيا سببه النظام الرأسمالي العلماني (مترجم)
الخبر:
نشرت “استراتيجية حقوق الطفل وخطة العمل الوطنية” التي أعدت من قبل وزارة الأسرة والسياسات الاجتماعية في الرائد الرسمي ودخلت حيز التنفيذ في 10 كانون الأول/ديسمبر. ويوضّح مضمون هذه الخطة أن عدد الأطفال المحرومين من التعليم قد تكاثر وعمالة الأطفال أًصبحت منتشرة. كما فشلت كل الآليات لحماية الأطفال من ارتكاب جرائم، هذا إلى جانب أن الأحداث الجانحين ينتظرون إجراءات مثل البالغين تماما في السجون، مع كثرة العنف ضد الأطفال في تركيا. 893 ألف من 15 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 6 و 17 سنة قد دخلوا سوق الشغل في تركيا وعلى الرغم من أن تشغيل الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و14 سنة محظور، إلا أن 242 ألف طفل يشتغلون، 20% منهم قد تركوا مقاعد الدراسة. و66% من مجموع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و17 سنة لا يذهبون إلى المدارس الثانوية. وبسبب عدم قدرة سجون الأحداث على استيعاب 1085 طفلاً، فإنه يتم وضعهم أحيانا في سجون البالغين. وكنتيجة لطول مدة المحاكمة في تركيا، فإن عدد الأطفال المحتجزين أكثر بكثير من عدد الأطفال المدانين. وبالإضافة إلى ذلك، فإن عدد الأطفال الذين تعرضوا إلى اعتداءات جنسية تحت سن 18 سنة والذين خضعوا لفحوص طبية ما يقارب 3 آلاف طفل.
التعليق:
هذا السيناريو المروع للأطفال في تركيا هو تماما نتاج النظام العلماني، والذي طبّق على مدى الـ90 عاما الماضية. في الوقت الذي يجب أن يتمتع به أطفالنا بتعليم جيّد وفقا للمعرفة والعلم لكي يقودوا أمتنا نحو مستقبل مشرق، نجد أنهم مجبرون على العمل لإعالة أنفسهم وعائلاتهم، وعلاوة على ذلك فهم يشتغلون في وظائف مضنية وخطرة لا تستطيع أجسادهم الصغيرة تحملها، حتى إن بعضهم يموت من جرائها. وهذا يرجع بالأساس إلى النظام الاقتصادي الرأسمالي المطبق في هذا البلد، ففي سنة 2013 وحدها فقد 55 طفلاً حياته بسبب العمل. لم يجلب هذا النظام الرأسمالي أي شيء غير زيادة ثروة أصحاب رؤوس الأموال، حيث لا يكتفي باستغلال آباء وأمهات هؤلاء الأطفال، بل يستغل الأطفال أنفسهم ويجعلهم عبيدا يسلمهم إلى أرباب العمل الذين يعطون الأولوية لمصالحهم على أي شيء آخر. علاوة على ذلك فإن التعليم في ظل النظام العلماني الرأسمالي طوال 90 سنة لم يحقق سوى تدريس الحريات الشخصية والاقتصادية للناس. هذه الأجيال التي نشأت في جوّ ينقصه الخوف من الله حيث القيم العليا لا تُحترَم ولا تقدّر، أوجدت العديد من الأفراد الذين تخلو منهم الأخلاق والرحمة، لا يحترمون حياة وأملاك الآخرين ولا قيم العفة والشرف. هذا الفجور وهذه القسوة قد انتقلت لسوء الحظ إلى الأطفال في أعمار مبكرة. فإما حماقة أو خيانة أن نعتقد بأن زيادة عدد السجون أو إدخال إجراءات جديدة محددة للأطفال من شأنه أن يحسن أوضاع المجتمع. إن هيمنة الحريات الشخصية ونقص العقوبات الرادعة في هذا النظام جعلت من الأطفال أدوات جنسية في أيدي أشخاص منحرفين جعلوا إشباع رغباتهم الحيوانية هدفا لحياتهم.
إن هذا النظام الرأسمالي العلماني الفاسد القائم على الحريات، لم يحقق أي تحسن في أي بلد أو مجتمع سيطر عليه. على سبيل المثال، وفقا “للإحصاءات الوطنية للاعتداء على الأطفال” من الولايات المتحدة، فإن الولايات المتحدة لديها أسوأ التصنيفات بين الدول الصناعية. حيث يختفي ما بين أربعة إلى سبعة أطفال يوميا من جراء سوء المعاملة، ويسجل سنويا أكثر من 6 مليون تقرير حول الاعتداء على الأطفال في الولايات المتحدة. هذا الفكر الرأسمالي الديمقراطي لم يحقق سوى الوحشية والاستغلال والانحطاط للشعوب التي اعتنقته. في المقابل يوجد براهين لا تحصى ولا تعد على أن الأطفال في ظل الحكم الإسلامي في دولة الخلافة قد عاشوا ضمن المعايير الأكثر راحة وتميزا في العالم على مدى التاريخ. وأن وقوع هذه المشاكل بهذا الحجم المذكور في التقارير أعلاه قد وجدت منذ زوال الحكم الإسلامي على هذه الأمة. لذلك ليس من الحكمة ولا من الإسلام أن نُصرّ على نظام حياة مسطّر من قبل الغرب ليحكم تركيا أو باقي أراضي المسلمين.
وعمر رضي الله عنه الذي استغرق في حساسية مسؤوليته كقائد إسلامي قد توخى الحذر الشديد للحيلولة دون وقوع الظلم على الأطفال وحتى الحيوانات؛ وذلك من خلال حله للمشاكل بدون الحيد قيد أنملة عن القرآن والسنة، خوفا من الله. وبالتالي فإن الحل الحقيقي والعدل الحقيقي والنهضة الحقيقية لن تكون ممكنة مرة أخرى إلا تحت ظل خلافة يحكمها خليفة يفهم فهما حقيقيا واجبه الإسلامي في حماية الأمة من الظلم والقهر وتجاوز حدود الله سبحانه وتعالى. دولة الخلافة القائمة على أساس العقيدة الإسلامية سوف تعلّم الناس أولا على عيش حياتهم في خشية الله وفي سبيله كغاية عليا في حياتهم، وسوف توفر تعليما إسلاميا وعاما لجميع رعاياها وخاصة الأطفال دون مقابل. وهذا من شأنه أن يكوّن عقليات تقوم على الخشية من حساب الله في أي سلوك تقوم به بدل عقليات استغلالية وإجرامية لا يهمها سوى تحقيق رغباتها الشخصية. أما الفقر فسيتم تقليصه إلى أبعد الحدود بمجرد تطبيق النظام الاقتصادي الإسلامي، ومعيشة الأطفال والنساء سوف تكون من مسؤوليات أوليائهم أو الدولة. وكذلك سيتم تحديد عقوبات على جرائم مثل الاعتداء على الأطفال وفقا لشرع الله سبحانه وتعالى، وستكون بمثابة رادع لمثل هذه الأعمال. إلى جانب أن دولة الخلافة ستعمل على إزالة أي شيء من شأنه أن يدفع الأطفال إلى ارتكاب جرائم أو جعلهم ضحايا لأفراد منحرفين. وقطعا لن تتحقق هذه الحلول إلا بالتطبيق الكامل والشامل للشريعة الإسلامية تحت ظل دولة الخلافة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم خالد
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير