خبر وتعليق كلمة مهمة إلى الإخوان وإلى الحكام في مصر
الخبر:
في 2013/12/26 قال المتحدث باسم وزارة الداخلية المصرية اللواء هاني عبد اللطيف أن جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية سيشمل الإعدام من يقود مسيرة لها حتى وإن كانت سيدة.. وأن من يشارك في أية مسيرة تابعة لها سيعاقب بالسجن خمس سنوات. وقال: “كل من يثبت انضمامه لتنظيم الإخوان وكل من يروج بالقول أو الكتابة لأفكارها وكذلك كل من حاز محررات أو مطبوعات أو تسجيلات خاصة بالتنظيم سيعاقب بالسجن أيضا مدة لا تزيد عن خمس سنوات”. وقال: “إن كل من يتولى أي منصب قيادي في الجماعة أو يمدها بمعونات مالية أو معلومات سيعاقب بالأشغال الشاقة”. وذلك بعد يوم من إعلان الحكومة المصرية قرارها بوضع جماعة الإخوان المسلمين على قائمة المنظمات الإرهابية.
التعليق:
نعلق على هذا الخبر من جانبين مهمَّيْن ونقدم كلمتين صادقتين للطرفين:
الجانب الأول: إن هذا التصريح وقرار الحكومة من قبله ليدل على حالة من التشنج والعصبية والتهور لدى سلطة الانقلاب في مصر، وأنها تتصرف بهستيرية كأنها فاقدة للوعي أو العقل. ويدل على أنها خائفة جدا من السقوط، فتستعجل الحلول المدمرة للبلد وتستخدم العنف والإرهاب بكل أنواعه، ويدل على أن الشعب ليس معها، وأنها سلطة نتيجة انقلاب وليست ثمرة ثورة، وإلا لما تصرفت كما تصرفت منذ قيامها بالانقلاب ضد فئة كبيرة من الشعب، ويدل على أنه ليس لديها أي فكر تستطيع أن تناقش الناس على أساسه أو تقنعهم به، فتلجأ إلى الإجراءات والقرارات والقوانين التي تتخذها الأنظمة الاستبدادية، فلا تعرف كيف تحتوي الخصوم وتعالج الأمور، فتلجأ إلى تلفيق التهم والأكاذيب على الخصوم، وتعلن حظرهم ومنعهم من العمل السياسي، مما يدفع الناس إلى ترك العمل السياسي واللجوء إلى مواجهة السلطة بالقوة واستعمال العنف، مما يجر البلاد إلى الخراب والدمار، وهي لا تعرف معنى رعاية شؤون الناس فهي فاشلة، وتتصرف بهمجية ووحشية وبتعسف وظلم. فهكذا سلطة لن تدوم وسوف تسقط مهما طال الزمن.
الجانب الثاني: إن ذلك يدل على أن الإخوان المسلمين لديهم القدرة على التحرك الشعبي ولديهم قوة شعبية معينة قادرة على الاستمرار رغم البطش والقتل والسجن الذي تعرضوا له، فهم مستمرون في تحركهم الشعبي منذ ستة أشهر، وقد قتل منهم المئات إن لم يكن الآلاف وسجن منهم الألوف، ومع ذلك فما زالوا مستمرين وهذه نقطة إيجابية. ولكن لوحظ على الإخوان أنهم لم يستطيعوا أن يقودوا الشعب المصري كله أو جله أو أكثريته أو نصفه وإنما اعتمدوا على المنتسبين لهم والمناصرين والمؤيدين لهم حيث تجري التخمينات وهذه نقطة سلبية. والسبب أنهم لم يطرحوا فكرا أو شعارا يجمع الناس وراءهم أو يوحدهم بجانبهم، فحصروا عملهم في المطالبة بإعادة الشرعية لرئيس فشل في معالجة المشاكل وفي الإمساك بزمام الأمور، وترك الوسط السياسي القديم وكل القوى الفاسدة التي كانت على عهد الساقط حسني مبارك على ما هي، ولم يحاسبها على فسادها، ولم يعمل على تطهير المجتمع منها أو عزلها عنه، وكذلك أسند ظهره لأمريكا وتعهد لها ولكيان يهود بالمحافظة على معاهدة كامب ديفيد وغيرها من المعاهدات التي تبقي مصر تحت النفوذ الأمريكي وحامية لكيان يهود، ولم يعمل على تطبيق الإسلام فنكث بميثاق الله.
ودستور 2012 الذي وضعته جماعته مع غيرها من الجماعات هو نسخة منقحة عن دستور أنور السادات لعام 1971، وهو الدستور الذي عمل به النظام السابق الذي أسقطه الشعب، ولم يختلف كثيرا عن دستور الانقلابيين الجديد الذي فرغوا منه للتو، لأن المواد السيادية التي تحدد ماهية الدولة وأساسها ونظام الحكم فيها وشكله وأجهزته والسياسات الداخلية والخارجية والاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والحربية فكلها في الدساتير الثلاثة واحدة تستند في الأساس إلى الدستور الفرنسي وإلى الأفكار الغربية الغريبة عن الأمة، فلا تستند بأي حال إلى العقيدة الإسلامية ولا تنبع منها. فالدولة في مصر سواء على عهد الملكية التي سقطت أو على عهد الجمهورية التي على وشك السقوط لا تشبه الدولة التي أقامها نبي الأمة ورسولها وقائدها وأول رئيس لها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وسار عليها الخلفاء الراشدون رضوان الله عليهم، ومنهم الخليفة الثاني عمر فاتح مصر الذي طبق الإسلام عليها من أول يوم وأهلها لم يسلموا بعد، فأقام العدل فيها وأزال الظلم، ولذلك دخل أهلها في دين الله أفواجا.
الكلمة الأولى: إذا راجع الإخوان أنفسهم وتخلوا عن نهج التنازل وعن الطريقة التي اتبعوها ورجعوا إلى طريقة الإسلام طريقة رسول الله في تطبيق الإسلام وهي العمل على تطبيق الإسلام كاملا من أول يوم متبنين دستورا واضحا مأخوذة كافة مواده من كتاب الله وسنة رسوله فإن الله سيؤيدهم بنصره وبالمؤمنين. وهذا الأمر أصبح متيسرا لهم وهو بين أيديهم، حيث بإمكانهم أن يرجعوا إلى حزب التحرير ويستعينوا به، فلا يغرنهم عددهم ووسائل الإعلام المضللة والفتاوى المخالفة للأدلة الشرعية الواضحة، ولا يقولوا نحن الحركة الأولى والأقدم والأكثر عددا، فكل ذلك لا قيمة له إن لم تؤسس الجماعة على فكر عميق ومبلور، موضحة كافة تفاصيله، ومنها الدستور الذي ستطبقه، وسائرة على طريقة واضحة ومستقيمة نابعة من الفكر، وأن تتحلى بالوعي السياسي والوعي الفكري وبالثبات على المبدأ.
الكلمة الثانية: هي للقائمين على الانقلاب والمؤيدين له عليهم أن يعودوا إلى رشدهم وألا يتمادوا في غيهم ونفث أحقادهم وغلهم في إخوانهم المسلمين فيستبيحوا دماءهم وأموالهم، ويتعسفوا في معاملتهم وفي معاقبتهم، وأن يعودوا إلى ربهم العادل، ويتذكروا أنه محاسبهم، وأنهم لن يعجزوه في الأرض، وعليهم أن يتذكروا مصير الطغاة من فرعون في غابر الزمان إلى حسني مبارك في حاضر الزمان، وأن يرجعوا إلى دينهم فيتمسكوا به، وأن يتخلوا عن دستورهم، فإنه لن ينفعهم، ولن يتمكنوا من معالجة مشاكل بلادهم به، ولن يتقدموا قيد أنملة، لأنه دستور مجرب جرى عليه وبه الفشل، بل عليهم أن يعملوا على تطبيق الدستور الإسلامي وقد بينه لهم حزب التحرير فليستعينوا به وليسلموه زمام الأمور، لأنه هو الأقدر على تطبيقه وإحسان تطبيقه والنهوض بالبلاد وإقامة العدل وإزالة الظلم، فتصبح مصر وباقي أمصار الإسلام في أمن وأمان وفي عز ورخاء.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أسعد منصور