Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء (مترجم)


الخبر:

ذكرت صحيفة “ستار” في 1/1/2014 أن ارتفاع تكاليف المعيشة وانعدام الأمن والوضع السياسي السيئ بشكل متزايد جعل أغلبية الكينيين الذين يستعدون لاستقبال العام الجديد أقل تفاؤلا. فبحسب استطلاع رأي “سينوفيت” الذي صدر يوم 31 كانون الأول/ديسمبر، فإن 70٪ من الكينيين قلقون حول تكاليف المعيشة باعتبارها واحدة من أبرز اهتماماتهم، وأن 49٪ آخرين رأوا أن انعدام الأمن هو أبرز مخاوفهم لسنة 2014. ولكن مستوى التفاؤل قد تراجع مقارنة مع سنة 2012، عندما أجرى “سينوفيت” استطلاعاً آخر مشابهًا قبل أشهر فقط من الانتخابات العامة. خلال تلك الدراسة، فإن أكثر من نصف (54٪) الذين تمت مقابلتهم كانوا مفعمين بالتفاؤل ويرون أن سنة 2013 ستكون أفضل من سنة 2012. كما كانوا على قناعة بأن المناخ السياسي – على الرغم من كونه مضطربًا للغاية نظرا للحملات الانتخابية – على وشك أن يكون أفضل. وقال 17٪ فقط أن الوضع لن يتغير، في حين أن 16٪ فقط كانوا متشائمين ويعتقدون بأن الأمور سوف تزداد سوءا. وقد تضاعف عدد الذين يعتقدون أن الأوضاع السياسية في البلاد ستزداد سوءا عما كانت عليه في استطلاع 2012. كل ذلك على الرغم من الانتخابات السلمية التي أجريت في آذار/مارس وتم بموجبها نقل سلمي للسلطة من مواي كيباكي إلى الرئيس أوهورو كينياتا.

 

التعليق:

كان الكينيون في سنة 2002 يعتبرون أكثر الناس تفاؤلا في العالم، بعد إزالة دكتاتورية “موي Moi ” وعلقوا كل آمالهم على مواي كيباكي لتخليصهم من البؤس الذي كانوا يرزحون فيه تحت حكم نظام “مواي”. لم يكد الغبار ينقشع حتى ظهرت للكينيين حقيقة السياسة الديمقراطية، حيث ظهرت خلافات وفضائح ضخمة عصفت بالحكومة الجديدة. جميع آمالهم تبددت، وكان لا بد من إحيائها في الانتخابات اللاحقة سنة 2007 والتي أسفرت عن أعمال عنف لم تشهدها كينيا من قبل.

ذكر تقرير الاستطلاع أنه “مع كل وعود الطامحين بالرئاسة بالحد من البطالة في حال تم انتخابهم، فإنه ليس من المستغرب أن يعقد الكثير من الكينيين آمالا كبيرة على سنة 2013. وبعد الانتخابات، فإن الكينيين يتطلعون إلى مؤشرات ملموسة لتوفير فرص العمل بما يتماشى مع ‘النقاش والعمل’ – وهو شعار تحالف اليوبيل – التعهد والأدلة هي ما لم نشهده حتى الآن”. هذا ما أوضحته مارجريت ايريري، الرئيس التنفيذي لاستطلاع “ابسيوس سينوفيت”. من الواضح أن رئاسة “أوهورو كينياتا” منذ الانتخابات وهي تمرّ في أزمة تلو الأخرى. حاليا فإن الحكومة تقاوم تمردا في صفوفها على إثر التعيينات الأخيرة لرؤساء المؤسسات شبه الحكومية. وقد وُعد الكينيون أثناء الحملات الانتخابية بأن حكومة اليوبيل ستضم شبابا كما قيل لهم مرارا وتكرارا لحجب الثقة عن الحرس القديم. لقد كانت مفاجأة للكينيين بأن الحرس القديم الذي كان يُلعن خلال الحملات الانتخابية قد تمت مكافأته اليوم بمناصب هامة! وكانت هناك أيضا شكاوى من التوزيع غير العادل للوظائف الحكومية، والصفقات الفاسدة بالمليارات التي كانت تتم على شكل عطاءات لمشاريع حكومية. وبينما يتوقع الكينيون انتهاء تسييس القضايا بعد انتخابات آذار/مارس وأن البلاد سوف تتجه نحو التنمية الشاملة، إلا أن شيئا من هذا لن يحدث. في الواقع فإن غلاء المعيشة أدى إلى انخفاض عدد المستثمرين إلى الصفر.

إن فن إعطاء الناس آمالا كاذبة هو سمة جميع الأنظمة التي تتبنى الفكر الرأسمالي. فقد أعطت الثورة الصناعية أملا للفقراء في مستقبل أفضل ولكن الأغنياء الجشعين وأدوا هذا الأمل في مهده لخدمة أهدافهم ومصالحهم. وهذا هو الحال في كينيا منذ “الاستقلال” سنة 1963، حيث أعطيت الوعود لمكافحة الفقر والأمية والأمراض. لقد أنفقت الحكومة مؤخرا الملايين من أجل الاحتفال بالذكرى الخمسين للاستقلال بينما الفقر يكتسح نصف السكّان، ومستويات الأمية لا تزال مرتفعة ونظام الرعاية الصحية في حالة من الفوضى بسبب إضراب الأطباء. في الواقع أن تكون مريضًا في كينيا هي جريمة في كثير من الحالات، بل هو حكم بالإعدام! سيبقى الكينيون يعلقون آمالاً لا نهاية لها طالما استمرت الرأسمالية في وعودها بالتنمية الاقتصادية وبالديمقراطية في تغيير الحكام.

إن الإسلام يحضنا على عدم اليأس وعدم القنوط من رحمة الله. وفي الوقت نفسه، لا يجوز لنا أن نعلق آمالا قائمة على وعود مقطوعة من قبل أناس يعتاشون على نظام هدفه الأساسي خدمة النخبة. لقد وضع الإسلام نظاما من الضوابط والتوازنات لمحاسبة من هم في الحكم على كل وعد قطعوه للناس، وتوجيه الناس إلى ما يمكنهم تعليق آمالهم عليه. والحكام يدركون تماما أن محاسبة الناس لهم ليست هي فقط ما سيواجهونها، بل إن محاسبة الخالق لهم هي التي تجعلهم أكثر عرضة للمساءلة. إن هذا النظام، الذي كان مطبقا في دولة الخلافة، قد حكم قرابة 1400 سنة! وإن عودة هذا النظام سيكون المنقذ الوحيد لكينيا والعالم بأسره ما يؤدي إلى آمال واقعية يمكن الوفاء بها.

 

 


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
قاسم أغيسا
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في شرق أفريقيا