Take a fresh look at your lifestyle.

مع الحديث الشريف المساقاة

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

روى البخاري في صحيحه قال:

حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: “قَالَتْ الْأَنْصَارُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إقْسِمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا النَّخِيلَ. قَالَ: لَا. فَقَالُوا: تَكْفُونَا الْمَئُونَةَ وَنَشْرَكْكُمْ فِي الثَّمَرَةِ, قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا”.

قَوْله: (قَالَتْ الْأَنْصَار)

أَيْ حِين قَدِمَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة، وَسَيَأْتِي فِي الْهِبَة مِنْ حَدِيث أَنَس قَالَ: “لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَة قَاسَمَهُمْ الْأَنْصَار عَلَى أَنْ يُعْطُوهُمْ ثِمَار أَمْوَالهمْ وَيَكْفُوهُمْ الْمَئُونَة وَالْعَمَل” الْحَدِيث.

قَوْله: (النَّخِيلَ)

فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيِّ “النَّخْل” وَالنَّخِيل جَمْع نَخْل كَالْعَبِيدِ جَمْع عَبْد وَهُوَ جَمْع نَادِر.

قَوْله: (الْمَئُونَة)

أَيْ الْعَمَل فِي الْبَسَاتِين مِنْ سَقْيهَا وَالْقِيَام عَلَيْهَا، قَالَ الْمُهَلَّب: إِنَّمَا قَالَ لَهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “لَا” لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ الْفُتُوح سَتُفْتَحُ عَلَيْهِمْ فَكَرِهَ أَنْ يَخْرُج شَيْء مِنْ عَقَار الْأَنْصَار عَنْهُمْ، فَلَمَّا فَهِمَ الْأَنْصَار ذَلِكَ جَمَعُوا بَيْن الْمَصْلَحَتَيْنِ: اِمْتِثَال مَا أَمَرَهُمْ بِهِ، وَتَعْجِيل مُوَاسَاة إِخْوَانهمْ الْمُهَاجِرِينَ، فَسَأَلُوهُمْ أَنْ يُسَاعِدُوهُمْ فِي الْعَمَل وَيُشْرِكُوهُمْ فِي الثَّمَر. قَالَ: وَهَذِهِ هِيَ الْمُسَاقَاة بِعَيْنِهَا.

في هذا الحديث الشريف نتعرف على أحد الأعمال التي جعلها الشرع سبباً من أسباب التملك الشرعية …..إنه المساقاة. وهي أن يدفع أحدٌ أرضه المغروسةَ شجراً لآخر ليسقيها ويعتني بها مقابل جزء معلوم من الثمر.

وهو عمل مباح بدلالة الحديث.

والمساقاة غير المزارعة.

فالمزارعة: أن يدفع أحدٌ أرضه الملساءَ (غيرَ المزروعة) لآخر ليزرعها زراعة موسمية مقابل جزء من ناتج الأرض أو مبلغ من المال ….

وفي حين أن المساقاة من الأعمال المباحة شرعاً فإن المزارعة من الأعمال المحرمة, فقد جاء في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه, فإن أبى فليمسك أرضه.

وجاء في صحيح مسلم: “نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤخذ للأرض أجر أو حظ”.

فلننتبه إخوتي الكرام في تعاملنا مع ما تحت أيدينا من أراض, فما كانت شجرية فإنه يجوز تأجيرها مقابل جزء من ناتجها أو مقابل كمية من المال أو النقود لا فرق، فكلها كسب مباح وملكه شرعي بلا خلاف.

أما ما كانت ملساء تزرع موسميا فإنه يحرم تأجيرُها سواء مقابل جزء من ناتجها أو مقابل مبلغ من المال أو أي شيء آخر.

إن مثل هذه الأحكام يغفل عنها الكثيرون أو لا يعرفونها بسبب غياب أحكام الإسلام عن رعاية شؤوننا ….لكن عندما تعود دولة الإسلام قريبا بإذن الله وتعيد تطبيق شرع الله فلن تعود مثل هذه الأحكام مجهولة عند المسلمين خاصة المزارعين منهم, لأنه لا يقتصر أثرها على حياتهم في الدنيا بل يمتد ليؤثر على مصيرهم في الآخرة.

أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.