تقرير الأمم المتحدة حول أطفال سوريا يفتقر إلى الجدية ويدين المجتمع الدولي
نشرت الأمم المتحدة مساء أمس الأول تقريرا أمميا قدم لمجلس الأمن عن استفحال مشكلة الاعتداء على الأطفال في سوريا، واتهم التقرير ما أسماه “بجانبي الصراع” بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد الأطفال.
ويتناول التقرير الفترة بين الأول من آذار/مارس 2011 إلى 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2013، ويصف بشكل مفصل الأهوال التي تفوق الخيال ومعاناة الأطفال في سوريا.
وبالرغم من أن التقرير مؤرخ بتاريخ 2014/1/27 إلا أنه لم ينشر على موقع الأمم المتحدة إلا في مساء الثلاثاء2014/2/4
ذكر التقرير متابعة المجتمع الدولي، الذي ديدنه النفاق، لأحوال أطفال سوريا والجرائم التي تمت أمام أعينهم ووقفوا على تفاصيلها المروعة.
فقد أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن قوات النظام تحتجز الأطفال الذين لهم صلات بالمعارضة وتعذبهم، وقال إن “المعاناة التي تكبدها الأطفال في سوريا منذ بدء الصراع كما يوثقها هذا التقرير لا توصف ولا يمكن قبولها”.(موقع الأمم المتحدة)
يقول هذا بعد ثلاث سنوات دموية فاقت فيها جرائم السفاح حد الخيال، والأمم المتحدة تماطل وتعطيه الفرص، ثلاث سنوات من التسويف والمماطلات وهم يرون أمام أعينهم تفنن السادية البعثية ومواليها في صنوف التعذيب.
فقد ذكر تقرير الأمم المتحدة ما تداوله الناشطون منذ فترة والذي وثق استخدام النظام للتعذيب الجسدي ضد الأطفال، ومن ذلك الجلد بالسياط والصدمات الكهربائية (التي توجه لمناطق حساسة في جسد الطفل) وسحب أظافر اليدين والقدمين، وقطع أصابعهم أو الضرب بمطرقة على الظهر أحيانا حتى الموت، وحروق بالسجائر، والاغتصاب أو التهديد بالاغتصاب، والضرب بالقضبان المعدنية، وأشكال التعذيب النفسي مثل الحرمان من النوم، والحبس الانفرادي، وعمليات الإعدام الوهمية، ومشاهدة تعذيب الأقارب إلى آخر هذه القائمة السوداء.
هذه هي الأمم المتحدة وهذا هو موقفهم من أهل سوريا؛ فقد عرفوا عن السفاح وزبانيته كل هذا (وما خفي أعظم) ثم صافحوه وهادنوه وتفاوضوا معه كَنِدٍّ سياسي محاولين بذلك إعطاء الجزار شرعية فُقدت منذ ثلاثة أعوام، ويحاولون بذلك تجميل صورة الذئب البشري أمام الرأي العام العالمي.
إن هذا التقرير يدعي في ظاهره دعم أطفال سوريا بينما هو في الحقيقة يساوي بين المجرم والمدافع عن حقه، ويدعي النظرة الموضوعية الحيادية، والحيادية منه براء.
فهل الحيادية أن يكون الطرفان متساويين في الجرم حتى تتم المفاوضات ويبدأ الجميع بصفحة بيضاء؟ ماذا عن الأرض التي ارتوت بدماء زهرة شباب الشام، وماذا عن أعراض حرائرها التي انتهكت؟ وماذا عن أعراض أطفالها التي تتاجرون بها اليوم لغسل عاركم؟
جاء في موقع الأمم المتحدة “القوات الحكومية مسؤولة أيضا عن الاعتقال والاحتجاز التعسفي، وسوء معاملة وتعذيب الأطفال، في حين أن جماعات المعارضة المسلحة مسؤولة عن تجنيد واستخدام الأطفال في القتال وأدوار الدعم، فضلا عن القيام بعمليات عسكرية، بما في ذلك استخدام تكتيكات الإرهاب، في مناطق مأهولة بالمدنيين، مما أدى إلى سقوط ضحايا من المدنيين، بمن فيهم أطفال”.
كأن الأمم المتحدة هنا تهدر دماء أطفال سوريا وتنسب الجرم الكبير لأطراف متعددة حتى يضيع الحق وينشغل كل طرف بإلقاء اللوم على الآخر.
هم يقولون أن قوات النظام قتلت الأطفال واغتصبتهم وأن المعارضة المسلحة جندت هؤلاء الأطفال، فماذا عن الأمم المتحدة؟ ماذا عن مجتمعكم الدولي الذي كفر به عقلاء الشام منذ أول يوم حين قالوا “يا الله ما لنا غيرك يا الله”؟ إن جرم المجتمع الدولي المتآمر على أطفال سوريا أكبر من جرم بشار؛ فقد أمد في عمر نظامه البائد وأعطاه الفرص وهو يتفرج على هذه الأهوال التي لا توصف، إن المجتمع الدولي أقرَّ هنا في تقريره أنه شيطان أخرس.
بعد سرد هذه الويلات والجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية أتت توصيات بان كي مون وكأنها تسخر من جراحاتنا وتستهين بحجم المصاب، فقد دارت التوصيات في فلك التقارب ووقف العنف وكأن هذا العنف هواية اتخذها من يرفض حكم الجزار من باب التسلية والترويح عن النفس! ومن بين توصياته: “دعوة جميع الأطراف إلى وقف كافة الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال التي ورد ذكرها في التقرير، ووضع حد لجميع الهجمات العشوائية على المناطق المدنية، بما في ذلك أساليب الإرهاب، والغارات الجوية، والأسلحة الكيميائية، والمدفعية الثقيلة، والسماح بممر إنساني، والإفراج فورا عن النساء والأطفال المختطفين”.(موقع الأمم المتحدة).
وقد ظهر سكرتير الأمم المتآمرة على أهل سوريا على حقيقته وأثبت عبر هذه الثرثرة أن الهيئة الفاشلة التي لا ينال المسلمين منها سوى تبرير الظلم ومساندة المجرمين وتدبير المؤامرات لا تكترث لأطفال سوريا.
وهذا المجتمع الدولي الذي مرت عليه منذ أيام ذكرى مجازر رواندا حيث قتل الهوتو التوتسي على قارعة الطرق وقتل في أقل من 3 أشهر، من نيسان إلى تموز (أبريل – يوليو) 1994 حوالي مليون شخص هم ثلاثة أرباع عدد التوتسي.
قتل الناس في مشاهد صدمت سكان الأرض بينما تسارعت الدول الغربية في إجلاء رعاياها، واقتصر التدخل بعد ذلك على المتابعة عن بعد والتباكي على مصير هؤلاء الأفارقة المتناحرين.
بالرغم من أن المجتمع الدولي تابع مقدمات وتطور الإبادة العرقية عن كثب إلا أنه برر صمته وتجاهله وفشله الذريع بأنه أُخذ على حين غرّة ومرت الأحداث متسارعة أمامه فلم يحرك ساكنا لأن الوقت لم يسعفه! فماذا عن سوريا وقد أمضى السنوات الدموية الماضية وهو يدوّن ويحصي الموتى، وينمق الكلمات، ويذرف دموع التماسيح هنا وهناك على أطهار الشام وأخيارها… ويردد بان كي مون هذه التوصيات الفارغة مستمرا في سياسة المماطلة، في الوقت الذي تتساقط فيه أشلاء المزيد من الأطفال وتتعلق الأنظار في السماء مترقبة براميل الموت والغدر من بشار.
إن هذا التقرير صفعة في وجه جنيف2 ومن روج له، فمثل هذا التآمر والفشل في العلاج وتضييع الحقوق هو نتيجة حتمية لتضييع حق الله والتحاكم لغير الشريعة الغراء، ركضوا للدائرة المستديرة ليجلسوا إلى من ارتكب هذه الجرائم.
فلتكن هذه الدائرة المستديرة رمزاً لهذه المؤامرة على أطفال سوريا دون تفريق بين المجرم والشيطان الأخرس وسماسرة هذا المشهد الدموي.
وإن هذا المجتمع الدولي المشلول الذي يستندون إليه نحروا شعارات حقوق الطفل التي حملوها من الوريد إلى الوريد.
فقد ملأت صور ومشاهد الأطفال المصابين والمختنقين والذين ينتشلون من بين أكوام الحطام صفحات الإعلام البديل، واعتاد الناس رحلة المقابر لدفن أطفالهم، واحتل الموت والبرد والجوع الموقف، فأصبح من نجا من أطفالنا يحاكون واقع الموت والدمار حولهم وينسجون من صنوف اللهو الطفولي أشكالاً مأساوية تصدم الضمير الحي، فاقترن هذا المجتمع الدولي بالقتل والدمار وهتك الأعراض.
وإن من حضر وشارك ودعم جنيف2 لا يختلف عن واضعي هذا التقرير أو من يقبل بمبدأ المقارنة بين السفاح ومن يريد التخلص من شروره فهم جميعا متآمرون على أهل سوريا.
أما آن الأوان لهذه الجيوش أن تغضب وتغسل عنها العار.. إذا لم تغضب الجيوش لمثل هذا، فبالله متى تغضب؟! ثم ماذا نقول لأطفالنا في الشام؟! أنقول أن جنودنا نسوا القتال والحمية وتبرأوا من نجدة المستضعفين أنقول أن جنودنا مترفون منعمون يكاد الواحد منهم أن يُعصر من فرض اللين! أنقول جنودنا مجندون لحماية الطغاة تابعون لعقيدة عسكرية أساسها عاش الملك وعاشت أعلامه الملونة! فلننشر هذا التقرير الخبيث على صفحاتهم ومواقعهم لعل شيئاً فيهم يستيقظ، ولنذكرهم أن كل طفل تعرض لأذى هو خصيمهم أمام رب العباد يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.. إن هذا العار سيلاحقكم للممات وستتذكر الأجيال القادمة تآمر الأوغاد على ذراري المسلمين وجيوشهم مرفهة تنعم برغد العيش وتحمي الفراعنة وهم أدرى الناس بفسادهم.. فماذا أنتم قائلون لربكم!! بالله ماذا؟
ما أقرب الفحم للألماس الحر فكلاهما مشترك في الأصل الكربوني والنمو البلوري، لكن شدة الحرارة والضغط لفترة طويلة يحولان الكربون العادي لتركيبة فريدة من نوعها تتميز بأنها أصلب عنصر أحادي عرفه الإنسان، كلمة (diamond) مشتقة من الكلمة اليونانية القديمة “Adamas” وتعني الصلابة أو “مُحال التطويع”.
هذا العنصر الصلب البراق أصبح أسطورة عند الإنسان، وقد حاول أن يوجد ظروفاً مشابهة لصنع الألماس في مصانع فأنتج للأسواق أحجاراً براقة في 4 أيام فقط إلا أنها لم تصل للأصل بحيث تكشفها كل عين حاذقة.
هذه الرحلة الأسطورية من الضغط والحرارة وطول الرحلة هو ما يميز الأصل عن التقليد.
وهذا ينطبق على أهل الشام الأحياء منهم والأموات، فهم طراز فريد من البشر متفرد عن غيره مثل عقد الألماس الحر، وإن صراعهم الأسطوري مع المجرم السادي لم يزدهم إلا نقاءً وثباتاً.
هذه الشام الماسة هي عقر دار الإسلام التي لم يركع أهلها ولم تستسلم أمهاتها وهن يرين رأي العين ما يحدث لأبنائهم.
إن هذه الأرض المباركة هي فسطاط المسلمين، يجتمع عليها أهل الخير والصلاح في آخر الزمان وتهف القلوب إليها فيرونها ماسةً بهية وكم تركت وراءها من ركام من الفحم البخس.
﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ﴾
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم يحيى بنت محمد