مع الحديث الشريف ما جاء في الإمام العادل
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في تحفة الأحوذي، في شرح جامع الترمذي “بتصرف” في بَاب “مَا جَاءَ فِي الْإِمَامِ الْعَادِلِ”
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “إِنَّ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَجْلِسًا، إِمَامٌ عَادِلٌ وَأَبْغَضَ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ وَأَبْعَدَهُمْ مِنْهُ مَجْلِسًا، إِمَامٌ جَائِرٌ”.
قوله: (إن أحب الناس) أي: أكثرهم محبوبية قاله القاري، وقال المناوي أي: أسعدهم بمحبته، (وأدناهم) أي: أقربهم (منه مجلسا) أي: مكانة ومرتبة قاله القاري، وقال المناوي أي: أقربهم من محل كرامته وأرفعهم عنده منزلة (إمام جائر) أي: ظالم.
يروى عن القاسم بن مخيمرة قال: “إنما زمانكم سلطانكم، فإذا صلح سلطانكم، صلح زمانكم، وإذا فسد سلطانكم، فسد زمانكم”، ويروى أنه لما تولى الخليفة عمر بن عبدالعزيز الخلافة، بعث إلى الحسن بن أبي الحسن البصري يسأله عن صفات الإمام العادل، فكتب البصري: اعلم يا أمير المؤمنين أن الله جعل الإمام العادل قوام كل مائل، وقصد كل جائر، وصلاح كل فاسد، وقوة كل ضعيف، ونصفة كل مظلوم، ومفزع كل ملهوف.. والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالراعي الشفيق على إبله، والحازم الرفيق الذي يرتاد لها أطيب المراعي، ويزودها عن مواقع الهلكة، ويحميها من السباع، ويكنفها من أذى الحر والضرر والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالأم الشفيقة البرة الرفيقة بولدها، حملته كرها، ووضعته كرها، وربته طفلا، تسهر لسهره وتسكن لسكونه، ترضعه تارة وتفطمه أخرى، وتفرح بعافيته وتغتم بشكايته.
أيها المسلمون: أين هذه الصفات من حكامكم؟ ألا ترون ما أنتم فيه؟ كنا في البداية نرى حكامنا مقصرين، ثم أصبحنا نراهم خائنين، ثم ها نحن اليوم نراهم قد جمعوا الفجور والكفر والفسق من أطرافها. فالصور أسكتت ألسنتنا في أوصافهم، ولم تعد كلمات العربية تسعف في بيان حقارتهم وفجورهم بحق أمتهم، فلم نعد نتحدث عن عدلهم أو عدمه، فكيف ستكون منزلتهم يوم القيامة من الله؟ نسأل الله العفو والعافية.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.