Take a fresh look at your lifestyle.

شعاع نور من تونس الخضراء

 

لا زال أتباع الأحزاب العلمانية وأصحاب المراكز والمناصب – من أهل تونس – ينشغلون بوضع الدساتير، وتبديل حكومة مكان أخرى، والتحضير لانتخابات جديدة… وينشغلون بالبحث هنا وهناك عن أسباب الفتن وحوادث القتل والتصفيات السياسية المدبرة بليل، لإشغال الناس والإيقاع فيما بينهم.. ويتناسى هؤلاء وهؤلاء ممن يسمون أنفسهم ساسة ومسؤولين، يتناسون الوضع المزري المتردي الذي يعيشه الناس في تونس وخاصة الطبقة الفقيرة منهم… ويتناسون ما يدبره الكفار لتونس من مشاريع سياسية الهدف منها تغريب الناس عن دينهم وحضارتهم المستقيمة، ويتناسون ويتغافلون عن النهب الاقتصادي الذي تمارسه الشركات الكافرة في طول البلاد وعرضها، لاستخراج ثروات تونس الظاهرة والباطنة لصالحها، بينما يحرم أهل تونس ممن يعيشون في فقر مدقع من هذه الثروات، فينطبق عليهم قول الشاعر:

أحرامٌ على بلابله الدوح * * * * * حلالٌ للطير من كل جنس

ويتناسى ويتغافل هؤلاء وهؤلاء – ممن يسمون أنفسهم ساسة – الهجرات اليومية من تونس إلى بلاد أوروبا وغيرها بسبب الفاقة والحاجة، وبسبب البطالة التي وصلت إلى أرقام خيالية داخل تونس!!..

وبين هذا التضليل وذاك؛ مما يحاك لإبعاد الناس عن طريق الخلاص الصحيح، تقف ثلة واعية قد آمنوا بربهم – وزادهم الله علمًا وهدىً وتقى – يقفون على أبواب الطرق والسبل مما يقف عليها شياطين الإنس ويدعون لها.. يقفون ويصرخون بأعلى أصواتهم: ﴿وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾، ويقفون في كل نادٍ وكل مكانٍ في أرض الضياء الخضراء يقولون للناس: (إن طريق العزة هو بالسير على درب الله عز وجل، وليس بالسير على درب أمريكا وأوروبا.. إن طريق النجاة والنجاح والفلاح هو طريق الله المستقيم، وإن غيره من طرق هو الشقاء والتعاسة والعنت والتنكب) ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾.

إن هؤلاء الشباب ممن آمنوا بربهم وآمنوا بأن الإسلام هو الحل لمشاكل الأمة جميعا – ومنهم أهل تونس الضياء – وآمنوا بأن الغرب ومكره وكفره وعملاءه من السياسيين هم وراء كل المصائب التي تحدث في أرض تونس.. هؤلاء الشباب قد زادهم الله وعياً، وبصيرةً ودراية وفهما في شئون الإسلام وفي طريق النجاة الصحيح… فحملوا مشعل النور هذا، ووقفوا وسط هذا الظلام الدامس.. حملوا دستوراً كاملا شاملا يستند في كل جزئية إلى شريعة الله (الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد).. ووضعوه بجانب دستور لا يستند إلى شريعة الله في شيء؛ لا في الأسس ولا في الفروع، إنما يستند إلى قوانين أمريكا وأوروبا في الحريات الهابطة والديمقراطية المعوجة – التي لم تطبق حتى في أرضها – ثم قام هؤلاء الشباب الواعون ببيان الخطوط العوجاء أمام أعين الناس من خلال بيان زيف واعوجاج هذا الدستور الوضيع، ورسم الخط المستقيم من خلال الدستور الشرعي الذي استنبطه العلماء المخلصون والعاملون بصدق في طريق إنقاذ الأمة والأخذ بيدها…

إن مما يثلج الصدر أن هذا الفكر الرباني الهادي يلقى قبولا وترحابا في كل الأوساط في تونس، ويزداد أتباعه في كل الميادين والشرائح المجتمعية داخل تونس، وفي الوقت نفسه تتكشف أوراق الفئة المقابلة المعوجة الهابطة؛ من سياسيين وأصحاب مراكز داخل تونس، وتزداد قناعة الناس يوما بعد يوم أن هذا الدستور لا ينقذ تونس ولا يخرجها من الحفرة العميقة التي تعيش فيها، ولا من النفق المظلم الذي حفر لها!!.

إن الصورة المشرقة الوضاءة في الارتفاع الفكري والصعود في درب النهضة الصحيحة داخل تونس لتذكرنا بالصورة المشرقة التي مر بها مصعب بن عمير رضي الله عنه في بدايات الدعوة داخل المدينة المنورة، حيث بدأ رضي الله عنه ينشر الخط المستقيم، حاملا مشعل الهداية من القرآن الكريم مما حفظ في صدره، ويضعه بجانب الخطوط العوجاء يكشفها، ويفضح زيفها وأباطيلها، ثم لا يلبث الناس أن يدخلوا في دين الله أفواجا واحدا تلو الآخر ليتوج بإسلام السادة والساسة في أهل المدينة حتى تصبح المدينة كلها إسلاما ونوراً وهداية!!..

وإن ما يحدث في أرض تونس الضياء هو قريب إلى حد بعيد من هذه الصورة المشرقة، ولن تقوى القوى الأخرى على مناهضة الفكر الصحيح ومجاراته، وخاصة أن الواقع يزداد انحدارا في كل أعمالهم وكذبهم واحتيالهم، بل إن الناس في تونس الضياء ينظرون في كل العالم الإسلامي من الدول المحيطة بهم والبعيدة عنهم فيرون أن الدساتير الهابطة لا تزيد الناس إلا ضنكاً وشقاء فوق ما هم فيه من ضنك وشقاء!!..

وإننا نتوجه بالنصح للثلة المؤمنة من الواعين المخلصين – والدين النصيحة كما قال عليه الصلاة والسلام – نقول لهم:

1- إن الله عز وجل وعد ووعده الحق بأن الباطل يذهب ويزهق ويذهب جفاء مهما علا وطغى، وأن الحق يمكث في الأرض حتى ولو كان قليلا في بداية الأمر… لأن الله عز وجل يرعاه ويؤيده قال تعالى: ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ﴾.

2- إن هذا الدستور الباطل الذي صاغته أيدي الظلم والضلال سيظهر أثره عاجلا في الأمة وسوف تقوم عليه – كما قامت على سلفه – عما قريب لأنه شوك لن ينتج إلا الجراح فوق جراح أهل تونس…

3- إن قناعة الناس بالإسلام والحل الإسلامي تزداد يوما بعد يوم كلما ظهر أثر الفساد في الدولة والمجتمع

4- إن كل من سار أو شارك الفساد من الفئات التي تسمي نفسها إسلامية أو وطنية أو غير ذلك إنما أوقعت نفسها في دائرة الموت السياسي وسوف تلفظ أنفاسها قريبا عندما تلفظها الأمة.

5- إن أهل القوة من الجيش هم جزء من الأمة، وإن ما يحصل في الأمة يحصل عندهم كذلك – من الوعي والتبصر، وسوف تصل الأمور إلى حد يدرك فيه هؤلاء العسكريون أن الحل هو بخلع الفساد ووضع الصلاح والاستقامة مكانه..

6- إن عناية الله ورعايته هي فوق كل رعاية، وإن الله عز وجل وعد أهل الإخلاص والتقوى بالتأييد والنصر، وإن ما يحصل في تونس اليوم هو من مقدمات التأييد الرباني، وسوف يتوج هذا التأييد الرباني عما قريب بنصر مؤزر لأهل تونس الخير، تبدأ فيه شرارة التغيير نحو الخير تماما كما بدأت ضد الظلم والتسلط والجبروت.

نسأله تعالى أن يكرم أهل تونس بالخير القريب لتكون تونس كما كانت منارةً للخير والعطاء، وبداية لفاتحة جديدة نحو الخير العميم بإذنه تعالى… آمين يا رب العالمين.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حمد طبيب – بيت المقدس

 

 

2014_02_19_Art_Light_from_Tunisia_AR_OK.pdf