Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق هل يمكن لأئمة الاستعمار أن يكونوا دعاة سلام أو حماة للمسلمين


الخبر:

نشرت الجزيرة نت خبر زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لأفريقيا الوسطى، تحت عنوان “هولاند يدعو من أفريقيا الوسطى لعدم تقسيمها”، وذكرت أنه دعا لنزع سلاح المليشيات التي تقاتل المسلمين هناك. وتفقد هولاند أسلحة وذخائر صادرها الجنود الفرنسيون من الجماعات المتحاربة، وادعى أن القوات الفرنسية ستقوم بنزع أسلحة المليشيات والعصابات التي “ترهب السكان المسلمين”، ودعا إلى إعادة النظام العام لإنجاز “الانتقال السياسي” وتنظيم انتخابات عامة. وكانت باريس قد أرسلت ألفي جندي منذ أربعة أشهر، كما يوجد نحو ستة آلاف من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، ومن المقرر أن يرسل الاتحاد الأوروبي نحو ألف جندي.


التعليق:

إن تاريخ فرنسا حافل بإراقة دماء المسلمين في أفريقيا وفي غيرها، وإن استعمارها لأفريقيا الوسطى حقيقة تاريخية لا يمكن القفز عنها، وهي التي مكّنت الصليبيين فيها تحت شعار الاستقلال الكاذب من الهيمنة على المسلمين فيها. ولن يتمكن الرئيس الفرنسي من تحسين صورة بلاده وإخفاء وجهها الاستعماري القبيح من خلال التغني بدعاوى السلام ووقف القتل ونزع السلاح ووحدة البلاد.

ومن المعلوم تاريخيا أنه لما حاولت أمريكا الزحف نحو أفريقيا عبر إثارة شعوب أفريقيا (بالتوافق مع روسيا) تصدت فرنسا لتلك المحاولات، ومكّنت رجالاتها من جديد من مقاليد البلاد، وهكذا ظلت فرنسا تقاوم أي نفوذ غير نفوذها فيها، عبر الانقلابات أو الانتخابات الكاذبة.

وأمام هذه الحقائق، هل يمكن لعاقل أن يصدق أن دولة ذات تاريخ استعماري بشع كفرنسا يمكن لها أن تتحرك بدوافع إنسانية أو من أجل مصلحة أفريقيا الوسطى؟

إن فرنسا تريد أن تديم وجودها العسكري في البلاد عبر السباحة في نهر من دماء المسلمين. وقد قامت المليشيات الصليبية بجرائمها في الحرق والنهب والتدمير للبيوت والمساجد والمدارس وقتل المسلمين وأكل لحومهم تحت عين وبصر القوات الفرنسية. وقد توثق تواطؤ فرنسا ضمن تقارير الأمم المتحدة، التي اتهمت فرنسا بدعم المليشيات ضد المسلمين، بينما نزعت سلاحهم انتقائيا، على عكس ما يتغنّى به الرئيس الفرنسي باطلا من نزع سلاح من يرهبهم، كما جاء في الخبر.

ولذلك فإن فرنسا متواطئة على قتل المسلمين، وهي شريكة في جرائم الإبادة التي يتعرض لها المسلمون في أفريقيا الوسطى والتي وصلت إلى أكل لحومهم بشكل حيواني بشع من قبل المليشيات الصليبية التي تدعمها فرنسا بدوافع صليبية استعمارية تاريخية.

وواقع التحركات الفرنسية أنها تأتي في سياق الصراع على النفوذ في البلاد: وخصوصا في ظل محاولة أمريكا لسحب البساط من تحت أرجل فرنسا، عبر دعم وتمويل القوات الأفريقية، واستغلال مطالبات الناس بإحلال القوات الأفريقية وعبر منابر الأمم المتحدة في محاولة لبسط نفوذها. ولذلك تصدت فرنسا للمصالح الأمريكية بتعزيز القوات الدولية بالقوات الأوروبية (حسب الخبر) وهي التي تحقق مصالحها، إضافة إلى ما أرسلته من تعزيز للجنود الفرنسيين خلال الشهر الماضي.

وإن هذا التواطؤ الفرنسي والخلفية الاستعمارية الحاقدة يقتضي من الإعلام الذي يريد أن يعبر عن مكنون الأمة:

(1) أن يكشف للأمة الإسلامية واقع فرنسا وعداءها واستخفافها بدماء المسلمين ونظرتها الاستعمارية ولهثها خلف مصالحها في البلاد على حساب دماء المسلمين.

(2) أن يكشف أن ما يجري من شلال دماء المسلمين ما هو إلا قرابين على مذابح الصراع على المصالح والنفوذ بين أمريكا وفرنسا.

(3) أن يبين معادلة الحل، والتي تقضي بأنه لن يوقف هذا الصراع على المصالح إلا قيام الأمة وجيوشها بدورها في صد العدوان عن المسلمين.

لا شك أن هذا التحدي الاستعماري المكشوف للأمة الإسلامية، وإراقة دماء المسلمين في أفريقيا الوسطى يوجب على الأمة وقفة صادعة بالحق، فالمسلمون أمة واحدة، وكما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: «الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ».

أما ما خلّفه التلويث الفكري الاستعماري من تقسيم الأمة تحت دعاوى الشأن الداخلي والسيادة الوطنية فهي ذرائع لاستمرار الهيمنة الاستعمارية ونهب خيرات أفريقيا، وهي تزرع كقنابل على طريق تحرر الأمة ووحدتها، وقد آن للمسلمين أن يعلنوا وحدتهم العقدية وأن يعملوا لوحدتهم السياسية في كيان سياسي جامع يحرّك جيوشه كلما انتهكت كرامة مسلم أو أريق دم مسلمة، لتجدد الأمة قيمة “وا معتصماه” التي سطرها التاريخ في صحائف من نور.

﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتكُمْ أُمَّة وَاحِدَة وَأَنَا رَبّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الدكتور ماهر الجعبري
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في فلسطين