Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق تحرير الأسرى لا يكون بالاستخذاء والاستجداء


الخبر:

تحت عنوان “الفلسطينيون يهددون باللجوء إلى المؤسسات الدولية إذا أوقفت إسرائيل الإفراج عن الأسرى”، أوردت جريدة “الشرق الأوسط” خبرا جاء فيه: يتجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى تنفيذ الاتفاق الخاص بالإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين المقررة نهاية الشهر الحالي، على الرغم من المعارضة الإسرائيلية المتزايدة لهذه الخطوة. ويأتي ذلك بينما هدد الفلسطينيون بالتوجه إلى مؤسسات الأمم المتحدة إذا أوقفت إسرائيل عملية الإفراج عن الأسرى.

 

التعليق:

جاء في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فُكُّوا العَانِيَّ يَعْنِي الأسِيرَ وأطْعِمُوا الجَائِعَ وعُودُوا المَرِيضَ»، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ فَدَى أَسِيرًا مِنْ أَيْدِي الْعَدُوِّ فَأَنَا ذَلِكَ الأَسِيرُ». رواه الطبراني في الصغير.

لذلك فقد كان المسلمون يهتمون بفكاك الأسرى اهتماما لا يضاهيه اهتمام، ويحرصون على تخليص أسرى المسلمين من يد أعدائهم، ولو كلفهم ذلك الأرواح والمهج والأموال وفلذات الأكباد.

وتاريخ المسلمين حافل بما قام به خلفاؤهم، في سبيل فكاك أسرى المسلمين، ومن ذلك ما قاله صاحب فتوح الشام حيث قال: لما وصل خبر أسر عبد الله بن حذافة لعمر بن الخطاب كتب عمر إلى هرقل: (بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، وصلى الله على نبيه محمد المؤيد. من عبد الله عمر بن الخطاب أمير المؤمنين أما بعد: فإذا وصل إليك كتابي هذا فابعث إلي بالأسير الذي عندك وهو عبد الله بن حذافة فإن فعلت ذلك رجوت لك الهداية وإن أبيت بعثت إليك رجالا وأي رجال!؟ رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، والسلام على من اتبع الهدى وخشي عواقب الردى). فلما ورد هرقل الكتاب وقرأه أعطى عبد الله مالاً كثيراً وثياباً وأعطاه لؤلؤاً كثيراً هدية لعمر بن الخطاب، وبعث معه خيلاً إلى أن أخرجوه من الدروب ثم إنه سار إلى عمر بن الخطاب، فلما رآه سجد لله شكراً، وهنأه بالسلامة، وحدثّه بما كان من هرقل، وأخرج له اللؤلؤ، فلما رآه عمر، عرضه على التجار، فقالت التجار له: هذا ما يقوم.

أما عمر بن عبد العزيز لما سمع بأن أحد المسلمين وقع أسيرا في يد الروم بكى حتى قد بلتّ دموعه ما بين يديه. ثم كتب إلى صاحب الروم (أما بعد: فقد بلغني خبر فلان ووصف صفته، وإني أقسم بالله لئن لم ترسل به إلي لأبعثن إليك من الجنود ما يكون أولهم عندك وآخرهم عندي). فلما قرأ ملك الروم الكتاب قال: ما كنا لنحمل الرجل الصالح على هذا بل نبعث بالأسير. وأطلق سراحه.

بل لقد رتب المالكية طرق إنقاذ الأسرى في كتاب قوانين الأحكام الشرعية على النحو التالي: أولاً: استنقاذهم من خلال تسيير الجيوش والتهديد بذلك، ثانيا: العمل خلف خطوط العدو لفك الأسرى، ثالثاً: الفداء: ويكون بالمال وبالمبادلة بين الأسرى أو بأن يقوم بأي نوع من المبادلة كالتعليم والعمل وغيره.

نعم هكذا كان المسلمون يقومون بفكاك أسراهم من بين يد أعدائهم، فهم لم يُسْلِمُوهم يوما لأعدائهم، حاشاهم، ولم يتركوهم في أيديهم دون أن يحركوا ساكنا لتحريرهم، كما يفعل المسلمون اليوم، وقد غصت سجون الظالمين والمحتلين أيضا في العراق وأوزباكستان، وفي سوريا وأفغانستان، وفي فلسطين وقرغيزستان، وفي غيرها من البلاد بالمسلمين والمسلمات، الذين تتعالى صرخاتهم، وتتوالى استغاثاتهم بالمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، ليحرروهم ويفكوا أسرهم، حتى وصلت الحال بإحدى الأسيرات في سجن أبو غريب أن تبعث برسالة تتوسل فيها للمجاهدين في العراق بأن يدمروا ذلك السجن على من فيه من مسلمين وكفار، علّها تتخلص من العار الذي لحق بها وبأخواتها المسلمات، بل وليس كما تفعل السلطة الفلسطينية الذليلة بالاستخذاء ليهود أجبن خلق الله لإطلاق سراح الأسرى، أو تهديدهم بالوقوف على عتبات مؤسسات الأمم المتحدة!، التي كانت دولها سببا في إقامة كيان يهود في قلب الأمة الإسلامية، تستجديها وتتوسل إليها للتوسط عند كيان يهود لتنفيذ ما يسمى الاتفاق الخاص بالإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين.

من الممكن، بل الطبيعي أن يقع بعض المسلمين أسارى في أيدي أعدائهم، لكن ما هو ليس من الطبيعي أن يسكت المسلمون أو يتخاذلوا عن نصرتهم وتحريرهم، مثلما هو حاصل اليوم للأسف، كما أنه ليس من الطبيعي أن يستجدي المسلمون أعداءهم، أو يلجئون إلى مؤسسات الإجرام الدولية لإطلاق سراح أسراهم، بل تحرير الأسرى وإطلاق سراحهم يكون بتجييش الجيوش لدك حصون الأعداء؛ وذلك لن يقوم به حكام المسلمين الرويبضات؛ لأنهم جزء من المؤامرة الدولية على المسلمين، وقد امتلأت سجونهم هم أيضا بالمسلمين المخلصين، والمسلمات العفيفات الطاهرات، وإنما من سيقوم بذلك هو خليفة المسلمين القادم قريبا إن شاء الله؛ لذلك توجب على المخلصين من أهل القوة والمنعة من المسلمين، أن يعطوا النصرة لحزب التحرير لإقامة دولة الخلافة، ومبايعة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة خليفة للمسلمين، ليخرج المعتقلين من سجون الظلمة حكام المسلمين، ويحرر الأسرى من سجون الكافرين.

وأختم مذكرا أبناء الأمة المخلصين من أهل القوة بهذه الأبيات لعلها تذكرهم بدورهم الذي أوجبه عليهم دينهم، أو لعلها تحرك فيهم نخوة المعتصم:

أتسبى المسلمات بكل ثغر * وعيش المسلمين إذا يطيب

أمـــــــا لله والإسلام حـق * يدافع عنه شــــــبان وشيب

فقل لذوي البصائر حيث كانوا * أجيبوا الله ويحكم أجيبوا

اللهم هيئ للمسلمين خليفة، يمسح عنهم العار، ويصحح لهم المسار. يطلق سراح معتقليهم من سجون الظالمين، ويحرر أسراهم من سجون الكافرين. اللهم آمين.

 

 


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد عبد الملك