Take a fresh look at your lifestyle.

قل كلمتك وامش – سنون من عمر النكبة ح1  

مخطئ من يظن أن نكبة المسلمين في فلسطين بدأت عام 1948م، ومها كان ما حدث عام 1948م إلا فصلا ً من فصول النكبة ومرحلة من مراحلها.

وفي اعتقادي أنه لا يجوز أن يقال بأننا نحيي الذكرى الحادية والستين لنكبة فلسطين وذلك لأمرين اثنين: أولهما، أن النكبة لم تحصل عام 1948م كما أسلفنا، وثانيهما أن النكبة لم تنته فصولها ولم تنسى حتى يقال نحيي ذكراها.

إن المدقق يجد أن جذور نكبة المسلمين في فلسطين إنما ترجع إلى زمن الحروب الصليبية إن لم تكن قبل ذلك. الحروب الصليبية التي أشعلها الغرب الصليبي الحاقد على الإسلام والمسلمين وجاء إلى الشرق بجيوشه الجرارة وقضه وقضيضه ليقضي على الإسلام والمسلمين. نزلت الجيوش على ساحل بلاد الشام على البحر المتوسط، واحتلت معظم ساحل بلاد الشام، وقد كان مما احتله الصليبيون درة البلاد بيت المقدس مسرى الرسول – صلى الله عليه وسلم- حيث يوجد المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ولقد ارتكب الصليبيون من المجازر والفواحش ما يعجز القلم عن كتابته حتى إن فرسان الصليب كانوا يرسلون الرسائل إلى ذويهم في أوروبا بأنهم يكتبون رسائلهم وقوائم خيولهم تغوص في دماء المسلمين حتى الركب. لم يترك هؤلاء الصليبيون الحاقدون فعلا ً منكرا ً إلا ومارسوه مع المسلمين.

بقي الصليبيون في فلسطين وبلاد الشام ما يقرب من قرنين من الزمن، ودامت مملكتهم النصرانية الصليبية في القدس ما يقرب قرن من الزمن، استجمع المسلمون في هذه المدة قواهم والتقطوا أنفاسهم وهيأ الله – سبحانه وتعالى- لإصلاح المسلمين قادة كرسوا حياتهم لنوال رضوان الله وقاموا بالكثير من الأعمال والأفعال والأقوال لتحقيق ذلك الهدف وعلى رأس هذه الأعمال إخراج الصليبيين من القدس والقضاء على دولتهم فيها وتطهير المسجد الأقصى  من رجسهم ودنسهم حيث كانوا قد حولوه إلى اصطبل لخيولهم مانعين الصلاة فيه، فكانت المعارك مع الصليبيين والمسلمون بقيادة عماد الدين ونور الدين ومن بعدهم الناصر صلاح الدين الذي شرفه الله – تعالى- بأن فتحت القدس على يديه وطرد الصليبيين منها وطهر المسجد الأقصى المبارك من رجسهم ودنسهم، وكان ذلك الفتح بتوفيق الله – سبحانه وتعالى- في السابع والعشرين من رجب ذلك العام أي في ذكرى الإسراء والمعراج، ومن جميل ما يروى أن صلاح الدين – رحمه الله رحمة واسعة- أنه عندما سئل لم لا تبتسم أجاب كيف أبتسم والأقصى بيد الصليبيين، ويروي المؤرخون عنه أثناء الحصار أنه كان لا يُرى في الليل إلا متفقدا ً للجند، أو قائما ً يصلي لله – تعالى- أو قارئا ً للقرآن. وبعد ذلك جرى دحر الصليبيين من جميع بلاد الشام, وبذلك تكون قد انتهت المرحلة الأولى من احتلال فلسطين ونكبة المسلمين فيها.

بقيت الأمور بين مد وجزر إلى أن جاء العثمانيون وتولوا أمر المسلمين وأصبحوا سلاطينهم وخلفاءهم حيث ورثوا الخلافة عن بني العباس، وقد قام العثمانيون بحماية الإسلام والمسلمين أكثر من خمسة قرون، كما أنهم رفعوا راية الإسلام عالية خفاقة فوق معظم ربوع أوروبا حتى وقفت خيولهم على أسوار فيينا عاصمة دولة النمسا.

بدأ الغرب الصليبي الحاقد مرة أخرى في التفكير بالقضاء على الإسلام والمسلمين واحتلال أراضيهم من جديد، فأخذوا يحبكون المؤامرات ويدسون الدسائس  ويشعلون الثورات في أجزاء من أراضي الدولة الإسلامية, وفي أواخر عهد الدولة العثمانية رأى الغرب الكافر وعلى رأسه بريطانيا راس الكفر ممثلة للصليبيين الأوروبيين أن الفرصة قد تلوح بالأفق للقضاء على الدولة العثمانية دولة الخلافة وتمزيقها إلى نتف صغيرة وحارات لا تستطيع أن ترد عدوا ً أو تقف في وجه طامع. ورأت بريطانيا أنه لا بد من زرع كيان غريب في قلب العالم الإسلامي ليكون خنجرا ً مسموما ً يحركه الكقر متى شاء ضد المسلمين، وللحيلولة دون توحيد المسلمين مرة أخرى في دولة الخلافة.

لم تر بريطانيا المجرمة أفضل من اليهود للقيام بذلك فبدأت تحركهم للمطالبة بفلسطين لإقامة ذلك الكيان الغريب محققة هدفين بحجر واحد: الهدف الأول هو ما ذكرناه قبل قليل وهو أن هذا الكيان سيكون خنجرا ً مسموما ً لقتل المسلمين، والهدف الثاني هو التخلص من اليهود وشرورهم التي لا تعد ولا تحصى من الربا وإشاعة الفاحشة والزنا و الدسائس والمؤامرات. فقد كان اليهود مكروهين كراهية شديدة من قبل أهل أوروبا النصارى وكذلك من أهل أمريكا.

نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة وسنتعرض في الحلقة القادمة إلى مراحل أخرى من مراحل نكبة المسلمين.

وفي الختام أسأل الله – تعالى – أن يوفق العاملين المخلصين لرفع راية الإسلام وإعلان الجهاد لتحرير فلسطين وغير فلسطين من البلدان التي احتلها أعداء الله ورسوله إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

أخوكم، أبو محمد الأمين.