خبر وتعليق الانتخابات الديمقراطية الوسيلة الوحيدة لإضفاء شرعية على الغزو الاستعماري (مترجم)
الخبر:
تنهمك جميع وسائل الإعلام التي تعمل لحساب الغرب، دون كلل أو ملل، في الترويج والقول بأن “الناس في هذا اليوم 16/ حَمَل (5 نيسان/أبريل) سيقومون بالتصويت لمرشحهم المفضل الذي سيحكم أفغانستان لفترة تمتد خمس سنوات. وتضيف أن الرئيس الجديد سيتم انتخابه على أساس غالبية الأصوات من خلال عملية نزيهة وشفافة، وأن أفغانستان ستسير في الاتجاه الذي يريده الشعب الأفغاني”.
التعليق:
إن الانتخاب في الأصل عمل مباح، لكن ما يجعله حراماً هو الهدف منه. فالانتخابات الديمقراطية القائمة على أساس أغلبية (50+1) هي في الحقيقة كذبة ومحرَّمة شرعاً، لأنها تعطي السيادة للإنسان وتمنحه من خلال الأغلبية حق التشريع. وبالإضافة إلى ذلك، لو نظرنا إلى مفهوم “الانتخابات الحرة”، لن نجد صعوبة في الاستنتاج أنه من المتعذر إجراء انتخابات حرة ونزيهة في ظل وجود القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان. إنما يستخدم الغزاة هذه العملية المزورة في الواقع لإضفاء نوع من الشرعية على وجودهم في هذا البلد كما حدث ويحدث في كثير من بلاد المسلمين الأخرى. كما أن الهدف الحقيقي للحكام هو ليس حماية الشعب، بل حماية مصالح أسيادهم. ومن أوضح الأمثلة التي تثبت صحة ما ذهبنا إليه الاستفتاءُ الذي أجري مؤخراً في القرم والانتخابات الأفغانية والتناحر الداخلي بين أردوغان وغولان في تركيا.
لقد كان عدد المقترعين في الانتخابات الأفغانية السابقة متدنياً للغاية، ما جعل النظام برمّته والعملية الديمقراطية كاملةً موضع شك وريبة. حيث لم يشارك في تلك الانتخابات من بين 30 مليون نسمة سوى 4 ملايين مقترع، وكان قسم كبير من الأصوات مزوراً. فقد نال حامد كرزاي من تلك الملايين الأربعة مليوني صوت فقط. ولو تم التدقيق أكثر في هذين المليونين من الأصوات لثبت أنه ضمن هذه الأغلبية كانت هناك أصوات مزورة، ما يمكن أن يخفض عدد الأصوات التي زعم أنه نالها إلى أقل من مليون صوت. وهذا هو السبب وراء قيام وكالات الاستخبارات الغربية، من خلال المنظمات العميلة لها وشركات الأمن والحماية الخاصة التابعة لها، بإطلاق حملة محمومة من التفجيرات، وإجراء المقابلات وعقد اللقاءات مع من يسمون علماء وإعلاميين ومسؤولين رسميين وممثلين من منظمات المجتمع المدني، كي يتكاتفوا جميعاً مكرّسين جهودهم لإيجاد رأي عام مؤيد للانتخابات وإظهارها على أنها الفرصة الوحيدة المتاحة أمام الناس لتغيير مستقبلهم، وأنه لن يكون في مقدورهم كبح تأثير ونفوذ “الإرهابيين والمتطرفين” إلا من خلال التصويت في الانتخابات. لكن الحقيقة والواقع أن الناس جُعلوا بواسطة هذه الحملة السلبية انفعاليين لا فاعلين، وتم تضليلهم بإيهامهم أن أصواتهم هي التي ستلحق الهزيمة بهؤلاء الذين يخلقون الفوضى في أفغانستان.
بالرغم من ذلك كله، فإن مسألة عدم نية 60% من الناس في المقاطعات الجنوبية والشرقية المشارَكة في الانتخابات ما زالت قائمة، إذ إن جميع المناطق هناك فيما عدا مراكز هذه المقاطعات هي خارج سيطرة الحكومة. كما أن أعداداً لا يستهان بها من الناس في وسط وشمال وشمال غرب أفغانستان قد علموا بحرمة الانتخابات الديمقراطية في الإسلام، ولذلك لن يشاركوا فيها. غير أن وكالات هذه الحكومة الفاسدة وعلى الرغم من ذلك ستضع أصواتاً مزورة في الصناديق وتحملها إلى المركز لإحصائها من أجل إظهار الانتخابات بمظهر الانتخابات الناجحة.
كما أننا لو نظرنا إلى العملية الانتخابية وعدد الناس الذين سيصوتون في الانتخابات، فسنجد مرة أخرى أن أقلية من الناس ستقترع، ثم يجري إظهار ذلك على أنه إنجاز كبير للديمقراطية في أفغانستان. ما يجعل الناس، من خلال استخدام هذه العملية المزورة، يشعرون كما لو كان تصويتهم سيؤدي إلى انتخاب أشخاص يلبون طموحاتهم.
إن الأمر الواضح الجليّ أن الناس في أفغانستان يريدون الإسلام، وهذا هو ما دفعهم لمحاربة بريطانيا والاتحاد السوفييتي، وجعلهم يحاربون الآن أميركا وحلف شمال الأطلسي. زد على ذلك أن الشعب الأفغاني قد عاش وخبِر مكر النظام الديمقراطي العلماني وخداعه وفساده. ففي ظل هذا النظام الديمقراطي يُقتل المسلمون الأبرياء بصورة يومية، وتُنتهك حرمات بيوتهم، ويُساء إلى دينهم. ولم يرَ الشعب الأفغاني من البرلمان المنتخَب ديمقراطياً سوى الفقر والسلوكيات المنحطّة وتطبيق قوانين الكفر.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
سيف الله مستنير
كابل – ولاية أفغانستان