Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق عداء آل سعود للإسلام السياسي متجذر وليس وليد الساعة


الخبر:

نشر موقع بي بي سي في فقرة “عرض الصحف“، نطالع في صحيفة الفاينانشال تايمز مقالاً تحليلياً لرولا خلف تحت عنوان “السعودية: مملكة على أهبة الاستعداد”. وقالت خلف إن “صعود الإسلام السياسي في المنطقة، أزعج آل سعود، ودفعهم إلى اتخاذ نهج متزايد في التضييق على المعارضة في الداخل، كما أنها (السعودية) أضحت أكثر عدوانية في تعاملها مع الخارج”. وبحسب محلل سعودي رفض الكشف عن اسمه فإن “السعودية تغيرت اليوم، فلم تعد كالسابق أكثر حرصاً وأكثر دبلوماسية في تعاملاتها، إنما أضحت اليوم أكثر حزماً وأكثر شعوراً بجنون العظمة”. وأشارت خلف إلى أن “سياسة السعودية قد تكون منبثقة من أجل إحلال الاستقرار، إلا أنها قد تجني شيئاً آخراً مناقضاً تماماً”.

 

التعليق:

إن الإسلام السياسي لا يعني أن تصل الجماعات الإسلامية إلى الحكم، أو أن يصل بعض المسلمين إلى سدة الحكم، متخذين الإسلام وأحكامه وراءهم ظهريا، ومطبقين للأنظمة الديمقراطية العلمانية، إن الإسلام السياسي يعني أن يصل الإسلام بجميع أحكامه وتشريعاته إلى الحكم فيكون الدستور الذي يحدد شكل الدولة منبثقا من العقيدة الإسلامية، وتكون قوانينه التي تضبط سلوك الناس وتحكم علاقاتهم منبثقة من العقيدة الإسلامية.

هذا هو الإسلام السياسي، وهذا هو الإسلام الذي تخشاه الدول الغربية، وعملاؤها حكام المسلمين، ويسعون جاهدين لمنعه من الوصول إلى الحكم، لذلك فهم يحاربونه حربا لا هوادة فيها، يطاردون حملته ويلاحقونهم، يعتقلونهم ويسجنوهم، يسخرون ويستهزئون منهم، يصمونهم بالإرهاب والتطرف، يضيقون ويشدون الخناق عليهم، ويعتمون عليهم إعلاميا، ويحولون بينهم وبين الناس، لكي لا تصل دعوتهم لهم.

والسعودية مثلها مثل باقي الدول القائمة في العالم الإسلامي، لم تكف يوما عن محاربة الإسلام السياسي، لكنها ربما غرتها بعض الحدود التي تطبقها على أناس دون أناس، لتوهم البسطاء أنها دولة إسلامية، أو البيعة الكاذبة المزورة، التي يأخذها الملك من محاسيبه، ليوهم نفسه أولا ثم الناس أنه حاكم شرعي، وأن له حاضنة شعبية توطد دعائم عرشه، ولربما كانت مطمئنة نظرا لتعهد الدول الغربية لها وحمايتها.

لكن جاءت الثورات العربية، فرأى الملك كيف تساقط حكام تونس وليبيا واليمن ومصر كالفراش، لم تنفعهم الـ99,99%، ولم ينفعهم الغرب، بل تخلى عنهم ليطويهم التاريخ في مزابله، ورأى أن الناس في هذه البلاد وغيرها لما خيرت اختارت الإسلام رغم سنوات التضليل الطويلة، ثم جاءت ثورة الشام ثورة الأمة، لتعلن أنها ثورة إسلامية بامتياز، ولتتبنى مشروع الإسلام السياسي، وتعلن أن هدفها هو إقامة الخلافة الإسلامية، إضافة إلى أن هناك أصواتًا في نجد والحجاز بدأت ترتفع عاليا مطالبة بالتغيير.

هنا أفاق الملك من غفلته وأيقن أن كرسيه معوجة قوائمه، وأن حكمه مهدد، وأنه لم يعد إلا قاب قوسين أو أدنى ويصل الإسلام السياسي للحكم، فتكون خلافة على منهاج النبوة تطيح به في مهاوي الردى، ويصبح عبرة كأسلافه، هنا جن جنونه، وأصبح عداؤه للإسلام السياسي معلنا ومرئيا للجميع، بعد أن كان متسترا ومخفيا عن الكثيرين.

فأصدر أمرا ملكيا يجرم ما أسماه السعي لزعزعة النسيج الاجتماعي واللحمة الوطنية، أو الدعوة، أو المشاركة، أو الترويج، أو التحريض على الاعتصامات، أو المظاهرات، أو التجمعات، أو البيانات الجماعية بأي دعوى أو صورة كانت، أو كل ما يمس وحدة واستقرار المملكة بأي وسيلة كانت. كما جرّم حضور مؤتمرات، أو ندوات، أو تجمعات في الداخل أو الخارج تستهدف الأمن والاستقرار وإثارة الفتنة في المجتمع، والتعرض بالإساءة للدول الأخرى وقادتها. كما جرّم الأمر الملكي إصدار فتاوى للقتال في الخارج أو جمع التبرعات لجماعات إرهابية أو تجريم الدعوة. وبهذا يريد أن يمنع أي تحرك داخلي أو ثورة ضده لتطيح به وبنظام حكمه، وأن يمنع أي دعم مهما كان نوعه لثورة الشام؛ لأنه يدرك أنه في حال نجاحها وتحقيق مسعاها في إقامة الخلافة الراشدة، فإنها ستطيح به وبجميع الرويبضات أمثاله.

إنه يسابق قدر الله، ولكن هيهات هيهات فإن قدر الله نافذ لا محالة، وما هي إلا عشية أو ضحاها وينجز الله وعده لأوليائه، فيستخلفهم في الأرض، ويمكن لهم دينهم الذي ارتضى لهم، ويبدلهم من بعد خوفهم أمنا، وسيعلم حينها الرويبضة ملك السعودية، والرويبضات حكام المسلمين أي منقلب سينقلبون.

﴿وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ﴾ [سبأ: 38]




كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد عبد الملك